تحقيقات

ما بعد أوكرانيا .

بيدر ميديا.."

 

في ھذه المداخلة القصیرة/ یبدع الدكتور عبد الحفیظ عبد الرحیم
محبوب / الاستاذ بجامعة أم القرى / مكة المكرمة، جامعة في
المملكة العربیة السعودیة لیس في التحلیل فحسب، بل وفي التنبؤ
للمستقبل.

ً بعد الحرب العالمیة الثانیة كان العالم واقعا تحت تأثیر سیاسة الاحتیاطي الفیدرالي، لكن نتیجة الحرب
الكوریة 1950-1953 ثم أعقبتھا حرب فیتنام التي بدأت عام 1955 ،ما جعل الرئیس ریتشارد نیكسون
بإنھاء العمل بالتزام الولایات المتحدة تبدیل الدولار الأمریكي ً ً ً 1971 یتخذ قرارا مفاجئا وصادما عام
ً بالذھب عند الطلب على أساس 35 دولارا للأوقیة عبر مجلس الاحتیاطي الفیدرالي، بعد أن نفد مخزونھا
من الذھب نتیجة لتلك الحربین، كذلك الیوم یحذر ھنري كیسنجر الولایات المتحدة والاتحاد الأوروبي من
أن العقوبات على روسیا سلاح ذو حدین من شأن الإمعان في استخدامھ أن یضعف من نطاق تداول
الدولار والیورو إلى مساحات أصغر بكثیر من الذي یشغلھا الآن.
وكما ھو معلوم فإنھ في عام 2009 مع اشتداد الأزمة المالیة العالمیة نتیجة أزمة الرھون العقاریة التي
انطلقت من الولایات المتحدة، خفضت البنوك في جمیع العالم أسعار الفائدة إلى مستویات قریبة من الصفر
في محاولة لتمكین البنوك من استعادة قدرتھا على الإقراض لمكافحة الانكماش وتحفیز الاقتصاد.
ھناك إجماع بین خبراء العالم على أن أھم نتیجة للحرب الروسیة في أوكرانیا ستكون أفول الآحادیة
القطبیة، ستستفید بشكل خاص من ھذه الحرب الصین التي اتبعت سیاسة القروض وغزو الأسواق،
صحیح أن مراحل التحول عبر التاریخ عادة ما تكون خطرة ومخیفة، لأن الدول الكبرى تستغلھا لإعادة
ّ م أن صناع القرار في الولایات المتحدة ً إثبات قوتھا، بحثا عن النصیب الأكبر في الكعكة المقبلة، رغ
یعتبرون سردیة نھایة التاریخ 1990 أصبحت من الماضي، والحرب الأوكرانیة ھي حقبة نھایة نھایة
التاریخ 2022 ،أي نھایة صلاحیة نظام القطبیة الآحادیة باتت حقیقة ساطعة، وھو ما تدركھ السعودیة
وتصیغ سیاساتھا المستقبلیة ً بناء على ھذه الحقیقة ضمن نظام عالمي متعدد الأقطاب.
وقد صرح رئیس البنك الدولي دیفید مالتاس أنھ من الصعب على الدول تجنب الركود الاقتصادي، فإدارة
التضخم دون التسبب في انھیار اقتصادي مھمة صعبة، بغض النظر عن الخیارات السیاسیة، وھذا سبب
ً ارتفاع مخاطر التضخم المصحوب بالركود التضخمي، حیث إن التھدیدات الاقتصادیة تعكس نوعا مما
حدث في السبعینیات عندما تسببت الصدمة النفطیة التي أعقبھا ارتفاع أسعار الفائدة في حدوث ركود
في المائة ً 7.5 تضخمي مصحوب بمزیج خطیر من الأسعار المرتفعة والنمو المنخفض، فسجل العالم نموا
عام 2021 ،لكن بعد الحرب الروسیة في أوكرانیا تباطأ إلى 9.2 في المائة، وھي أقل من توقعات حددت
ً بنسبة 6.3 في المائة في نیسان من قبل صندوق النقد الدولي، ومن المتوقع أن یظل النمو ضعیفا خلال
2023 ،وسیتباطأ النمو في الولایات المتحدة وأوروبا إلى 5,2 ،وسیتراجع في الصین من 1.8 في المائة
عام 2021 إلى 3.4 في المائة في 2022 ، ً ویعتبر النمو في السعودیة أعلى نموا في العالم یصل إلى 6.9
في المائة.
كما یتوقع البنك الدولي أن یتابع النمو العالمي في تقریره 2022 إلى 9.2 في المائة مقابل 1.4 في ینایر
2022 ،ویمكن أن یتأرجح النمو حول تلك الوتیرة خلال الفترة 2023 إلى 2024 في وقت تسببت فیھ
الحرب في أوكرانیا في تعطیل النشاط الاقتصادي والاستثمار والتجارة على المدى القریب، ویضعف فیھ
. ً الطلب، فضلا عن إنھاء العمل بالسیاسات المالیة والنقدیة التیسیریة
أمام تضخم یواصل ارتفاعھ في الولایات المتحدة، حتى بات أولویة اقتصادیة للرئیس بایدن، بعدما خفض
الفیدرالي معدل الفائدة إلى صفر في مارس 2020 نتیجة جائحة كرونا لدعم الاقتصاد، التي استمرت
عامین راوحت معدلات الفائدة بین صفر و25.0 في المائة قبل أن یتم رفعھا بمقدار ربع نقطة في مارس
2022 ثم بمقدار نصف نقطة في مایو 2022 ،لكن یستعد البنك المركزي الأمریكي لرفع نسب الفائدة
الرئیسیة للمرة الثالثة في 2022/6/15 ما قد یؤدي إلى التحفیز، بمقدار نصف نقطة مئویة، أو 50 نقطة
أساس.
وستشكل ھذه الزیادات سابقة منذ 1994 نتیجة اضطراب الأسواق والتضخم بعدما انتھى الأمل في
في المائة على أساس سنوي، من خلال ً 4.8 ٍ 40 عاما مع ٍّ الأسواق بعدما ارتفع التضخم إلى رقم قیاسي منذ
رفع أسعار الفائدة الرئیسیة یشجع بنك الاحتیاطي الفیدرالي المصارف على منح قروض أكثر تكلفة
ة دقیقة ً لعملائھا الذین سیكونون بالتالي أقل میلا إلى الاستھلاك، من أجل انخراط الفیدرالي في عملی

لإبطاء التضخم دون أن یثقل كاھل النمو الاقتصادي كثیرا
ومن المرجح أن یلقي التباطؤ القسري في الاستھلاك بثقلھ على الاقتصاد الأمریكي، ما یزید من المخاوف
من الانكماش أو التضخم المصحوب بركود اقتصادي، أي فترة طویلة من النمو الضعیف والتضخم
المرتفع، كما من المحتمل أن یرتفع معدل البطالة من جدید.

اظهر المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

This site is protected by wp-copyrightpro.com