مقالات

آفاق المواجهة بين “بريكس” بقيادة روسيا والصين وتحالف الناتو:

بيدر ميديا.."

آفاق المواجهة بين “بريكس” بقيادة روسيا والصين وتحالف الناتو

علاء اللامي*

هل سيكون عالم القطبين الشرقي الجنوبي بقيادة دول “بريكس” والغربي بقيادة الناتو أفضل أم أسوأ لشعوب الشرق والجنوب؟ وماهي بريكس، وما مدى قوتها الاقتصادية والجيوسياسية، وما مدى خطورة “المبالغات الانتصارية” بقرب انهيار الاقتصاد الغربي الدولاري؟

لنبدأ بالخبر الذي يقول: “ستقوم دول بريكس، روسيا والبرازيل والهند والصين وجنوب إفريقيا، على خلفية العقوبات، بتسريع العمل على إقامة نظام مراسلة مالية خاص ووكالة تصنيف مستقلة، وكذلك على تكامل أنظمة الدفع. صرح بذلك وزير المالية الروسي أنتون سيلوانوف خلال الاجتماع الأول لوزراء المالية ومحافظي البنوك المركزية لدول بريكس برئاسة الصين. ونقلت الخدمة الصحفية لوزارة المالية الروسية عن سيلوانوف قوله: “هذا يدفعنا إلى تسريع العمل في المجالات التالية، استخدام العملات الوطنية في عمليات التصدير والاستيراد، وتكامل أنظمة الدفع والبطاقات، ونظام المراسلة المالية الخاص بنا، وإنشاء وكالة تصنيف مستقلة لبريكس”. وهناك خبر ضمن مقالة للباحث الاقتصادي الروسي ألكسندر نازاروف/ الرابط1، بعنوان يقول “أمريكا بين نارين: إما رفض سداد ديونها صيف أو خريف هذا العام وإما موت الدولار خلال عام” وردت فيها هذه الفقرة “وفي ظرف شهرين، سيتحول التضخم في الولايات المتحدة الأمريكية إلى كرة ثلج تتسارع ذاتيا، حيث يؤدي التدهور إلى هروب رأس المال إلى الخارج، ما يؤدي إلى مزيد من التدهور وهكذا دواليك نحو الدوامة. سيزداد معدل التضخم عدة مرات، من 0.6% شهريا إلى 1-2-5-10% شهريا، وسيتدهور الوضع بمرور الوقت. سيجبر ذلك الاحتياطي الفدرالي على رفع سعر الفائدة من أجل خفض التضخم. أو بمعنى أصح، فإن خفض التضخم حقا، يتطلب رفع معدل سعر الفائدة إلى قيمة تتجاوز التضخم، أي إلى حوالي 10%. يعني ذلك الموت الفوري للاقتصاد الأمريكي في غضون أسبوعين. لهذا، يتظاهر الاحتياطي الفدرالي بمحاربة التضخم، ويعتزم في مايو رفع المعدل بنسبة 0.5%، ثم رفع ذلك المعدل عدة مرات خلال العام. بينما كان عليه أن يرفعه فعليا إلى 10% ليس في مايو بل يوم أمس“.

*من الواضح ان هناك مبالغة ونزعة “انتصارية” غير واقعية في كلام نزاروف، ورغم أنني لست من دعاة النزعة الانتصارية المبالِغة في التفاؤل فهي مضرة ومشوشة جدا، ولا أعتقد أن انهيار الاقتصادي الدولاري وسقوط الهيمنة الإمبريالية الغربية سيحدث قريبا وبسهولة، وذلك لأن الصراع شديد والمرحلة التي نعيشها انتقالية وقد تنتهي نهاية مأساوية فالاقتصادات الغربية قوية رغم نقاط ضعفها الكثيرة والخطرة وهي ما تزال بعيدة عن الانهيار الكامل والوشيك وهي تكافح الآن من أجل البقاء وقد تلجأ لأكثر الخيارات وحشية ودموية بما في ذلك استخدام السلاح النووي لإفشال محاولة تفكيك هيمنتها من قبل وروسيا وحلفائها في منظمة بريكس. ثم ان الدول الغربية في حلف الناتو وخصوصا الولايات المتحدة وألمانيا وفرنسا وبريطانيا ماتزال تمتلك القدرة على المناورة الاقتصادية والعسكرية والإعلامية وإدارة إصلاحات مؤقتة وطارئة لا تقضي على المرض بل تؤخر موعد الهلاك ولكن ليس إلى مالا نهاية، رغم ذلك فإن من الضروري الاطلاع على واقع الحال والتعريف بمفرداته فلنتعرف الآن على منظمة بريكس وعلى آخر تطورات الوضع على الجبهة الاقتصادية الرديفة للجبهة العسكرية في حرب أوكرانيا:

*بريكس هو مختصر للحروف الأولى باللغة اللاتينية (BRICS) المكونة من الحروف الأولى لأسماء الدول صاحبة أسرع نمو اقتصادي بالعالم، وهي: البرازيل وروسيا والهند والصين وجنوب أفريقيا. عقدت أول قمة بين رؤساء الدول الأربع المؤسسة في يكاترينبورغ، روسيا في حزيران 2009 حيث تضمنت الإعلان عن تأسيس نظام عالمي ثنائي القطبية. وهذا يعني أن هدف إقامة عالم ثنائي القطبية ليس جديدا ولد مع الغزو الروسي لأوكرانيا بل إنه ولد قبل أكثر من عشر سنوات والمقصود بالعالم ثنائي القطبية هو العالم الاقتصادي والمالي فالقطبية الواحدية في الميدان السياسي لم تستمر طويلا بعد انهيار الاتحاد السوفيتي إلا لسنوات قليلة جدا وبدأت تتآكل تدريجيا مع صعود الصين ودول أخرى وترميم روسيا لأحوالها. ومع ان بروز عالم ثنائي القطبية قد يعيد العالم الى نسخة جديدة من الحرب الباردة بين عالمين ولكنه سيكون مختلفا تماما من حيث المحتوى الطبقي الأممي للنسخة الجديدة؛ فالقطبان الجديدان المتصارعان كلاهما هذه المرة لهما محتوى رأسمالي إمبريالي “مع نزوع اشتراكي إعلامي لدى الصين” وأنظمة قومية يمينية في البرازيل وروسيا والهند، أما جنوب أفريقيا فهي نظام رأسمالي بقيادات سياسية ذات ماض يساري ممثلة بحزب نيلسون مانديلا “حزب المؤتمر الوطني الأفريقي” الذي يقوده الآن ويرأس الدولة النقابي السابق ورجل الأعمال المليونير الحالي سيريل رامافوزا. باختصار، لسنا بصدد نسخة مشابهة من الصراع بين معسكر رأسمالي وآخر اشتراكي على علاته كما هي الحال في القرن الماضي بل نحن إزاء صراع شرس بين قطب جديد صاعد يولد وآخر غربي مترهل ومتضعضع ولكنه مهيمن ووحشي.

*ويبدو أن بين عالم القطبين المتصارعين الوشيك الولادة، والعالم العادل والديموقراطي المتعدد الأقطاب، بون شاسع وزمن قد يطول كثيرا. ولكن انكسار الهيمنة الدولارية الأطلسية الغربية وبروز عالم القطبين الشرقي الجنوبي بقيادة بريكس بمواجهة الغربي بقيادة الولايات المتحدة، ورغم أنه سيعني انتقال الصراع الطبقي عالميا وجيوسياسيا إلى مرحلة جديدة ليكون صراعا بين قطبين رأسماليين، ولكنه سيكون أخف وطأة بكثير على شعوب عالم الجنوب ويوفر لها فسحة أوسع وشروط أفضل للتحرك والنمو المستقل ويجنبها ويلات الهيمنة الغربية الدولارية الواحدة من حروب وعقوبات وحصارات وتبعية.

*لمحة عن منظومة بريكس: تشكل مساحة دول بريكس ربع مساحة اليابسة على كوكب الأرض، وعدد سكانها أكثر من 40 % من سكان الأرض (ثلاثة مليارات وثمانية وسبعون مليون نسمة حسب إحصاءات 2016). في حين يبلغ عدد سكان ثلاثين دول أعضاء في حلف ناتو “الأطلسي” ثلاثمائة وأربعة وثلاثون مليون نسمة فقط.  اقتصاديا، تقول الأرقام أن دول بريكس تقترب من 25 %من الدخل القومي العالمي، بالإضافة إلى قرابة نصف الاحتياطي العالمي من العمالات الأجنبية والذهب، وبما لديها من احتياطي للعملات الأجنبية فهي تمول حاليا العجز المتصاعد للاقتصاديات الغنية. أدرج ادناه رابط دراسة حول دول بريكس للباحثة الجزائرية د.آسيا طويل باللغتين العربية والإنكليزية.

1-رابط مقالة/أمريكا بين نارين: إما رفض سداد ديونها صيف أو خريف هذا العام وإما موت الدولار خلال عام … ألكسندر نازاروف:

https://www.raialyoum.com/%D8%A3%D9%84%D9%83%D8%B3%D9%86%D8%AF%D8%B1-%D9%86%D8%A7%D8%B2%D8%A7%D8%B1%D9%88%D9%81-%D8%A3%D9%85%D8%B1%D9%8A%D9%83%D8%A7-%D8%A8%D9%8A%D9%86-%D9%86%D8%A7%D8%B1%D9%8A%D9%86-%D8%A5%D9%85%D8%A7-%D8%B1/

2-رابط دراسة حول دول بريكس للباحثة الجزائرية د. آسيا طويل باللغتين العربية والإنكليزية:

https://www.asjp.cerist.dz/en/downArticle/275/10/3/129001

 

اظهر المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

This site is protected by wp-copyrightpro.com