مجتمع

طفل فلسطيني يقلق الجيش الإسرائيلي ونساء «ميّاس» يضئن عتمة لبنان

بيدر ميديا.."

طفل فلسطيني يقلق الجيش الإسرائيلي ونساء «ميّاس» يضئن عتمة لبنان

مريم مشتاوي

 

يا ترى ما الذي يخيف جيش الاحتلال الإسرائيلي في طفل صغير، لا يتعدى عمره أشهراً قليلة؟ وما الذي يقلقهم في قميصه المنمنم؟!
جيش إرهابي، لطالما ألقى القنابل على الأطفال، وقام باعتقالهم وضربهم أثناء الاحتجاز وتخويفهم أثناء استجوابهم في غياب ذويهم ومحاميهم، مما سبب لكثيرين منهم أمراضاً نفسية وجسدية متعددة ناتجة عن الألم والرعب والقلق الذي يتعرضون له. جيش يعذب الأطفال ويناشد باحترام حقوق الإنسان. أما سبب اعتقالهم وترويعهم بأساليب وحشية فكان يعود، وفي معظم الحالات، إلى إلقاء القبض عليهم وهم يرشقون العدو بالحجارة. تلك الحجارة التي يدافعون بها عن حقهم في أرضهم وأرض أجدادهم،
ولكنها ستبقى تهز أركان المحتل وتقلق منامه، ربما لأنها حجارة مقدسة يثقلها الحق باستعادة الوطن.
بطل حكايتنا صغير جداً، تحمله أمه بين ذراعيها، وهو يخبئ رأسه في صدرها ليشعر بالأمان. لا قدرة لديه على حمل الحجارة ورميها بعيداً، ولكنه أخاف السلطات المحتلة برسمة بندقية صغيرة على قميص ألبسته إياه أمه. انتشرت القصة على الـ»سوشال» ميديا بشكل واسع وتناقلها رواد مواقع التواصل الاجتماعي، لما تحمله من قلة إنسانية من ناحية، وهشاشة وضعف عند عناصر الجيش الإسرائيلي من ناحية أخرى.
يقول عرفة زاهدة والد الطفل: «منعت زوجتي من عبور أحد الحواجز الأمنية الإسرائيلية والدخول إلى المنطقة، حتى يتم نزع الملابس عن الطفل، فكان طلبا غريبا. طفل رضيع عمره 13 شهرا محمول بين يدي أمه يتعرض لإهانة، والسبب أن الملابس يوجد عليها رسم إرهابي!».

«ما غريب إلا الشيطان»، ما عدنا نستغرب أي شي تقوم به سلطات العدو الإسرائيلي.
هكذا تتكرر حوادث توقيف الأطفال بحجة جديدة أكثر «إقناعاً» للرأيين العالمي وكذلك العربي الخاضع والمطبع لبلاهة المحتل وجبروته.
لقد تطورت الحجة من رمي الحجارة إلى ذريعة «أقوى»، وهي ارتداء ملابس عليها شعارات مقاومة.
كيف يمكنهم أن ينزعوا قميص طفل يحمل رسمة بندقية، وهم يحملون البنادق ويقودون الآليات الحربية والجوية القاتلة ليبيدوا بها الأطفال.
إن تلك المعايير المزدوجة هي من «شيم» المجرمين.
تذكرني تلك القصة بحكاية الفيل والنملة. حكاية أحب أن أقرأها دوماً لصغاري.
كان هناك فيل يعيش في غابة يسبب الخوف للحيوانات الأخرى ويسخر منها. كان يسيء معاملتها، إلى أن التقى يوماً بنملة صغيرة أغضبها شره وغروره، وفي يوم انتظرته أن ينام ودخلت في خرطومه، وبدأت تعضه حتى سببت له ألما شديدا.
أطفالنا سيقلقون منامات العدو، لأنهم قوة الغد وأمله الوحيد في استعادة الأرض السليبة.

نساء بلادي «ضوء ونصف»

من فلسطين إلى لبنان المتألم والعاجز عن حل مصائبه الاقتصادية والسياسية، والحزبية والمناطقية والخارجية. لبنان الغارق في عتمته منذ انقطاع الكهرباء والمكبل بالغلاء المستفحل والجوع والقهر والفساد، تعيد له نساؤه ضوءا من الأمل. فرقة «مياس» اللبنانية تمكنت من تصدر مواقع التواصل الاجتماعية العربية والعالمية، بعد فوزها بأشهر برنامج للمواهب في أمريكا وهو «أمريكان غات تالنت» في حلته الـ17 .
لقد حملت فرقة مياس، التي أسسها وقادها المدرب اللبناني الموهوب نديم شرفان عام 2013 الفرحة والبهجة إلى قلوب كل اللبنانيين حول العالم.
فتيات تتراوح أعمارهن بين 13 و25 سنة، معظمهن طالبات، تمكن من أسر ملايين المشاهدين أمام الشاشات الصغيرة برقصهن المبهر. لقد تسمرت أمام سحرهن أعضاء لجنة الحكم المؤلفة من أربعة حكام
هم سايمون كاول وهاوي مانديل وهايدي كلوم وصوفيا فيرغارا.
هكذا تسمرت اللجنة أمام لوحة إبداعية موحية من رقص دقيق. لقد تمايلت الراقصات مع بعضهن البعض وكأنهن جسد واحد ممشوق ومتناغم. وكأن لبنان بكل أطيافه التحم من جديد. دقة وحرفية وجمال، لم يشاهد العالم مثيلاً لها، كما وصفها الحكام الثلاثة.
قال سايمن كاول مقدم البرامج البريطاني، ورجل الأعمال المشهور جداً والمعروف بوجوده الدائم كمحكم للمواهب في أكثر البرامج العالمية شهرة، مثل «أمريكان غات تالنت» و»بريتن غات تالنت» وغيرها، والمعروف بصراحته الحادة في مواجهة المشتركين «إن فرقة مياس المدهشة ستغير العالم.
نعم لقد استطاع الفن اللبناني أن يرطب وجع اللبنانيين ولو قليلاً. استطاع الفن أن يجمع كل أولاد الوطن على محبة فريق رفع اسم لبنان عالياً. صوتوا له بكثافة. واحتفل لبنان الجريح بعودته إلى مطار بيروت، كما تحتفل أم بولادة طفلة بعد عقم طويل. لقد بدت المدينة وكأنها تستعيد، ولو للحظات مرفأها ومهاجريها وقناديلها القديمة المنسية وشوارعها النظيفة ومسارحها العريقة. وقف لبنان المتعب بكل عنفوانه وجماله وأناقته لحظة وصول الفريق. استقبلهم الشعب بالورود والأغاني والعزف والابتسامات
«مياس» أعادت للبنان جناحيه ليحلق بعيداً. إنهن نساء بلادي.
تلك اللحظات ذكّرتنا بقصيدة الشاعر التونسي الراحل محمد الصغير أولاد أحمد:
وصفت، وصفت فلم يبق وصف
كتبت، كتبت فلم يبق حرف
أقول إذن باختصار وامضي
نساء بلادي نساء
ونصف.

اظهر المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

This site is protected by wp-copyrightpro.com