مقالات

الذكرى السنوية العاشرة لوفاة الصديق والمناضل جوهر نامق سالم .

بيدر ميديا ..

صورة الأستاذ جوهر نامق سالم في عام 2010 في أربيل
الدكتور / كاظم حبيب .
في الحادي والعشرين من شهر أذار/مارس 2021 تمر الذكرى العاشرة لوفاة الصديق العزيز والمناضل الكردي وأبن الشعب الكردي البار والمواطن العراقي الأستاذ جوهر نامق سالم. بوفاته فقدت أخاً وصديقاً نبيلاً ووفياً وإنساناً طيباً وسياسياً مناضلاً وعنيداً.
تعرفت على الفقيد جوهر حين كان طالباً في كلية الاقتصاد في الجامعة المستنصرية في نهاية الستينيات وبداية السبعينيات، وكنت أستاذا فيها لمواد الاقتصاد واقتصاديات الدول النامية والاقتصاد الزراعي، وكان معه العديد من الطلبة الكرد من أعضاء الحزب الديمقراطي الكردستاني، أذكر منهم الصديق الفقيد عادل مراد، حيث شكلوا حينذاك اللجنة الخاصة باتحاد طلبة كردستان في الجامعة المستنصرية. لم تكن لي علاقة شخصية وخاصة به، بل كان كبقية الطلبة ولم اتق به شخصياً حينذاك. وقد تحدث لي، وعادل مراد، عن محاولة للإساءة لي في الجامعة من قبل الطلبة البعثيين، فقررت اللجنة الطلابية الكردستانية التصدي لهم ومواجهتهم إن تطلب الأمر ذلك. كان ذلك في عام 1970/1971، أي في أعقاب اتفاقية أذار 1970 حول الحكم الذاتي لإقليم كردستان العراق. ولكن مر الأمر بسلام. ثم التقيته من جديد في دمشق، وأخيراً في أربيل عام 2002 حين دعيت من قبل اللجنة المسؤولة عن التحضير لمؤتمر أكاديمي يبحث في حملات الأنفال الإجرامية بحق الشعب الكردي، وكان رئيس اللجنة الصديق الأستاذ فؤاد صديق، في حين كان الأستاذ جوهر نامق عضو المكتب السياسي للحزب الديمقراطي الكردستاني حينذاك مشرفاً على عمل لجنة المؤتمر.
شاركت في هذا المؤتمر نخبة من المثقفين الكرد والعرب العراقيين، منهم الأصدقاء الدكتور جبار قادر والدكتور فالح عبد الجبار والكاتب القدير زهير الجزائري. أثناء انعقاد المؤتمر تعززت صداقتي به وبدأنا نلتقي كل عام مرة واحدة أو أكثر حين أكون في الإقليم فنتناقش في قضايا العراق والوضع السياسي العام والمسائل الاقتصادية التي كانت تؤرقه وتؤرق المجتمع العراقي بأسره. وكانت له رؤية سياسية واجتماعية ناضجة ومؤسسة علمياً في القضايا الاقتصادية أيضا، ومنها قضايا التنمية والنفط، وحول التخلف والفساد ومكشوفية الاقتصاد العراقي على الخارج ومخاطر الاقتصاد الريعي النفطي، كما كانت له رؤية واضحة ومهمة في الشؤون السياسية والثقافية. ومن الجدير بالإشارة إلى أن والده كان أحد المؤسسين والبارزين في حزب “هيوا” في منطقة گرميان في أوائل اربعينيات القرن العشرين.
لقد كان الصديق جوهر نامق سالم مثقفاً عضوياً واعياً يعمل بإخلاص لشعبه الكردي وللقضية الكردية عموماً وكذلك لحزبه الديمقراطي الكردستاني، وكان يؤكد باستمرار ضرورة التلاحم بين القوى والأحزاب الكردستانية وتوحيد برامجهم السياسية والاقتصادية والاجتماعية، إضافة إلى أهمية وضرورة النضال العربي الكردي المشترك من أجل الحريات العامة والديمقراطية وفي النضال من أجل انتزاع الحقوق المشروعة للشعب الكردي، ومنها حقه في تقرير مصيره بنفسه.
في حديث مع الرفيق الفقيد عزيز محمد، وكذلك مع الرفيق حيدر الشيخ علي، أتمنى له الصحة واشفاء العاجل وطول العمر، الذي عمل مع جوهر في الجبهة الكردستانية ممثلين عن حزبيهما، الحزب الديمقراطي الكردستاني والحزب الشيوعي العراقي بسنوات قبل وفاته، استفسرت منهما وعن تقييمهما للأستاذ جوهر نامق، فكا جوابهما كل على انفراد، بأنه يتسم بالنزاهة ونظافة اليد والإخلاص للقضية الكردية والشعب الكردي ولحزبه، كما أنه إلى جانب تحقيق التحالف بين الحزب الديمقراطي الكردستاني والحزب الشيوعي العراقي ولوحدة القوى الكردستانية في النضال من أجل الديمقراطية وحقوق الإنسان. كما قيل بأن قد اتسم جوهر بالعناد المبدئي الصارم وربما العصبية الحادة أيضاً في التعبير عن وجهات نظره، ولم أشعر بذلك شخصياً. لقد كان الود والاحترام المتبادل والصراحة بيننا سائداً حتى وفاته المفاجئة.
كنا نتبادل الرسائل الإلكترونية حول الهموم المشتركة، كما نمت علاقات عائلية طيبة بين عائلتينا حين دعينا للاحتفال معهم بعيد نوروز، العيد القومي والوطني للشعب الكردي، عند سفح جبل سفين في صلاح الدين حيث حضرت مجموعة كبيرة من الأصدقاء الكرد المشتركين من الذين قضيت معهم فترات طيبة في فترة النضال الأنصاري، حيث كنت ضمن قوات الأنصار الشيوعيين في كردستان العراق، وكان الاحتفال بهيجاً، وكان الوادي مليئاً بالكرد المحتفلين بهذا العيد.
كانت لجوهر نامق مشاريع كتابية عديدة تبحث في اقتصاد النفط وقضايا التنمية، وكان ينوي إصدارها، وأطلعت على مجمل أفكارها وتناقشنا في بعضها. وقد كان بيننا اتفاق على الأهمية القصوى لاستثمار الوضع الجديد في الإقليم وتدفق الموارد المالية من النفط المصدر في إنعاش الاقتصاد الكردستاني، لاسيما التنمية الصناعية والزراعية، إلى جانب تحسين مستوى حياة ومعيشة ودخل الشعب الكردي الذي عانى كثيراً من النظم الاستبدادية القاهرة، لتأمين فرص عمل كثيرة للعاطلين عن العمل وتجنب توظيف المزيد منهم في دوائر الإقليم الخدمية التي امتلأت بهم وعطلت حتى العمل فيها لكثرتهم واستنزافهم للدخل الريعي المنتج في اقتصاد النفط الخام المصدر. وكان الفقيد يحمل شهادة بكالوريوس في الاقتصاد من كلية الاقتصاد التابعة للجامعة المستنصرية ببغداد.
“شغل جوهر نامق مناصب مختلفة في الحزب الديمقراطي الكردستاني وأبرزها عضو في القيادة المؤقتة عام 1975، ثم عضو في المكتب السياسي للحزب لفترات مختلفة، وانتخب عضواً عن كركوك في مجلس كردستان، وانتخب في عام 1992 أول رئيس لبرلمان كردستان .نشط في الحركة الكردية وكذلك في معارضة نظام صدام حسين، وشارك في مؤتمر المعارضة العراقية عام 2002، واختير ضمن لجنة المتابعة والتنسيق التي انبثقت عن المؤتمر.”. (أنظر: وكيبيديا، الموسوعة الحرة، 21/11/2021).
في آخر لقاء لي معه كان في شتاء عام 2011 حين زرت أربيل وتناولنا الغداء في بيته، حيث أخبرني بأنه يشعر بآلام قاسية في معدته وفي الأمعاء، وأن الأطباء لم يعرفوا السبب وأعطي بعض المهدئات. رجوته السفر بسرعة إلى الخارج لإجراء الفحوصات اللازمة لتشخيص السبب. وأكد بأنه سيقوم بذلك.
في يوم 18 أذار/ مارس 2011 اتصل بي جوهر نامق، وأنا في برلين، من المستشفى في السويد وأخبرني بأنه وصل ستوكهولم وهو الآن نزيل المستشفى وتجري عليه فحوصات طبية، وكان عنده شقيقه ياور. قلت له سأحجز اليوم تذكرة سفر بالطائرة لزيارتك غداً. رجاني أن أنتظر يومين وسيعلمني بنتيجة الفحوصات، لكي أستطيع زيارته. وفي يوم 21/03/2021 اتصلت بغرفته في المستشفى فكان الفقيد ياور، (توفي في أربيل بتاريخ 22/01/2020)، على الخط، وقال لي والحزن يخنق صوته، لقد مات جوهر هذا اليوم. كان خبراً محزناً وصاعقاً واحتبست الدموع واختنق الصوت كما صوت شقيقه ياور. عبَّرت له عن حزني وخسارتي لصديق عزيز ووفي وعزيته بوفاته وودعته على أمل اللقاء به في أربيل.
لقد رحل مناضل كبير وقائد سياسي مقدام وبيشمركة مقاتل من أبناء وبنات الشعب الكردي المقدام ومن أعضاء وقياديي الحزب الديمقراطي الكردستاني الذي اختطفه الموت مبكراً وكان في عز عطاءه الفكري والسياس والاجتماعي. فالعزاء لعائلته وحزبه وأصدقاءه ومحبيه، والذكر الطيب للفقيد والصديق العزيز. كتبت جريدة المدى ما يلي: “وصل ظهر الخميس، جثمان الراحل جوهر نامق سالم رئيس أول دورة لبرلمان كردستان الى إقليم كردستان عبر مطار أربيل الدولي، حيث كان في مقدمة مستقبلي جنازة الفقيد، كل من رئيس إقليم كردستان مسعود بارزان ورئيس ونائب رئيس برلمان كردستان ورئيس حكومة الإقليم الدكتور برهم أحمد صالح ورؤساء الكتل النيابية في البرلمان الكردستاني. وألقيت خلال مراسيم الاستقبال كلمات عديدة من قبل رئيس برلمان كردستان الدكتور كمال كركوكي ورؤساء الكتل النيابية وممثلي الأحزاب الكردستانية ونيجيرفان بارزاني نائب رئيس الحزب الديمقراطي الكردستاني، استعرضوا فيها جوانب مهمة من التاريخ المجيد للراحل جوهر نامق سالم النضالية في صفوف الحزب الديمقراطي الكردستاني، وما أنجزه خلال رئاسته لأول برلمان في إقليم كردستان. الى ذلك جرى أمس الجمعة مواراة جثمان أول رئيس لبرلمان كردستان الثرى بمحل ولادته في قرية “برلوت”.”، التابعة لمحافظة السليمانية. (أنظر: جثمـان جـوهـر نامـق يـوارى الثـرى بقضـاء كـلار، جريدة المدى بتاريخ 25/03/2011).

اظهر المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

This site is protected by wp-copyrightpro.com