صحة

سنوات حكمتنا.

بيدر ميديا.."

سنوات حكمتنا

التقدم في العمر بمتعة وحكمة ورضا

زينب كا ظم

 

في كتابه، سنوات حكمتناour wisdom years  ، يأخذنا الطبيب النفساني تشارلز غارفيلدDr. Charles Garfield  الباحث والمهتم في مجال الشيخوخة، ومؤسس منظمة Shanti، وهي منظمة تطوعية مكرسة لرعاية كبار السن الذين يعيشون مع أمراض مزمنة تهدد حياتهم، في جولة لسنواتنا اللاحقة، أما إذا كنت لا تزال في مقتبل العمر وأنت تقرأ هذه المقالة، فلا تقلق، إذ ليس من السابق لأوانه أبدًا أن تعرف كيف تعيش حياتك بطريقة تحقق فيها أقصى إستفادة، بالرغم من أن غالبًا ما يستغرق الأمر عقودًا من خوض تجارب الحياة بما تقدمه لنا من ألم ومتعة، وخسارة وربح، حتى نصل الى خلاصة الحياة والحكمة منها.

إذ يؤكد الدكتور غارفيلد على أن مشاعر التدفق والإفتتان المتولدة خلال اللحظات التي نسمح فيها لأنفسنا بالتخلي عن فكرة الواجب والإنتاجية والإنشغال بالإنجاز، هي مؤشر لتعيد إنتباهنا الى الجانب الذي أهملناه، ذلك الجزء من أنفسنا الذي يظهر في لحظات الصمت والسكينة.

أياً كان عمرنا، فعندما نحيا كينونتنا، سيتفتح الفضاء أمامنا، عندها نشعر بأننا هنا، بأننا على قيد الحياة في هذه اللحظة، نشعر بالحياة وكل ما تحتويه من جمال، ورهبة، وحزن وأسى وكل ما يشكل جزء من إيقاع الحياة، وبمجرد السماح لأنفسنا بتقبل كل شيء بدلاً من مقاومته، فإننا نصبح أكثر إتساعاً، ونجد رحابة تسمح لنا أن نكون حاضرين مع ما تقدمه لنا الحياة – أو ترميه علينا.

في كتابه يقدم الدكتور غارفيلد إقتراحات عملية لمراجعة حياتنا، بإستخدام الموت كمرشد او موجه لكيفية عيش حياتنا، والاستماع إلى النداء الداخلي لما هو أعمق وأسمى، لنتمكن بالتواصل مع ذاتنا يدعونا د.غارفيلد للرد على بعض التساؤلات من قبيل:

  • ما الذي يهمني حقًا؟
  • ما هي الامور الاقل اهمية التي يمكنني التخلص منها؟
  • ما هي الرغبات التي تخليت عنها وبأي ثمن؟
  • هل سأترك نفسي أموت دون أن أعيش؟

إذن نحن مدعوون للتوجه بلطف لذاتنا العليا الحكيمة، ذلك الجزء منا المدرك والعارف لأحتياجاتنا ولكل ما ينقصنا للتقدم في حياتنا برفاهية ومتعة.

فمع إكتساب الحكمة بتقدمنا في العمر، نحن ندرك أن بأمكاننا تقبل حقيقتنا الإنسانية بدل السعي المستمر للكمال والإقتراب منها بأتخاذ خيارات تعزز من شعورنا بالمتعة، خيارات لا تولدها الرغبة بالانجاز او تحقيق الاهداف او الواجب، أي أن نكون النسخة الاصيلة والحقيقية من ذواتنا، ذلك الشخص المفعم بالحيوية الذي لا يقوده العقل فحسب بل الروح والقلب على حد سواء، الفرح والغاية والمتعة فضلا عن الرهبة النفسية هي المعايير التي ستحثنا ذاتنا العليا على استخدامها للاجابة على اسئلة الموت حول ما يهم حقا ان نلتفت اليه في حياتنا. رغم أن وقتنا قد يصبح أقل مع التقدم في العمر ولكنه سيتباطأ ويصبح أكثر عمقاً ومغزى عندما نغوص في اللحظة الراهنة وننغمس في ما له معنى بالنسبة لنا.

كما تدعونا الأقسام الأخرى في الكتاب للتعبير عن الحب وتلقيه، يتضمن ذلك طرح أسئلة أعمق على الأشخاص الذين نهتم بأمرهم – لإخبارهم بأننا مهتمون بمشاعرهم الحقيقية وما هو ذو معنى بالنسبة لهم، على الرغم من أن د.غارفيلد يدرك أنه قد يكون من المحرج الانتقال من المحادثة السطحية إلى الأخذ والعطاء الأعمق الذي يخلق علاقة حميمة حقيقية، ومع ذلك، مع تقدمنا بالعمر، غالبًا ما نتوق إلى هذه العلاقة الحميمة النابضة بالحياة، فنحن مدعوون هنا لأخذ لحظات للتوقف، والتواصل البصري، والابتسام، والحضور حقًا “لأستيعاب الشخص الآخر” قبل التحدث أو الرد، أي أن نتمتع بالقدرة على التحدث بلطف من قلوبنا بدلاً من التحدث إنطلاقاُ من أحكام مسبقة او عادات قديمة.

إن تقبل ضعفنا بشجاعة يخلق مناخًا للتواصل، خاصة في سنواتنا الأخيرة، قد نكتشف أن عدد الأصدقاء لدينا أقل مما كنا نأمل، على الرغم من ذلك فأن هذا الوقت هو الأنسب، لملاحظة ما نقدره في أصدقائنا وأحبائنا، وإيجاد القوة الداخلية للتعبير عن ذلك لهم، فجميعنا نحب أن نكون موضع تقدير، ولكن كم مرة نعبر عن تقديرنا للآخرين؟ حيث يمكننا تحقيق المزيد من الثراء والتواصل في حياتنا من خلال تقديم ما نرغب في تلقيه للآخرين: الانتباه، والاهتمام، والرحمة، والامتنان، والتسامح، والحب. يمكننا أيضًا أن نحقق حبًا وقبولًا أعمق لأنفسنا كما نحن، مما يخلق أساسًا للحب والأتصال بمن حولنا.

زينب كاظم

 

 

 

المصدر :

https://www.psychologytoday.com/us/node/1167006/previewI’m?fbclid=IwAR14ZeXmUNgEb7AabF_iJ51opeS7k6IHPimuk2_whnQFGv7oyUUJ36Mn50Q

اظهر المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

This site is protected by wp-copyrightpro.com