مقالات

وزارة التخطيط تنفي وساسة وإعلاميون يؤكدون: قانون عقابي جديد لتحديد النسل!

بيدر ميديا.."

وزارة التخطيط تنفي وساسة وإعلاميون يؤكدون: قانون عقابي جديد لتحديد النسل!
علاء اللامي*

تحديد النسل أم تنظيمه؟ وزارة التخطيط تنفي وساسة وإعلاميون يؤكدون: قانون عقابي جديد لتحديد النسل! تطرقت في إحدى مقالاتي قبل أشهر قليلة إلى موضوع زيادة السكان واقتراب العراق من حافة الانفجار السكاني بمعدل زيادة سكانية بلغت مليون نسمة سنويا أي بزيادة عشرة ملايين نسمة كل عقد قابلة للزيادة بعد حساب الأرقام الجديدة، ناقشت فيها التضارب البالغ درجة التعاكس التام بين وزارة التخطيط ومستشار رئيس مجلس الوزراء الاقتصادي حول الموضوع/ تجد رابط المقالة في نهاية هذا المنشور.

بالأمس عادت هذه القضية المهمة إلى المشهد بعد تقارير صحافية وتصريحات لمسؤولين دوليين ورد فيها أن “وزارة الصحة العراقية أطلقت استراتيجية لتنظيم الأسرة العراقية بالتعاون مع صندوق الأمم المتحدة للسكان تمتد من عام 2021 وحتى عام 2025، تتضمن سلسلة خطوات لتنظيم حياة الأسرة العراقية بشكل ينسجم مع وضعها المالي ويمنعها من الإقدام على الإنجاب من دون تخطيط مسبق/ الرابط 2 “. البعض تلقف الخبر وسارع إلى القول إن الحكومة تريد تقديم قانون لتحديد النسل ويجب رفض هذا القانون لأنه يتعارض مع العقائد والقيم الدينية، وزارة التخطيط العراقية نفت أن تكون الحكومة بصدد إصدار أي قانون من هذا النوع، وقالت إن هذا “الخبر عار عن الصحة تماما، ولا توجد هكذا توجهات، لان عملية تحديد النسل، تمثل حقا من حقوق الاسرة، فضلا عن تعارضها مع منظومة القيم الدينية والاجتماعية للشعب العراقي/ الرابط 3”. ويمكن لنا – إذا استبعدنا الركاكة اللغوية التي أصبحت تسم البيانات والوثائق الرسمية منذ عدة سنوات – أن نعتقد أن الدولة تركت عملية “تحديد النسل” لتقررها الأسرة العراقية بإرادتها، فهل تقصد الوزارة هذا المعنى أم لا؟ وهذه فكرة سليمة وعقلانية ولكنها بمفردها لا تحل المشكلة بل بحاجة إلى عوامل دفع إعلامية وتثقيفية واقتصادية. وتضيف الوزارة في بيانها “تعمل وزارة التخطيط حاليا على تحديث الوثيقة الوطنية للسياسات السكانية، في ظل اقتراب العراق من الدخول في “الهبة الديموغرافية” وتتضمن هذه الوثيقة مجموعة من السياسات السكانية ومن بينها ما يرتبط بعملية تنظيم الاسرة، وهذه العملية لا علاقة لها بما يسمى بتحديد النسل، الذي يستلزم تشريع قوانين ملزمة، وهذا غير وارد”. إذن وزارة التخطيط تفرق بين “تنظيم النسل” و”تحديد النسل” فتأخذ بالأولى وترفض الثانية، وتفرق بين “الهبة السكانية” والانفجار السكاني” فكم بالأحرى يجب أن تبلغ الزيادة السكانية السنوية لتقرر الوزارة أن العراق دخل فعلا مرحة الانفجار السكاني؟ عموما لا يمكن اتهام الوزارة باللعب بالكلمات، فالفرق موجود فعلا بين تنظيم النسل وتحديد النسل من الناحية العملية ولكنهما من حيث النتيجة واحد، وهذا الأمر أخذت به دول عربية أخرى منها مصر بسبب الضجة التي أثارتها الأوساط الإسلامية المحافظة ضد أي مسعى لضبط وتحديد او تنظيم النسل، ومن الأكيد أن العامل الديني المحافظ وموقف بعض الجهات الدينية والسياسية الدينية سيكون لها موقف ودور في إحباط أي مسعى من هذا القبيل، ولذا اختارت مؤسسات الدولة العمل بصمت ودون ضجيج على تنفيذ بعض الإجراءات الجزئية ولهذا لم تحرز نتائج مهمة، أما اللجوء إلى الحلول القسرية الجذرية التي بلغت درجة الأخذ بالتعقيم الإجباري للرجال أو النساء كما حدث في الهند فهو أمر مرفوض إنسانيا بكل تأكيد.

أعتقد أن السبب الأهم والأعمق والمتعلق بشيوع ظاهرة التضارب والنفي والتأكيد في “شبه” الدولة العراقية قد أصبح تقليدا ثابتا ما يؤكد فشل المنظومة الحاكمة في حسم أي ملف من الملفات المطروحة أمامها؛ فحين يطرح ملف أو قضية سرعان ما ينشق المسؤولون والمشروعون في مجلس النواب كل حسب مواقعه الطائفية والعرقية، ويهدد الرافضون منهم للحل المقترح بمقاطعة العملية السياسية أو حتى التلميح الى الحرب الأهلية ومن تلك الملفات المؤجلة بعد عقدين على قيام النظام الانتخابي الطائفي الجديد نذكر على سبيل المثال:

*العَلَم العراقي الرسمي الذي لم يتم الاتفاق عليه وتم الاكتفاء بتلبية طلب الأحزاب الكردية بحذف النون الثلاث الخضراء فيه. والمضحك ان التبرير الذي قدمه الساسة الكرد المطالبون بحذفها لا علاقة له بواقع الحال فهم قالوا إن النجوم الثلاث ترمز إلى شعرات حزب البعث والنظام السابقة في الوحدة والحرية والاشتراكية! وهذا محض جهل فظيع فالنجمات الثلاث ترمز في العلم إلى الدول الثلاث العراق ومصر وسوريا في المشروع القومي الوحدة العربية التي لم تر النور.

*شعار الدولة لم يتم اقتراح وتثبيت شعار جديد بل اكتفوا بالشعار القديم “طائر العِقاب” مع تعديل طفيف في العلم داخله.

*الإحصاء السكاني لم يتم لأن الأحزاب السياسية الكردية تعتبر نتائجه بداية لسلخ محافظة كركوك من العراق وضمها الى الإقليم إذا أثبت الإحصاء أن الكرد يشكلون الأغلبية.

*قانون الأحزاب والكيانات السياسية لم يحسم ويشرع بعد.

*قانون النفط والغاز ما يزال معلقا.

هذا ما أحتفظ به في ذاكرتي وهناك بعض الملفات ومشاريع القوانين التي علقت أو أوجلت مؤقتا غير ما ذكرتُ ومنها قوانين الأحوال الشخصية الطائفية، كل طائفة لها قانون أحوال شخصية خاص بها. أما قانون حظر التطبيع فلا ندري أين أوصلته عواصف المنظومة الحاكمة وهل وقع عليه الرئيس ونشر في الجريدة الرسمية أم تم السكوت عليه؟ علما أن دستورهم يقول إن القوانين التي يقرها البرلمان تدخل حيز التنفيذ حتى إذا لم يوقع عليها الرئيس بعد 15 يوما! ولعل المشاريع والقوانين التي تأخذ طريقها الى التطبيق والتنفيذ دون تضارب أو صراعات هي تلك الموصى بها من الخارج ومن السفارات الأجنبية كمشاريع “التكامل الاقتصادي” مع الدول العربية التطبيعية التي تعترف بالكيان الصهيوني وشبه المفلسة كمشروع أنبوب نفط البصرة العقبة مع الأردن ومصر واستيراد الطاقة من هذين البلدين ومشاريع المدن التجارية الحرة على الحدود!

إذن، فإن تشريع قانون لتحديد النسل الذي نفت الوزارة وجوده ولكنها أكدت وجود ما سمتها “استراتيجية لتنظيم النسل” يدخل في هذا الباب، باب العجز والتناقضات المعتادة، عن وقد سارع أحد السياسيين من اليسار الليبرالي القشري إلى تأييد قرار الحكومة بتحديد النسل حتى قبل أن يتأكد من صحة الخبر وقد علقت على أحدهم في صفحة صديق انتقد تصريحه بقولي “هذا القيادي في الحزب مستعجل جدا، ويتكلم في فراغ عن إشاعات صحافية، فرسميا لا يوجد قرار كهذا لتحديد النسل كما بيَّنا. أما الأطروحات الماركسية القديمة حول المالثوسية فلا أعتقد أنها ما تزال صحيحة، فالزيادة في أعداد السكان إلى درجة الانفجار السكاني في جهات معينة من الكوكب وعدم وجودها في جهات أخرى، ستؤدي الى خلل كبير في التوازن السكاني العالمي وخصوصا في الدول الفقيرة الموارد والصغيرة المساحة. إن كلام ماركس-ضد المالثوسية – قبل أكثر من قرن يتعلق بنمو متكافئ أو شبه متكافي عالمياً يسمح بنمو سكاني طبيعي في دول ذات أعداد سكانية قليلة أصلا، لأن ثروات الكوكب الطبيعية تكفي لتغذية السكان حتى لو تضاعفوا، أما في عصرنا فالأمور اختلفت والنمو أصبح مضطربا فروسيا الغنية مثلا تعاني من ظاهرة نقص السكان ونزول معدل النمو تحت الصفر وهي بلاد غنية أما في مصر فقد تجاوز عدد سكانها مائة مليون ومواردها فقيرة جدا ولذلك لا ينبغي النظر إلى هذه الظاهرة السكانية بعيون الماضي”. لنعلم فقط أن عدد سكان الكوكب كان في بداية القرن التاسع عشر، سنة 1804 م، مليارا واحد اما اليوم فالعدد فاق السبعة مليارات وسبعمائة مليون نسمة!

إنها #دولة_الخراب_الشامل

1-مقالة بعنوان: تضارب بين الوزارة ومستشار الحكومة حول زيادة سكان!

https://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=751970

2-تقرير إخباري بعنوان: دعوات لتحديد النسل في العراق وسط زيادة سنوية تصل إلى مليون نسمة

https://www.independentarabia.com/node/171156/%D8%A7%D9%84%D8%A3%D8%AE%D8%A8%D8%A7%D8%B1/%D8%A7%D9%84%D8%B9%D8%A7%D9%84%D9%85-%D8%A7%D9%84%D8%B9%D8%B1%D8%A8%D9%8A/%D8%AF%D8%B9%D9%88%D8%A7%D8%AA-%D9%84%D8%AA%D8%AD%D8%AF%D9%8A%D8%AF-%D8%A7%D9%84%D9%86%D8%B3%D9%84-%D9%81%D9%8A-%D8%A7%D9%84%D8%B9%D8%B1%D8%A7%D9%82-%D9%88%D8%B3%D8%B7-%D8%B2%D9%8A%D8%A7%D8%AF%D8%A9-%D8%B3%D9%86%D9%88%D9%8A%D8%A9-%D8%AA%D8%B5%D9%84-%D8%A5%D9%84%D9%89-%D9%85%D9%84%D9%8A%D9%88%D9%86-%D9%86%D8%B3%D9%85%D8%A9

3- بيان لوزارة التخطيط: تنفي نيتها العمل على تحديد النسل في العراق …

https://mop.gov.iq/news/view/details?id=923#:~:text=*%20%D8%AA%D9%86%D9%81%D9%8A%20%D9%88%D8%B2%D8%A7%D8%B1%D8%A9%20%D8%A7%D9%84%D8%AA%D8%AE%D8%B7%D9%8A%D8%B7%20%D8%A7%D9%84%D8%A7%D8%AE%D8%A8%D8%A7%D8%B1%20%D8%A7%D9%84%D8%AA%D9%8A,%D8%A7%D9%84%D9%82%D9%8A%D9%85%20%D8%A7%D9%84%D8%AF%D9%8A%D9%86%D9%8A%D8%A9%20%D9%88%D8%A7%D9%84%D8%A7%D8%AC%D8%AA%D9%85%D8%A7%D8%B9%D9%8A%D8%A9%20%D9%84%D9%84%D8%B4%D8%B9%D8%A8%20%D8%A7%D9%84%D8%B9%D8%B1%D8%A7%D9%82%D9%8A.

 

 

اظهر المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

This site is protected by wp-copyrightpro.com