تحقيقات

فنانون مغاربة في البرلمان… بنيوب يؤكد لـ«القدس العربي»: الفنان لا يمثل عشيرته الفنية.

بيدر ميديا.."القدس العربي .

فنانون مغاربة في البرلمان… بنيوب يؤكد لـ«القدس العربي»: الفنان لا يمثل عشيرته الفنية

 

الرباط ـ «القدس العربي»: شكلت الانتخابات الأخيرة التي عاشها المغرب في الثامن من أيلول/ سبتمبر، لحظة متجددة للمسار الديمقراطي في المغرب، كما كانت محطة برز فيها اهتمام غير مسبوق من طرف مجموعة من شرائح المجتمع المغربي ونخبه، ونخص هنا بالذكر الفنانين المغاربة الذين كان لهم حضور وازن في المشهد الانتخابي، سواء كمصوتين في صناديق الاقتراع، أو كمرشحين نالوا ثقة الناخبين، ومروا إلى قبة البرلمان من خلال فوز كل من فاطمة خير وكليلة بونعيلات.
المسألة ليست جديدة كما تشير إلى ذلك العديد من المعطيات السابقة، فقد بعض الفنانين المغاربة ممثلين في البرلمان من بينهم الممثل ياسين أحجام والمطربة الأمازيغية فاطمة تباعمرانت، لكن اليوم يأتي هذا الاهتمام بحضور الفنانين في المؤسسة التشريعية مميزاً على اعتبار خصوصيات اللحظة واستثنائية الانتخابات التي جاءت في خضم مواجهة جائحة فيروس كورونا وكسب رهان تحدي الأزمة الصحية والمحافظة على المواعيد الديمقراطية المغربية الثابتة.
بالنسبة للعديد من الفنانين، فقد ضجت صفحاتهم على مواقع التواصل الاجتماعي قبل وأثناء وبعد الانتخابات بالعديد من التدوينات، أيدت ودعمت في البداية، وهنأت بالفوز بعد الإعلان عن النتائج… كان شبه احتفال فني مغربي بوصول فاطمة خير وكليلة بونعيلات إلى البرلمان وربما هناك أسماء أخرى لم ندركها بعد في اللوائح الناجحة، ونسوق هنا نموذج فنان الهيب هوب المغربي موسى العريف الذي سبق أن حاورته “القدس العربي”.
أمام هذا المستجد الاحتفالي الفني بفوز فنانات في انتخابات الثامن من أيلول/ سبتمبر، التقت “القدس العربي” الكاتب المسرحي والباحث والأستاذ في المعهد العالي للفن المسرحي والتنشيط الثقافي، محمد أمين بنيوب. وسألته عن نظرته إلى فوز فنانين مغاربة في الانتخابات ووصولهم إلى قبة البرلمان، فأكد أن “هذا ليس بمستجد جديد”، موضحاً: “دائماً كانت هناك وجوه ثقافية وفنية تشارك في الاستحقاقات الانتخابية السابقة، سواء في أحزاب يسارية أو ليبرالية. فقط، مع استحقاقات أيلول/ سبتمبر 2021، سلطت الأضواء على مشاركة الفنانين، لأنهم يحظون بالشهرة وصورتهم الفنية في وسائل الإعلام ومواقع التواصل سبقت انتماءهم الحزبي”.
وأضاف: “ربما هناك وعي لدى بعض الفنانين، أن حل قضاياهم الفنية والمهنية يمر عبر الانخراط في العمل السياسي المباشر لا عبر وسائط أخرى”.
وعن رأيه في مدى التأثير الإيجابي على الوسط الفني بالوصول إلى قبة البرلمان، أم إن الأمر مجرد لحظة عابرة في الزمن الفني المغربي، قال الكاتب المسرحي أمين بنيوب: “في الحقيقة، لا يهمني اللون السياسي للفنان وهيئته الحزبية، بقدر ما يهمني طرحه لقضايا معضلات الثقافة والفنون واستعداده للترافع عن جل قضايا المهن الفنية والثقافية وتقديم مشاريع وقوانين ومقترحات مراسيم تنظيمية لسياسية ثقافية وطنية جديدة وهو في معترك تدبير الشأن العام، محلياً، جهوياً ووطنياً”.
وتساءل المتحدث: “هل في مستطاع الفنان المغربي أن يغلب الانتماء واللون الحزبي الضيق لخدمة والدفاع عن المشترك الثقافي والفني بحس نقدي ووعي فكري؟”، مشيراً إلى أن “الأيام وسنوات انتداب الفنان في المؤسسات الانتخابية، ستبدي صحة النوايا وحسن الأفعال وصدق الأقوال”.
في سياق آخر، لم يمر انتماء وترشح فنانين باسم حزب معين مرور الكرام، كما أنه لم يكن مفروشاً بورود الترحيب، بل تعالت بعض الأصوات المنتقدة قبل وفي خضم الحملة الانتخابية، وعن ذلك أفاد محمد أمين بنيوب، بأن “هذا حق من حقوق الإنسان، نصت عليه القوانين الوطنية وأقرته المواثيق الدولية. فمن حق أي مواطن مغربي، بغض النظر عن جنسه ولونه ولغته ومهنته، أن ينخرط في تدبير الشأن العام”. وأضاف رداً على هذه الانتقادات بالتأكيد على أن “الفنان مواطن وله الحق في التمتع بالحقوق الدستورية وأن ينخرط في العمل السياسي، مع من شاء وكيف شاء”، وحسب الباحث نفسه، فقد كانت “كثيرة هي الردود التي أتت مجانبة وغير مدعمة لحق الفنان في الانتماء الحزبي واختياره الحر في الترشيح للمؤسسات المنتخبة”.
وسألت “القدس العربي” بنيوب حول التجربة السابقة للممثل ياسين أحجام في البرلمان، وما مدى صحة ما تردد كثيراً في اللقاءات الفنية والثقافية حول مرور تلك التجربة دون أي ثمار، لكن رأي بنيوب كان مخالفاً، حيث أكد أن “تجربة الفنان ياسين أحجام مع حزب العدالة والتنمية أثمرت مشروع قانون الفنان والمهن الفنية بشراكة مع النقابات المهنية الفنية”.
وتساءل المتحدث ذاته “هل المرحلة كانت عادية أو تأسيسية؟” بالنسبة للباحث “سيبقي لرجل الإعلام والكاتب أن يحللا بموضوعية تلك المرحلة وحصيلتها، خاصة ما قدمته للثقافة والفن وللمهنيين خلال عشرية كاملة من كانون الأول/ ديسمبر 2012، حتى أيلول/ سبتمبر 2021”.
واستطرد قائلاً: “يجب أن نوضح أمراً مهماً للغاية. عندما يترشح أي مواطن للانتخابات البرلمانية، فهولا يمثل مهنته ولا حيه ولا قبيلته ولا مدينته ولا جهته. خصوصية المؤسسة البرلمانية، أنها تجسد الانتماء للأمة ولكل تراب الأمة. بهذا المعنى، فالفنان لا يمثل عشيرته الفنية، بقدر ما يمثل خيارات اقتصادية واجتماعية وثقافية لأغلبية حكومية أو أقلية معارضة. هذا لا يمنع من أن يقدم الفنان مبادرات قانونية وتشريعية للقطاع الثقافي الوطني”.

اظهر المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

This site is protected by wp-copyrightpro.com