ثقافة

          شاعر المقاومة الفلسطينية /سميح القاسم

بيدر ميديا.."

محمد جواد فارس 

…..

يا عدوَّ الشّمس لكن لن أساوم 

و إلى آخر نبض في عروقي سأقاوم 

ربما تسلبني آاخر شِبر من  ترابي

ربما  تُطعم للسجن شبابي 

ربما تسطو على ميراث جدي 

من أثاث و أوان و خوابي 

ربما تُحرق أشعاري  و كتبي

ربما تطعم لحمي للكلاب

ربما تبقى على قريتنا كابوس رُعب 

ياعدو  الشمس لكن لن اساوم

وإلى آخر نبض في عروقي سأقاوم 

                                               سميح القاسم

          شاعر المقاومة الفلسطينية  

يعلمنا التاريخ الحديث  أن الاستيطان لم يكتب له الخلود و  أن الشعوب لن تسكت عنه ، بل تقاومه ولدينا أمثلة، ثورة الشعب الجزائري  تحتاالإستيطان  الفرنسي الذي دام 150 عاما ، عملوا خلاله على فرنسة الشعبو لكن الشعب الجزائري  الذي بدء بثورته عام 1954 مستخدما أسلوب الكفاح المسلح تحت قيادة جبهة التحرير الوطني الجزائرية ، فقدم الشعب خلال فترة التحرير  أكثر من مليون شهيدحتى أعلن شارل ديغول عام 1962 سحب الجيش الفرنسي وأعلنت جبهة التحرير استقلال الجزائر  وسميت جمهورية الجزائر الشعبية الديمقراطية )٠ ولا ننسى كيف أن الفرنسيين  في استيطانهم في الجزائر دمروا هذا الشعب  و قامو بتجاربهم للاسلحة النووية في الصحراء الجزائرية ومدى تأثيرها على البشر والطبيعة لسنوات ٠

اما البلد الآخر الذي انتزع الاستقلال من الاستيطان الإنكليزي، فهو جمهورية أفريقيا  الجنوبية ، بعد أن حكما البيض الانكليز في حكومات  الابرتايد  حوالي 250 عاماو تعاملوا مع أصحاب  الأرض من السود بتمييز عنصريإلى أن قامت حركة تحرير جنوب افريقيا بزعامة  نلسن ماندلا و رفاقهو جرت انتخابات حرة فاز فيها حزب المؤتمر الوطني  بقيادة  نلسن ماندلا و كان له دور في طرح شعار التسامح بين أصحاب  البلد و الموستوطنين البيضو اليوم يعيش من البيض حوالي  4, 2 مليون  متضامنين أ اخوة مع السواد الاعظم من الأفارقة  ، وانتهى عصر الاربتايد في هذا البلد ٠

ومن هذه المنطلقات الموضوعية في القرن العشرين بات النضال من أجل إنهاءآخر معقل للعنصرية في فلسطين المحتلة ٠

ــ فلسطين  البوصلة ــ

بعد الحرب العالمية الأولى والتي اندلعت  عام  1914 – 1918 و الذي توج  بانتصار الحلفاء، و اندحار العثمانيين الذين كانوا يحتلون فلسطين ، يومها كان سكان فلسطين  من مسلمين و مسيحيين و يهود متعايشين بشكل إيجابيوجاء وعد بلفور في رسالةأرسلها آرثر جيمس بلفور بتاريخ الثاني من نوفمبر عام 1917 إلى  الصهيوني روتشيلد وفيها إشارة صريحة لموافقة الدولة البريطانية لإنشاء وطن قومي لليهود في فلسطين.  وقد سبق وعد بلفور أتفاق سايكس بيكو  الذي تم عام 1916،  

و  عندما و صل الغرباء من اليهود الصهاينة إلى ارض فلسطين  العربية و صلت الهجرة  ذروتها  عام 1948 وسمي بعام النكبةفهجّروا أبناء البلاد من ديارهم و استخدموا أساليب  جرمية ومنها مجزرة دير ياسين التي ذهب ضحيتها الكثير من سكنة دير ياسين الفلسطينيةطُرحت القضية الفلسطينية أمام مجلس الأمن  التابع للأمم المتحدةو صدر في 29 تشرين الثانينوفمبر 1947 قرار التقسيم  و الذي أحدث صدمة لدى الشعب الفلسطيني و القوى الوطنية والتقدمية في المنطقة العربية ، وعلى سبيل المثال موقف الحزب الشيوعي العراقي بقيادة الرفيق الخالد  يوسف سلمان يوسف (فهد وهو مؤسس الحزب الشيوعي العراقي عام 1934 ,   و هو في السجن ومحكوم بالإعدام و رفاقه، فأرسل رسالة إلى الرفاق في التنظيم ضمّنها موقف الحزب ضد التقسيم، و دعا إلى رفع شعار فلسطين  العربية يتعايش فيها المسلمون و المسحيون و اليهود من أصحاب البلد ، و لكن موقف السوفيت كان مع دفع الاحزاب الشيوعية و العمالية العالمية المنضوية  تحت الكومنترن  ، إلى إقرار  قرار تقسيم  فلسطين، و ذلك بإقامة دولتين؛ يهودية إسرائيل و أخرى عربية فلسطين  ٠ و بدء العرب حربهمو لكن خيانة الأنظمة العربية لم تسمح للجيوش العربية بكسب المعركة، فانسحبت.  وكان الجيش العراقي قد شارك  في المعارك وترك في فلسطين  شهداءه  في مقبرة جنين ٠

وبقيت قضية فلسطين و تحريرها  من الصهاينة تتفاعل في الحركات الوطنية بين اليسار و القوميين و طرحت شعارات تضمنية، ومنها شعار فلسطين؛ يحررها  أبنائها ، و أنشئ في العراق بعد ثورة تموز عام 1958 جيش التحرير الفلسطيني برعاية من الجيش العراقي و حتى في سورية ٠

وفي الأول من عام 1965 تم الإعلان عن حركة  التحرير الوطني  الفلسطيني فتح ، عندما تداعى عدد من الفلسطنيين ومنهم ياسر عرفات و خليل الوزير  و ابو إياد و آخرين.التي رفعت شعار التحرير و الكفاح المسلح كطريق لنيل الحريةولاقت  تأييداً من قبل القوى الوطنية والشعوب في الوطن العربيوتطوع الشباب فيهاو بعد ذلك أصبح  هناك عدد من المنظمات المقاومة ومنها الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين و الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين، و الجبهة الشعبية القيادة العامة و جبهة النضال الفلسطيني، و جبة التحرير الفلسطينية و الجبهةالعربية لتحرير فلسطين و قوات الصاعقة الفلسطينية واخيرا ظهرت حركة المقاومة الإسلامية حماس و حركة الجهاد الإسلامي ٠

وفي حرب الأيام الستة عام ،1967 أقدمت دولة الكيان الصهيوني على شن العدوان على الجبهتين  المصرية و السوريةو انتهت الحرب باحتلال  سيناء و عبور القناة إلى الجهة الاخرى وتم تدمير القوة الجوية المصرية وهي جاثمة في المطارات.  و احتُلّت  هضبة الجولان  السوريةوبدء عبد الناصر  بإعادة  تسليح الجيش المصري بعد عدوله عن الاستقالة ، وطلب من السوفيت الموافقة على تزويد الجيش المصري بالطائرات و الأسلحة، و وافق السوفييتو شارك الهواري بومدين الرئيس الجزائري  في دفع مبلغ من المال لتسليح الجيش المصري.  وبعد وفاة جمال عبد الناصر و تبوء نائبه  أنور السادات تحول  إلى أمريكا  وزار إسرائيل و أصبحت  المصالحة و الاعتراف و التفاوض مع إسرائيل،  و التحقت بعده الأردن و منظمة التحرير  الفلسطنية ٠ 

ولكن القيادة الفلسطينية للمقاومة بكل منظماتها  لازالت ملتزمة بقرارات قمة الخرطوموطرح جمال عبد الناصر  في المؤتمر اللاءات  الثلاث لا تفاوض لا صلح لا إعتراف ٠ و إسرائيل موغلة في عدوانها على المقاومة و تعمل من أجل القضاء عليها و هذا لم يتم ٠

و في عام 1982 صيفا قرر  المحتل الاسرائيلي الحرب على الجنوب اللبناني لضرب تجمعات المقاومة الفلسطينية التي كانت تنطلق المقاومة من الجنوب ، و وضع  كل قواه العسكرية من طيران ودبابات ومشاة ،  و صدم بمقاومة شديدة وخاصةً في قلعة شقيف  اللبنانية التي صمدت  وقاومتوعندما قام بحصار  بيروت  العاصمة ، وكنت شاهد عيان على ذلك عندما وصلتُ بيروت قبل ساعات من الحصار على بيروت؛  انا كاتب هذه السطور،و كنت متطوعاً باسم الحزب الشيوعي  العراقي كطبيب.  وعملت مع جمعية الهلال الأحمر الفلسطيني في مشفى ميداني في المصيطبةو بقيت لحين خروج المقاومة الفلسطينية.و شاهدت كيف أن المقاومة الفلسطينية أبلت مع المقاومة الوطنية اللبنانية بلاء حسناً،  والتي تشكلت من الحزب الشيوعي اللبناني و حزب العمل الشيوعي و الناصريين  وحركة المرابطين و حركة امل و قد خط البيان الأول لانطلاقها جورج حاوي  سكرتير اللجنة المركزي للحزب الشيوعي  اللبناني و محسن ابراهيم من حزب العمل الشيوعي  و قد تركت منظمة التحرير اسلحة ثقيلة بعد مفاوضات مع الموفد حبيب و جرى الاتفاق على خروج منظمة التحرير الفلسطنية و انسحاب جيش الاحتلال الاسرائيلي، بعد مقاومة باسلة لدخول جيش العدو إلى بيروت الغربية والضاحية و هزم نتيجة خسائره .  وبهذا التاريخ المجيد لمقاومة استمرت و تطورت بإستخدام  كل الأساليب منها السلمية  والاعلامية ، ففي جنوب لبنان  ظهرت المقاومة المسلحة الإسلامية  متمثلة بحزب الله ، حتى طردت الاحتلال  الاسرائيلي من الجنوب ٠

و المقاومة الفلسطنية هزمت كيان الاحتلال في قطاع غزة بضربات المقاومة ، وفي الضفة الغربية لعبت مقاومة الشعب الأعزل دوراً مهما في التصدي لعمليات الاحتلال، و ذلك في انتفاضة الحجارة الأولى والثانيةو اليوم هناك مقاومة مسلحة ترد على عمليات الاحتلال التي يقوم بها، ومنها تهديم البيوت وانتزاع الأراضي من أصحابها  و إقامة مستوطنات سكنية لليهود القادمين من اوربا ٠

أن التطور الحاصل اليوم في تصنيع السلاح و منه الصواريخ البعيدة المدى التي تدكُّ  المدن الإسرائيلية مثل يافا و تل أبيب و حتى وصلت إلى أطراف ديمونة  حيث المفاعلات  النووية  ، ماهو إلاّ إشارة تدل على أن النصر قريب، و خاصة عند تفكك الكيان الصهيوني في جيشه و كذلك الرعب و الهلع الذي اصاب المستوطنين و هروبهم إلى الملاجئمما أحدث نقلة نوعية بوقف الهجرة الى إسرائيل و التفكير بالهجرة المعاكسة إلى الدول التي قدموا منها ، و التظاهرات التي استمرت لأسابيع في تل أبيب ضد نتنياهو و القوانين الجديدة ، وهذه الظاهرة الأولى من نوعها ضد نتنياهو رئيس الوزراء وحزب الليكود الاسرائيلي ٠ 

و مما تقدم نجد أن هناك مؤشرات  تدلل على أن هذا الكيان العنصري الفاشي لن يدوم طويلا لأسباب منها:ــ

  تفكك المجتمع الاسرائيلي بين الطوائف الدينية و المجتمعية وظهور معارضة شعبية في تظاهرات  جرت وتجري في تل أبيب ضد خطط نتنياهو  لتغير النظام القضائي  والمظاهرات تجري أسبوعيا.  و انضم عدد من قوات الاحتياط إلى المتظاهرينو هذا مؤشر خطر  يدلل على أن رئيس الوزراء مهدد بنهاية  حكومته ٠

كما أن الاقتصاد الاسرائيلي والذي يعتمد على المساعدات المالية من الولايات المتحدة الأمريكية و كذلك المملكة البريطانية  المتحدة  ، أصبحت تشكل عجزا في الوضع الحالي وذلك بسبب ان الامبريالية اليوم تعاني من وضع اقتصادي يعتمد على المديونية من صندوق النقد الدولي و البنك الدولي ٠

كذلك اشتداد المقاومة الفلسطينية  و أستخدام  أسلوب  الكفاح المسلح في الانتفاضة الأخيرة في  مدن الضفة الغربية،  بعد أن كانت الحجارة هي السلاح ، و أصبح  الان السلاح الفردي هو الكلاشنكوف  و المسدس والسلاح الأبيض، من أجل وضع حد لإعتداءات  المستوطنين و الجيش الاسرائيلي ، مما أربك سكان المستوطنات  لخوفهم  على حياتهم من المقاومين  الفلسطنين ٠ وأصبحوا يفكرون بالعودة  إلى بلدانهم من حيث أتوا  إلى فلسطين، أي الهجرة المعاكسة إنقاذاَ لحياتهم وعوائلهم ٠ 

كما أصبحت المقاومة في غزة و جنوب لبنان تملك من السلاح المتطور الصواريخ بعيدة المدى التي تصل إلى المدن في الأرض المحتلة مثل تل أبيب و القدس ويافا  وحيفا  والجليل و عسقلان  وبئر السبعو وصل مدى هذه الصواريخ إلى  75 كم و 80 كمو شاهد  العالم هذه الصواريخ  تتساقط  فيدب الرعب في سكان المدن فيهرعون  إلى  الملاجئ ، ولن  تحميهم  صواريخ  الباتريوت ٠

إضافة إلى توقف  الهجرة الى فلسطين من دول اوربا بسبب  هذه الأوضاع غير المستقرة للعيش بسلام و أمان.  بل على العكس أصبحت الهجرة  المعاكسة  أي العودة إلى بلدانهم للحفاظ  على  حياتهم ٠

ومن هنا يمكن أن  نستنتج  أن آخر دولة استيطان في العالم و هي دولة الكيان الصهيوني  لن تكمل مئويتها  ، والنصر سيكون لفلسطين و لشعبها العربي ،

وأخيرا  استعير مقطع من نشيد ثوري باسم الشعب الملحمة سنقولها أنت وأنا فلسطين والقدس ستبقى لنا ٠ 

                                               طبيب وكاتب 

اظهر المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

This site is protected by wp-copyrightpro.com