شعر

غُصَّةٌ فِي القَلبِ*

بيدر ميديا.."

غُصَّةٌ فِي القَلبِ*

يَحيَى غَازِي الأَميريّ

دَيَاجيرُ البُؤسِ طَالَ مُكُوثُها

وَلَفَّ ديَّارَنا الخَراب

وَتَمادى البغُاةُ بِغَيِّهم

بالسَّلبِّ وَالنَّهبِ

لِخَزائنِ الشَّعب

بِنَهَمٍ وَبِلا ذِمَمٍ

وَبِسُلطَةِ الكُرسِيِّ الدَّوارِ

بَالغُوا بالبَغيِّ

بِجورٍ وَطُغيان

لَمْ يَتركَ لَهم السُّحت **

فِي الفُؤادِ ذرةَ وَجدان

* * *

تَصحرٌ وَجَفَافٌ

يَجتاحُ أرضَ السَّوادِ

وَمَملَكةَ القَصَب

تَشكو مِنْ وَجعِ العَطش

البِطالَةُ تَتَصاعَد

الأَزماتُ تَتَناسل

تَفتكُ بالحَرثِ وَالنَّسل

أفواجٌ مِنْ أفواهِ

الثَّكالى وَالمُعوزين وَالأَيتامِ والمَساكِين

أَنهَكَهُم السَغَب وَالوَصَب

تَصرُخُ وَتَستَجِير

{ الجُوع كَافِر

مَنْ يَدفَعُنا للمِحنةِ وَالشَّقاء

أشَد كفراً مِنَ الكافِر

مَنْ يَسرقُ أَموالُنا ظالِمٌ سافِلٌ فاجِر}

عَوزٌ وَفَقرٌ وَذِلٌ وَغَلاء

أَوبئة وَأمراض

وتَرَدٍ بالخَدمات

وَنَقص فِي الدَّواء

وَمِنْ أسقمَهُ الدّاءَ ببلواه

نَهارَهُ آهات وَجَع

وَلَيلهُ أَنِين ألم

        * * *

أصوَّاتُ (سَبايَا) نِساءً وَصَبايا

حَرائر لَمْ يعشن الذل

وصار الذل وَالهوان يَتًلَبَّسهُنَّ

يَستَغِثنَ

 بِعيونٍ طافحةٌ  بالدموعِ

رَبَّاه:

{ لِمَ لا تَمِدُ لنا يَد العَون؟

ألم تخبرنا

  • إن ظلم الباغي المُستبِدّ عَلَى الضَّعيفِ البريء هُو أَرذلُ أَنواعِ الاِنحِطاط.
  • أَلَيسَتْ نصرةُ المَظلُومِ وَاجِباً دِينياً وَإِنسانياً؟}

 

        * * *

مَنْ أَشَاعَ الأَفيُون؟

عصَّارةَ الخَشخاش

الفاتِك المُريع

القاتل السريع

الغُول المُنفَلِت

مافيات المُخَدّرات

تَجُوبُ الطُّرقات

تَتَوغلُ وَتتغلل

تَبسطُ سَطوتَها

بتوسّعٍ هائِل

لا تَهاب أحَداً

وَلمْ تؤمنْ بالنَّصحِ وَالوَعظ

وَلا بسيادةِ القانون

يُقالُ : {إنَّ عُيونَ أمَراء الحُروب ِوَالخَرابِ تَرعاها.}

        * * *

قَيظٌ لافِحٌ

فِي الأُفُقِ يَلُوح

شُحَّة ًفِي المِياه

لِسان مِلحٍ يمتدُ مِنَ البَحر

يَلتهِمُ فَم شَطّ العرب

الأزبال تزكم الأنوف.

***

مَناسِكُ وَأضاحي وَصدقات الحَجِيج وَالطواف وَالعِيد

أَتَمتْ أَيامها

مَعَ صوتِ صَلاةِ العِيدِ وَتَكبير المُؤذِّن

كانتْ مَلايِين مِنْ أفواهِ الجِياع

وَمِنْ أَدمى العَوز وَالداء قلوبهم

تتأوَّهُ بحسرةٍ وَغُصَّةٍ وَإلتياع

فِيمَا

التَّصرِيحات بالإصلاح

عَلَى مَدارِ الَّساعَة

لَمْ تَنقَطِعْ

بَلْ كانتْ تَزدادُ جِدَّة وَحِدة

بالإثارة وَالحَماس

وَاللفِّ وَالدَّوران

          * * *

خَلفَ الأَبوابِ المُوصدةِ

فِي الظَّلامِ

تعقِدُ جَلساتُ

الزُّعماء الكِبار

اللاعِبُون الأَساس

المُتَوافِقون المُتحارِبُون

المتحاصصون، المُتخاصِمُون

عَلَى تَقاسمِ السُّلطةِ وَالمَغانِم

يَشدونَّ الهِمَم

وَيحشِدونَ الحِشود

وَيعدون العُدد

وَيتبادلون الأَدوار

لإنتاجِ وَإخراجِ

أَقوى أَفلامِ الأَكشن

بِخُططٍ ماكِرةٍ مُبتكرةٍ

حَدِيثة قَدِيمة

عبر الفَضاء

بعشراتٍ مِنْ قنواتِ التَّلفزةِ،

المَدفوعةَ الثَمن

تُبثُّ تَصرِيحاتٌ وَأخبارٌ

مُتناقضَة مُشوشَة مُتضارِبة

تَلوك الحَديث

عَنْ الاِنسِدادِ وَالاِنفِراجِ وَعَدمِ الإنفراد

فِيهِ الكثير الكثير

مِنَ اللَّغوِ وَالإفكِ

وللدماء السفك

وَالتَشوِيق وَالخداع وَالترويع

وَالغموض وَعدم الوضوح

واللَّبس والتَّدليس

والإبهام والاِتهام

وَسيول مِنَ الشَّتائمِ

المُقذعة البَذيئة المُتبادلة

تَتَطايَرُ عَلَى الهَواءِ

بِدُونِ رادعٍ وَوازع

مِنْ يُتابِعها يُصابُ بخيبةِ الأَملِ وَالغَثيان

لِكثرةِ الاِفتراءِ وَالقَذفِ وَالتَّضليلِ وَالبُهتان

        * * *

بترَقُّبٍ حَذرٍ وَإرتياب

لقادمٍ مُرعبٍ

لنزيفِ خَرابٍ جَديد

مَلايين مِنَ النَّاسِ المُمتَحنةِ الحَائِرَة

تَنوءُ تَحتَ نيَّرِ الهمومِ وَالرَّزايا

بِصبرٍ وَجَلدٍ تَكتُمُ غَيظَها

وَتَحسبُ السَّاعات

للنِّزالِ المُرتقب

لا يُرهِبُها المَنُون

عندما يَحتم الوَطِيس

وَلا تُرعِبُها

كَواتمُ الصَّوت وَالطَّرف الثَّالث

العُيون تَرصدُ مَيدان الوَغَى

وَسَاعَة الخَلاص وَالحِساب

فَفِي القلُوبِ مُنذُ زَمَنٍ

غُصَّة وَألم

وَلوعَة حُزن دَفِين

وَقراحَ جِراحٍ لَنْ تَندَمِل بَعدُ

 

كتبت في مالمو / مملكة السويد في 13 تموز 2022

هوامش متعلقة بالنص

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

* الغُصَّةُ : ألمٌ وحُزنٌ وهمٌ وغمّ شديد متواصل

** السُّحتُ: ما خبث وقبح من المكاسب، فلزم عنه العار، كالرِّشوة ونحوها.

 

 

 

 

 

 

اظهر المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

This site is protected by wp-copyrightpro.com