مقالات

وباء كورونا ووباء الفضائح الجنسية!.

بيدر ميديا.."

وباء كورونا ووباء الفضائح الجنسية!

غادة السمان

 

لا أقرأ هذه الأيام مجلة غربية إلا وأجد فيها (جريمة) من الفضائح الجنسية، حيث يعتدي بعض مشاهير السياسة والسينما والتلفزيون شهرياً على نساء بينهن قاصرات! هذا إلى جانب أخبار وباء كورونا وضحاياه. الوزير الفرنسي مثلاً نيكولا هولو، اتهمته ابنة أحد الوزراء بالاعتداء عليها جنسياً.. واضطر للاستقالة من الحياة السياسية. المذيع الشهير في فرنسا باتريك بوافر دارفور، مذيع نشرة الأخبار اليومية طوال أعوام سابقاً في القناة الأولى ومؤلف بعض الكتب، اتهمته عدة نساء بالاعتداء عليهن. الفنان جان لوك لاهاي، الشهير في فرنسا، مسجون حالياً بتهمة الاغتصاب ريثما تتم محاكمته، أما ابنته فملاحقة قضائياً بتهمة رشوة اللواتي يتهمنه، وذلك في محاولة لشراء صمتهن! النجم السينمائي الشهير جيرار ديبارديو، واجه الاتهام نفسه من إحداهن. والأسماء والأمثلة على ذلك تطول؛ كاتهام الوسيم البطل الأولمبي يانيك أغنين (29 سنة) لاعتدائه على قاصر حين كانت في سن 13 سنة! وهو ما يواجهه المتهم المغني دوك جينيكو حيث ألقي القبض عليه بتهمة الاعتداء على قاصر سنها دون 15 سنة. وبالتالي، لا يستطيع القول إن الرغبة كانت متبادلة. وفي وسعي كتابة المزيد عن هذا النمط من الفضائح الجنسية، لكن هل بينهن (كما تقول بعض الصحف) صبايا يبحثن عن الشهرة ويتهمن مشهورين بالاعتداء عليهن؟

الجندي السوري في درب حمص

من يطالع هذا النمط من الأخبار التي تتكاثر كل يوم وتضم اعترافات واتهامات صبايا بالاعتداء عليهن، يشعر بشيء من النفور؛ إذ لا دليل مادياً إلا فيما ندر على حدوث هذه الاعتداءات.
ثم إنني لا أرى العلاقة بين المرأة والرجل، كالعلاقة بين الصياد والفريسة، بل أرتاح إلى العلاقات الإنسانية المتبادلة بين المرأة والرجل مع حسن النوايا! ولي ذكريات منذ صباي عن أمور مشابهة لم أتعرض فيها لأي تحرش أو اعتداء..
بل أذكر أنني كنت سعيدة بشراء سيارتي الأولى في دمشق، واشترط أبي (وكان رئيساً للجامعة السورية خلال أعوام طويلة) أن أتعلم كيفية تبديل دولاب السيارة إذا ثقب لكيلا أطلب مساعدة أحد، وهكذا كان، وذهبت إلى (زقاق الجن) كما كان يدعى، وأظن انه كان يدعى (زقاق الجن) لكثرة الضوضاء التي يسببها تصليح السيارات! وبعدها صرت أقود سيارتي بثقة من دمشق إلى بيروت، وإلى حمص؛ لزيارة عمتي التي كانت تقيم هناك. وكنت أتوقف في بلدة النبك (منتصف الطريق) لشرب (الليمونادة) المشهورة فيها. ومرة وأنا أستعد لمتابعة الطريق إلى حمص، شاهدت جندياً سورياً أو أحد طلاب الكلية العسكرية ينتظر من يقله إلى حمص. ودعوته للركوب معي! وقلت له إنني ذاهبة إلى حمص لزيارة عمتي. وحدثني في الطريق عن أمه وأخته وكانت صلة إنسانية نقية عابرة.

ضد الخوف التقليدي من الرجل!

لم أشعر يوماً بالخوف من أي رجل، بل أحببت دائماً الشعور بأننا بشر نتساوى بالحقوق والواجبات.
وهكذا ركب الجندي السوري معي في سيارتي الأولى (رينو زرقاء مستعملة) وتابعنا الدرب إلى حمص. كان يبدو (مدهوشاً) لأنني لا أخاف منه (!) وكان مهذباً وصامتاً في البداية، ثم حدثني عن أمه وأخته كما ذكرت. وصلنا إلى حمص، وقلت إن بيت عمتي هنا حيث توقفت، وعليه البحث عمن يقله إلى كلية العسكرية.
أتذكر ذلك كله، وأعتقد أنه لا بد لكل من تتهم رجلاً في الغرب اليوم تقديم دليل مادي على الاعتداء عليها. فأنا مازلت أعتقد أن اعتداء رجل مشهور على امرأة قد لا يحدث إذا لم تمد الصبية تياراً مكهرباً بينهما، ثم تذهب لتتقدم في مركز الشرطة بتهمة اعتدائه عليها بعد أعوام من حدوث ذلك.

في (مجاهل) لبنان..

ومرة نمت عند صديقة في ضواحي بعلبك لتوفير الوقت للذهاب إلى الطرف الآخر من لبنان لتحقيق صحافي، وأرشدني زوجها -سامحه الله- إلى درب ترابية قريبة.. وهكذا وُجدت في طريق غامضة ترابية وتعطلت سيارتي، حاولت إصلاحها وفشلت، فأنا لست مصلحة سيارات، ومر بي شابان وتوقفا، وعرضا المساعدة ووافقت. وقالا لي إنه يوجد مصلح سيارات قريب في هذا (الهشير) ولكن لا بد من دفع السيارة يدوياً. وفعَلا ذلك مشكورين، وأصلح الرجل المحرك ولم يضايقني أحد، بل على العكس، شكرت المجهولين وعرضت عليهما بعض المال مقابل هدر وقتهما وتعبهما، ورفضا شاكرين. وحين أتذكر هذه الحكايات وغيرها كثير، تدهشني اليوم كثرة الاتهامات بالاعتداءات الجنسية في الغرب.. فهل (الأوادم) في سوريا ولبنان عادة مألوفة، والمرأة التي لا تتصرف على نحو مكهرب نحو الذكور تجد ما يشابه ذلك وتظل العلاقة إنسانية فقط؟ لا أدري..

كسر (هيبة) مرض السرطان

في بلادنا العربية، نكره، ذكر اسم مرض السرطان، ونكتفي بدعوته (المرض)! أما في الغرب عامة وفرنسا خاصة، فقد أصبحت (مناكدة) السرطان أمراً عادياً لكل من أصيب به من المشاهير، وبذلك يتم كسر هيبة مرض السرطان، وهذا أمر جيد لأنه يشجع المصابين به على مواجهته دونما خجل أو خوف منه. ثم إن هذا المرض اللعين ليس معدياً مما يسهل الحديث عنه بشجاعة ورفضه مع الحديث عن الأساليب الممكنة للشفاء منه، أو لتأجيل موعد قتله لنا. ولكننا نعرف أن كثرة شرب الكحول والتدخين يسهمان في تنشيط إصابتنا به. وفي بلادنا العربية نعيش هلعاً من هذا المرض أكثر بكثير مما يحدث في الغرب، ربما لأننا نفضل (الواقعية)؛ أي إعلان الخوف من الموت به، ولكن الشفاء منه بين وقت وآخر ممكن. وها هو المذيع الشهير الفرنسي جان بيير برنو (المتزوج من ملكة جمال فرنسية سابقة) يتحدث عن مرضه مبتسماً مع صورة على غلاف مجلة «هنا باريس».

الشفاء ولو المؤقت من السرطان

في بلادنا العربية نتحدث عن المصاب بمرض السرطان وكأنه قد يكون على وشك الوفاة. وقد يكون كذلك، ولكن ثمة غير علاج لهذا المرض اللعين يطيل عمر المريض، ونعرف أنه حين يُقتل المرض بالأشعة قد ينتقل إلى عضو آخر، ولكن ما جدوى الهلع وكلنا سنموت على نحو أو آخر؟ عندنا، يخفى أمر مرض أحد أفراد الأسرة بالسرطان كما لو كان عاهة، ونتعامل معه مثل (تابو)؛ أي محرم لا نتحدث عنه. في الغرب أضحى الاعتراف بالمرض شبيهاً بالاعتراف بالزكام مثلاً (!) وهذا أمر صحي يساعد المرضى على الشفاء برفع معنوياتهم.. والسرطان ليس بالضرورة قاتلاً، أما الخوف منه فقاتل إذ يُضعف المناعة!

اظهر المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

This site is protected by wp-copyrightpro.com