مقالات

غورباتشوف في التسعين .

بيدر ميديا ..

عبد الرزاق دحنون .

قد أختلف معك في الرأي، ولكني على استعداد لأدافع حتى الموت عن حقك في التعبير عن رأيك
فولتير

في المثل: القشة قصمت ظهر البعير. والحقيقة أن القشة لم تكن هي التي قصمت ظهره، بل إن الأحمال الثقيلة هي التي قصمت ظهر البعير الذي لم يعد يحتمل الأمر فسقط على الأرض من قشة زادت في حمله. صحيح أن البعير جبل المحامل ولكن للصبر حدود، وللحدود نهاية. وكان البعير سيسقط من حمله الثقيل. ونقول: طفح الكيل. وتكون قطرة واحدة زائدة عن الحد السبب في طفح هذا الكيل. وهناك وجهة نظر أخرى في تفسير هذا المثل العربي القديم تقول: إن الأمر الهين اليسير، الذي لا قيمة له، قد يؤدي إلى نتائج خطيرة وعواقب وخيمة، لأن البعير القوي الشديد، الذي يحمل على ظهره قدراً كبيراً من القش، يصل حداً قد تؤدي زيادة قشة واحدة فوق حمله، إلى كسر ظهره وهلاكه، ومن هنا يُضرب المثل لعدم الاستهانة بصغائر الأمور، التي قد تورد الإنسان مورد الهلاك. فهل كان ميخائيل غورباتشوف الأمين العام للحزب الشيوعي السوفييتي القشة التي قصمت ظهر دول المنظومة الاشتراكية؟

في النصف الثاني من العقد الثامن من القرن العشرين أصدر مركز الأبحاث والدراسات الاشتراكية في العالم العربي عدداً خاصاً ضخماً هو الأضخم في الحجم من بين جميع أعداد مجلة “النهج” التي صدرت سابقاً ولاحقاً، وكأنه يشبه جمل المحامل. كان الموضوع الذي صدر من أجله تغطية ندوة فكرية حوارية اجتمعت في دمشق العاصمة السورية لبحث أمر “البريسترويكا” إعادة البناء في الاتحاد السوفييتي العظيم وتأثيرها على الأحزاب الشيوعية العربية وعلى التجربة الاشتراكية.

شارك في هذه الندوة الفكرية أكثر من مئة من المفكرين والباحثين والسياسيين العرب والذين خاضوا عميقاً في مياه نهر “البريسترويكا” الذي فاض واكتسح السدود وأغرقت مياهه الأرض وما عليها. عدد “النهج” الخاص هذا بقي في مكتبتي في مدينة إدلب، ومن الصعوبة بمكان استحضاره، وقد نسيت رقم العدد وتاريخ صدوره بعد أن شردتنا الحرب السورية الضروس التي طحنت رحاها البشر والشجر والحجر. بحثت في “الإنترنيت” شبكة المعلومات العالمية عن أعداد مجلة “النهج” وجدت عدداً واحداً فقط-حزنت كثيراً لهذا الإهمال من الأحزاب الشيوعية العربية، لأن أعداد مجلة النهج من الواجب توثيقها إلكترونياً- حمَّلت العدد إلكترونياً من موقع “الحوار المتمدن” وهو يحمل الرقم 13 شتاء 1998 وفيه ملفاً جيداً عن ثورة البلاشفة.

كان واضحاً اختلاف وجهات النظر في عدد مجلة النهج بين الباحثين والذي حمل عنوان “البريسترويكا عربياً” حيث انقسمت المواقف بين مؤيد متحمس ومعارض خجول لما يفعله ميخائيل غورباتشوف والذي صعد سلَّم السلطة السياسية درجة فوق درجة وكان صديقاً مقرباً من يوري أندروبوف رئيس مخابرات أمن الدولة السوفييتي، لذلك لا يمكن الشك على الاطلاق في مسيرته السياسية- وشك الرفيق خالد بكداش شتاء عام 1992في حواره مع الصحفي السوري عماد ندَّاف في كتاب “خالد بكداش يتحدث” بأن غورباتشوف كان عميلاً للمخابرات المركزية الأمريكية لا أساس له، بل فرية سخيفة تقوم على تكهنات، ومن المُعيب أن تصدر عن خالد بكداش.

من متابعتي اليومية من لحظة انتخابه أميناً عاماً للحزب الشيوعي السوفييتي حتى لحظة تقديم استقالته وتفكك الجمهوريات السوفيتية كان مخلصاً لأفكاره، وبقي كذلك حتى يومنا هذا، وها هو في التسعين من عمره اليوم، فقد ولد في الثاني من مارس/آذار عام 1931 هو أصغر بسنة واحدة من أبي-مدَّ الله في عمره- المولود عام 1930 في مدينة إدلب السورية وقد كان أبي شيوعياً أيام القائد الأسطوري خالد بكداش.

ميخائيل غورباتشوف آخر أمين عام للحزب الشيوعي السوفييتي رأى أن لابد من مفهومات جديدة في سياسة الاتحاد السوفييتي فاقترح مفهوم: التفكير السياسي الجديد، حين شعر أن هنالك طريقاً انتهى وأصبح مسدوداً، ولا بدّ من هجر القديم والدخول في العالم المعاصر. واعتمد التفكير المقترح آنذاك على نزع الأيديولوجيا من عناوين كثيرة، لا سيما في العلاقات الدولية، وكذلك هجر مفهوم صراع الطبقات وعزله من محور السياسات الدولية، إضافة إلى إعطاء الأولوية للمصالح الإنسانية الكونية، وزيادة التفاعل الإيجابي، سياسياً وليس عسكرياً، مع العالم.

أين الخطأ هنا؟ لا خطأ في هذه التفكير على ما أحسب. ولكن ميخائيل غورباتشوف جاء في نهاية سلسلة مفككة أصلاً من السياسات التي انتهجتها القيادات السابقة في مختلف الشؤون السياسية والاقتصادية والاجتماعية في جمهوريات الاتحاد السوفييتي والمحافل الدولية -سباق التسلح كان جريمة كونية لا تغتفر- فأوصلت دولتهم إلى الانهيار. ومن وجهة نظري ستالين أول من أسس لهذا الانهيار-وقد يغضب أنصار ستالين من هذا الرأي- ولكن الحقيقة هي هذه، ستالين ما كان له أن يكون قائداً سياسياً للدولة الاشتراكية الوليدة حتى قبل موت لينين، الفرق واسع بين الرجلين، لينين كان مفكراً كبيراً، كان حكيماً، ولو دخلت إلى مكتبه في الكرملين لوجدت كتاب الساخر العظيم البريطاني جورج برنارد شو ( إلى الخلف حتى مافوسيل) كُتبتْ على غلافه عبارة (إلى نيقولاي لينين الحاكم الوحيد من بين حُكَّام أوروبا الذي يمتلك نبوغاً وخُلقاً ومعارف تتناسب مع مركزه المسؤول) من جورج برنارد شو في 16 حزيران 1921.

ستالين كان بلطجياً بصفة أمين عام، وقد فطن لينين لذلك متأخراً، فاقترح إزاحته عن الأمانة العامة للحزب الشيوعي في نصِّ صريح، لكن الفأس كانت قد وقعت في الرأس، إنه القدر. وزاد الطين بلّة أن “البلطجة” التي أمسك من خلالها الدولة السوفييتية عطلت نمو بذرة الاشتراكية في المجتمع السوفييتي، فتعفنت، فجاءت اشتراكية ستالين مشوهة، هزيلة، غير قادرة على العيش فماتت بعد حين.

من يدافع عن سياسات ستالين ونهجه ويصنع من سيرة حياته “أيقونة” شيوعية، وبطلاً أسطورياً لا يُشق له غبار، له ذلك، وأنا لا أُعيبه في رأيه، ولكنني عدتُ إلى ثلاثية الكاتب والمؤرخ الروسي ديمتري فولكوغونوف “ستالين الواقع والاسطورة” الصادرة بترجمتها العربية عام 1995 وقد بلغت عدد صفحاتها الألف صفحة. حكى عن ستالين كما هو في الواقع من خلال نصوص ووثائق ومستندات حقيقية. لم يفتر على هذا الرجل العملاق الذي جلس في كرسي السلطة السياسية لفترة قارب ثلاثة عقود. من هو ستالين الحقيقي وليس الأسطورة التي يمجدها الناس؟ حسب ديمتري فولكوغونوف: ستالين لم يكن عاملاً في الأساس، هل يمكن وصفه بالبروليتاري ليقود “دكتاتورية البروليتاريا”؟ لا أظن ذلك، لم تترسخ في نفسه قيم العمال ونضالاتهم ضدَّ مستغليهم، ولم يأكل خبزه من عرق جبينه، ولم يكن طالباً نجيباً تخرج من جامعة محترمة، بل درس في مدرسة دينية على أن يكون قسيساً. ولم يكن عسكرياً محترفاً، ولم يكن سياسياً بارزاً، ولم يكن اقتصادياً، ولم يكن مثقفاً من طراز رفيع، لأن نشر عدة مقالات -قبل ثورة البلاشفة- في الجرائد تلك الأيام لا تجعل منه مثقفاً حقيقياً، ولا مفكراً فذاً. كل ذلك يجب أن يأخذ بجدية عند قراءة أسطورة ستالين الموضوعة. وفوق هذا كله كان ستالين “مغضوب الوالدين” على ما أحسب، ووقائع حياته مع أسرته تدل على ذلك، وهذا الأمر من الدلالة بمكان، فعلاقته بأمه ومن ثم بزوجاته وأولاده كانت مرعبة. من لا يستطيع بناء أسرة ناجحة كيف له أن يبني دولة.

كان ستالين في زمانه يشبه كثيراً صدام حسين ومعمر القذافي وحافظ الأسد وعلي عبد الله صالح في زماننا العربي الأغبر هذا، وقد كانوا السبب الأول لتفكك أُسرهم ودولهم. وانهارت في النهاية دولهم وأسرهم معاً. قد يختلف الناس اختلافاً واسعاً في أسباب هذه الانهيارات للمجتمعات والدول التي كانت تمتلك كل مقومات النهضة الحضارية ولكنها بوجود هؤلاء في رأس السلطة السياسية وتفصيل الدول على مقاس نفوسهم المريضة، نعم كانوا مرضى بكل ما تحمل كلمة مريض من معنى، فمرض المجتمع برمته. وكان الأجدر أن يكون مكانهم الحقيقي مشفى الأمراض العقلية مش القصر الجمهوري. وجودهم في رأس الهرم السياسي لدولهم غيَّر التاريخ فجأة مجرى مصير تلك الشعوب ووضعها على شفير الهاوية في مهب الريح. وما الفائدة من البكاء على الحليب المراق؟ هل تستحق روسيا والعراق وسورية واليمن وليبيا ما آلت إليه؟ ومن هنا علينا دراسة دور الفرد في التاريخ دراسة واقعية متأنية.

ما هي المؤهلات التي جعلت من هؤلاء أرباب أُسر وقادة دول لعقود عديدة؟ هل من إجابة؟ نعم، البلطجة، قوة البطش وضعف الحكمة وجنون العظمة. وبعد استقصاء واسع ستجد ان ستالين كان يتلبَّسه شيطان جنون العظمة وهو في الأساس كان أفاقاً، وقُل منافقاً ولا تخف، كان بلطجياً وهي ألصق الصفات بشخصيته. أعجبه أن تُنصب له التماثيل الضخمة في كل مكان وأن يمجده الناس ويعبدوه، وان يكون له مصنع خاص لصناعة تماثيله -وكان لصدام حسين مثل هذا المصنع في العراق- وأن تكون صورته أيقونه في كل بيت سوفييتي وأن تسمى آلاف القرى والمدن والمصانع والحدائق والسدود باسمه، عند كل منعطف كلماته تزين جدران المدارس والمصانع والمزارع الجماعية وقاعات المحاضرات في طول البلاد وعرضها. ماذا يُسمى هذا؟ ولعل صدام حسين صورة باهتة من ستالين، كان صدام حسين بلطجياً من طراز رفيع. الشبه بين صدام حسين وستالين في السيرة العامة والحياة الأسرية وقيادة الدولة واضحة لا تخفى على كل من يقرأ التاريخ قراءة حقيقية. وكان صدام حسين نسخة رديئة من ستالين. وكلاهما كان يحسب نفسه عبقرياً وداهية في السياسة. لذلك تجد من “يُطبِّل ويزمِّر” لصدام حسين يفعل ذلك مع ستالين. في السياسة انتصر صدام حسين بعد حرب ثماني سنوات مع إيران ودمر العراق، وأكمل تدميرها باحتلال الكويت. وستالين انتصر على ألمانيا بعد خسارته لأكثر من عشرين مليون شهيد من أبناء الشعب السوفييتي. ثمَّ نهضت ألمانيا من جديد في عقد من الزمان، وانهار السوفييت والتجربة الاشتراكية برمتها.

يأتي اعتراض فوري على هذا الكلام: لماذا تلقي كل هذه التبعات على إنسان واحد، فقد كان هناك حزباً ولجنة مركزية ومكتباً سياسياً وملايين من البروليتارية الشيوعية، كان هذا محيط القائد؟ نعم، كل ذلك كان. ولكن في ظل الديكتاتور، في ظل القيصرية، في ظل الطاغية، في ظل جنون العظمة الذي يسكن القصر الجمهوري، يحدد كل شيء بإرادته، وتلك الملايين لا قيمة لها، تصفق فقط، وكأنه كان يراكم في نفسه كل شرور نظام دكتاتورية البروليتارية. والشاهد القريب البلطجي صدام حسين والمجنون معمر القذافي كانا كتلة غير متناهية من الشرور. مع أن كلّ منهما يحسب نفسه ملاكاً طاهراً، وهذه مفارقة مذهلة في دلالاتها. والملايين من العرب ما زالت إلى اليوم تمجد سيرة صدام حسين. ولو دققت في سيرة حياة ستالين ستجد أنه في أواخر سنوات حياته صار عملاقاً شريراً، قيصراً براية حمراء، وحوَّل العمال والفلاحين إلى شيوعيين مصفقين. انظر إليه في المؤتمر التاسع عشر للحزب الشيوعي السوفييتي 1952وهو الأخير الذي حضره ستالين قبل وفاته. خطب في المؤتمرين خطبة قصيرة وقوطع بالتصفيق الطويل عشرات المرات. ما هذا؟ لماذا تصفقون؟ كلام ستالين في خطابه لا يحمل قيمة، شعارات نمطية مكررة. إذن، هي عبادة حقيقية أم رياء ونفاق، نعم، هذا هو ستالين الإله المعبود -من هنا قلت ستالين كان منافقاً، وهو على علم بأنه كان يُنافق، واستمر في نفاقه- الشبه أوضح ما يكون بينه وبين البلطجي صدام حسين.

في المعجمات بلطجَ الشَّخصُ اعتدى على الآخرين قهرًا وبدون وجه حقّ مرتكباً أعمالاً منافية للقانون والعرف-كلمة بلطجة مش شتيمة- وقد كثرت أعمال البلطجة في الآونة الأخيرة من قِبل الرؤساء وزعماء الدول والأحزاب السياسية في مشرق الشمس ومغربها. والبلطجة في العمل السياسي مألوفة ومتوقعة وخاصة من الشخصيات السياسية التي تفتقر إلى المعرفة العلمية المنظمة. تقدم ستالين الصفوف، ولم يكن مؤهلاً لذلك، وقاد دولة اشتراكية ناشئة، فاختار نهج قتل معارضيه، سحق المعارضة التي كانت ستفيده في تقييم ما يفعله وتصويبه، فسكت الجميع عن أخطاء قاتلة في بناء الاشتراكية خوفاً، بل قُل رعباً، من بطش ستالين وجهازه الأمني الذي يحكم البلاد والعباد بالحديد والنار والمعتقلات والإعدامات، وفرض ما يريد من أفكار على المجتمع برمته “الماركسية-اللينينية-الستالينية” ووضع رسمه إلى جانب مفكرين كبار، فأمسى أب الوطن الاشتراكي فأوصل هذه الأب الأسرة والوطن الاشتراكي، بجهله وطيشه وبطشه، إلى الانهيار. وما حدث بعد موته مباشرة أن بكاه الصغير والكبير والمقمط في السرير على امتداد الوطن الاشتراكي. نعم كان معبوداً، ولكن انقلب رفاق الأمس على معبود الجماهير الذي مات، نعم، مات الصنم، فأزال رفاق الأمس أصنامه من الساحات والشوارع بعد حين، وكانوا أشد فتكاً بعضهم ببعض، وهو معلمهم الأول في هذا المقام، وهم تلامذته على كل حال، اصطفاهم ليكونوا طوع أمره. غربل ستالين الشعب السوفييتي فنخله الشعب بعد ذلك. ومن هنا المثل: من غربل الناس نخلوه.

جاء ميخائيل غورباتشوف في نهاية هذه السلسلة من القيادات ومن الإخفاقات والانهيارات ليصلح ما أفسده الدهر. أنتخب أميناً عاماً للحزب الشيوعي السوفييتي وهو في الرابعة والخمسين من عمره بعد موت تشيرنينكو في ربيع عام 1985، الذي كان ميتاً حياً، وظل طوال حكمه القصير راقداً على فراش المرض. تشيرنينكو جاء بعد أندروبوف، الذي كان بدوره يحمل منذ البداية بذرة داء قاتل أودى بحياته بعد وقت قصير، كذلك فإن أندروبوف جاء بعد بريجينيف، الذي كان في السنوات الأخيرة من حكمه جثة تتظاهر بأنها حية، وكان واضحاً أن قواه البدنية والذهنية لا تسمح له أن يدير مزرعة للدواجن، مش معسكراً عالمياً فادح القوة عظيم المسؤوليات.

عندما تكون الأمور مدبرة لا يستطيع القائد السياسي مهما كان حكيماً ان يجعلها مقبلة. وهذه الملاحظة المهمة في العلوم السياسية أوردها المسعودي في “مروج الذهب ومعادن الجوهر” وهو كتاب في التاريخ وأحوال الأمم. وعندما درس عصر مروان بن محمد آخر خلفاء الدولة الأموية والذي جاء في نهاية سلسلة طويلة من الانهيارات في هذه الدولة والتي كانت من أكبر الامبراطوريات في التاريخ، ولكنها انهارت تحت ثقل مشكلاتها التي لم يستطع مروان بن محمد إيجاد الحلول لها رغم صبره وحكمته وفروسته ومثابرته. والمثل الأرمني يقول: يُلقي مجنونٌ حجراً في بئر فيعجز أربعون حكيماً عن إخراجه.

اظهر المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

This site is protected by wp-copyrightpro.com