تحقيقات

زها محمد حسين حديد اللهيبي.. رحلة نجاح مهندسة عراقية إخترقت آفاق  الشهرة العالمية

بيدر ميديا ..

 زها محمد حسين حديد اللهيبي.. رحلة نجاح مهندسة عراقية إخترقت آفاق  الشهرة العالمية

رساله الحسن

زها محمد حسين حديد اللهيبي معمارية عراقية بريطانية ولدت 1950/10/31  بغداد لأسرة ثرية ذات نفوذ فوالدها محمد الحاج حسين كان رجل أعمال واحد مؤسسي الحزب الوطني الديمقراطي في العراق، ووالدتها وجيهة الصابونجي كانت ربة بيت ، ساهمت تربيتها على يد والدها في تكوين شخصيتها المميزة.. وتلقت تنشئة مرفهة مع التحاقها بمدارس داخلية في انجلترا وسويسرا وأدركت منذ صغرها بأنها ستكون مشهورة يوما ما فقد كانت ذكية وطموحة .

عائلتها…

والد زها حديد هو محمد حسين حديد ولد في الموصل ونشأ في أسرة موالية عريقة وثرية..وقد برز من عائلة حديد شخصيات كثيرة أسهمت في بناء الدولة العراقية الحديثة منهم حسين حديد وكان رئيسا لبلدية الموصل وهو جد زها ، ووالدها محمد حسين حديد السياسي العراقي الليبرالي أنهى دراسته الثانوية في بيروت وأكمل دراسته في كلية لندن للاقتصاد التي كانت مركزا للحداثة الفكرية وقيم الحرية والعدالة الاجتماعية وتضم أصحاب نظريات الفكر اليساري في الاقتصاد والسياسة حصل على شهادته في العام  1931وعاد إلى الموصل مشبعا بالأفكار اليسارية كان له أفكار اشتراكية ولم يكن من مؤيدي الملكية في شبابه نتيجة تأثره بالأفكار اليسارية في كلية لندن للاقتصاد أصبح رئيس شركة صناعة الزيوت النباتية ومشاركا في تأسيس الحزب الوطني الديمقراطي في العراق عام 1946 ثم وزيرا للتموين وعضوا في مجلس الاعمار العراقي في العهد الملكي. اسس الحزب الوطني التقدمي في عام 1958 وأصبح وزيرا للمالية بعد الثورة (1958 -1963)

غادر والد زها العراق عام 1991 لأغراض العلاج وكان عمره 84 عاما وقد توفي في لندن في عام 1991 وقد نشر له كتاب مذكراتي الصراع من أجل الديمقراطية في العراق عام  2006بعد وفاته بمتابعة من ولده فولاذ ،عاشت زها وحيدة في منزل أبويها حيث كان اخويها يعيشان خارج العراق ، كانت طفلة فضولية تقضي النهار وهي تتجول في المنزل وتطرح الكثير من الأسئلة على والدتها وما ان يعود والدها حتى تعاود طرح الأسئلة عليه بعد أن تكون الوالدة قد اكتفت من أسئلتها الكثيرة وكان والدها يتقبل صغيرته ويحاول الإجابة عل أسئلتها بمحبة وكثير من الصبر . كان والدها يحب التصميم كان منزلهم جميلا يعود إلى ثلاثينيات القرن الماضي ومجهز بقطع اثاث جميلة من الخمسينات ولايزال المنزل قائما في بغداد وفي السادسة من عمرها حضرت معرضا في بغداد وبدأت فكرة التصميم تستهويها وعندما بلغت الحادية عشر من عمرها عرفت بأنها تريد أن تكون معمارية..

كانت مدرسة الراهبات التقدمية في بغداد التي درست فيها زها مدهشة وقضت فيها وقتا رائعا كانت زميلاتها في المدرسة من مختلف الطوائف والمذاهب وتذكر زها حديد ان ناظرة المدرسة كانت قاسية ولكنها كانت ليبرالية وقد أنهت زها جميع مراحل دراستها الثانوية في هذة المدرسة في عام 1966(وأصبح اسمها ثانوية العقيدة للبنات فيما بعد(.

هيثم حديد  1934شقيق زها الأكبر تخرج من جامعة كمبردج في بريطانيا في الإقتصاد عام  1956وأقام في لبنان ويعمل فيها ولا يزال يعيش في بيروت ، فولاذ حديد (1937_2012) شقيق زها الاصغر تخرج من كلية القانون في كمبردج ثم درس في كلية الأعمال في جامعة هارفرد عمل في واشنطن ثم افتتح مكتباخاصا للمحاسبة في بيروت بالتعاون مع شركة عالمية تزوح من مغربية من الأسرة المالكة وكانت المغرب مكان إقامته الثاني ، أنشأ منحة حديد لمنح الدكتوراه في دراسات الشرق الأوسط بكلية سانت أنتوني في جامعة أكسفورد وعمل على توفير التمويل لها .اشرف في عام  2006 على إصدار مذكرات والده بعد وفاته بعدة أعوام (الصراع من أجل الديموقراطيه في العراقي) ولفولاذ كتاب مسيرة الديموقراطية في العراق صدر عام  2012 كان كاتبا في الشؤون العربية وله كتابات في موقع فكري وقد توفي في نفس العام .

الحياة الأكاديمية

التحقت زها حديد بكلية العمارة التابعة لرابطة المعماريين في لندن في عام  1972حيث كان اساتذتها المعماريين إيليا زينغليس اليوناني وريم كولهاس الهولندي الذين تخرجا من ذات الكلية وكان لهما الفضل في مساندتها بحماس ومنحاها حس الاستشراق للمستقبل وفي إلهامها حول التراكيب ثلاثية الأبعاد والهندسة المعقدة المركبة وقد كونت معهما وحدة عمل في الكلية كانت هي العنصر الجامع فيها برزت في الكلية كطالبة متميزة ولامعة، وقد وصف استاذها كولهاس أداءها خلال آخر عامين لها بالكلية بصاروخ ينطلق ببطء قبل أن يرتفع في السماء ويأخذ مسارا متسارعا بأستمرار، وقال كولهاس ، ها هي الان كوكب في مدارها الخاص الذي لا يضاهيه أحد ، كانت زها في قمة إلهامها ،حصلت على شهادة البكالوريوس في الهندسة المعمارية عام  1977وحازت على المرتبة الأولى بين الخريجين وعلى جائزة الرابطة وتميزت الرابطة بالحداثة ، دخلت بعد تخرجها في العام 1977 شريكا في مكتب العمارة الحضرية للمهندسين ريم كولهاس وايليا زينجليس الذي مركزه الرئيسي في روتردام بهولندا(وله فروع في نيويورك وبكين وهونج كونج وأستراليا ودبي والدوحة) بالتزامن مع العمل كمعيدة في كلية العمارة. كانت تدرس في الصباح وترسم في المساء وكانت رسامة يدويه بارعه قبل دخول عصر الحاسوب ، في عام 1979 اسست شركة خاصة بها في لندن في غرفة صغيرة باربعة أشخاص وبات مكتبها في عام 2016 يضم مباني عديدة لقرابة 400 موظف وكان مدير شركتها الألماني باتريك شوماخر الذي عمل معها منذ التسعينات ولا يزال …

كان عام 1987 بداية لحياة أكاديمية حافلة لزها حديد في التدريس الجامعي حتى وفاتها، عملت بداية وأستاذ كرسي كنزو تانجي في كلية الدراسات العليا للتصميم في جامعة هارفرد واستاذ كرسي سوليفان في كلية الهندسة المعمارية في جامعة الينوي في شيكاغو.ثم كاستاذ زائر في كلية الهندسة المعمارية بجامعة ولاية أوهايو وكلية الهندسة المعمارية في بجامعة كولومبيا في نيويورك وفي جامعة بيل في الولايات المتحدة وعملت كاستاذة زائرة في عدة جامعات في دول اوروبا… كانت تتقاضى أعلى اجر كمهندسة معمارية.

أنجازاتها..

كانت أول امرأة عربية تحصل على جائزة بريتزكر في عام 2004. وكانت تحصل على جائزة سنويا وبعدها حصلت على 12جائزة في عام واحد ، خلال مسيرة حياتها قدمت 950 مشروعا في  44دولة مختلفة في عام 2003 انتهت من إنشاء مبنى مركز روزنشال للفن المعاصر وهو أول متحف امريكي تتولى تصميمه أمرأه واعتبرته جريدة النيويورك تايمز أهم المباني الأمريكية التي أنشأت منذ الحرب الباردة

في عام 2010، منحت جائزة سترلنج Stirling Prize لتصميمها مبنى المتحف القومي للفنون بروما، إيطاليا(Maxxi) وتقول جريدة الجارديان عن المتحف : أنه تحفة معمارية ملائمة لمجاورة عجائب روما القديمة.

تتعدى الجوائز والاوسمه التشريفية العريقةالتي حصلت عليها زها المائة جائزة. فقد حصلت على اول جوائزها في 1982، وهي الميدالية الذهبية للتصميمات المعمارية Gold Medal  Architectaral esign عن تصميماتها في بريطانيا.

في عام  2004أصبحت أول أمراة وأحد اصغر الحاصلين على جائزة برتزكر للهندسة المعمارية Pritzker Prize وتعد هذة الجائزة ارفع تكريم على مستوى العالم في مجال الهندسة المعمارية. في عام  2005تم اختيار تصميمها لمبنى الرياضيات البحرية الأولمبي المخصص لدورة الألعاب الأولمبية  2012في لندن وفي نفس العام تم اختيار تصميمها للاستاد الأولمبي المخصص لدورة الألعاب الأولمبية  2020طوكيو.

زها حديد حفاوة وجوائز عالمية

تعتبر زها حديد من كبار رواد فن العمارة المعاصرة وقد حصلت على 198جائزة ووسام تشريفي خلال مسيرتها المهنية وتضم أكثر من 50 جائزة بعد وفاتها

وقد اشتهرت عالميا بتصميماتها المبتكرة لمشاريع قيد التنفيذ ومشاريع تم تنفيذها فعلا ومن بينها

– مركز ماغي للسرطان بمستشفى فكتوريا في غلاسكو اسكتلندا في عام .2006

 -محطة قطار نوردبارك في انسبروك بالنمسا في عام 2007.

– جسر الجناح في مدينة سرقسطة في اسبانيا عام 2008.

– دار الأوبرا بيتهوفن في العاصمة الألمانية السابقة بون في عام 2009

وفاتها..

توفيت زها في  31مارس   2016في أحد مستشفيات ميامي بالولايات المتحدة وكانت تخضع لعلاج الالتهاب الرئوي وتعرضت لازمة قلبية أثناء علاجها في المستشفى وتوفيت بشكل مفاجئ عن  66عاما وهو نفس العمر الذي توفيت فيه والدتها وقد دفنت زها (2016)

بجانب شقيقها فولاذ(2012)ووالدها(1999) في مقبرة بروكوود في لندن.كانت زها أنسانة وفية فقد أوصت بمنح نصف مليون جنيه إسترليني لأخيها الكبير هيثم وأوصت بنصف مليون أخرى لابني هيثم رنا وحسين   200ألف جنيه لابنة أخيها المتوفي فولاذ تالا و( 0.7 مليون لاربعة أبناء( وأوصت بنصف مليون جنيه لمدير شركتها الألماني باتريك شوماخر الذي عمل معها منذ التسعينات كما فعلت لأخيها وقد أوصت ان تستمر شركتها وهي المالكة الوحيدة لها وثروتها الصافية   67مليون جنيه وان تكلف لجنة من أوصياء Trust بادارتها وقد منح الأوصياء حق توزيع أرباح الشركة على نشاطات من بينها دعم النشاطات التعليمية للهندسة المعمارية ومكافئات للعاملين السابقين والحاليين ومن سيعملون في الشركة في المستقبلوهكذا هوت العراقية زها والنجمة الساطعه من سماء الهندسة المعمارية (نجمة العمارة كماتسمى) بعد أن غيرت نظرة العالم نحو المرأة واثبتت ان فكرة عدم قدرة المرأة على التفكير بطريقة ثلاثية الأبعاد هي فكرة سخيفة وهـــــــزت الصورة النمطية السلبية للمرأة العربية المسلمة.

اظهر المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

This site is protected by wp-copyrightpro.com