مقالات

بوخارين ”محبوب الحزب .

بيدر ميديا .

بوخارين ”محبوب الحزب .

محمد السعدي .

فلاديمير لينين هو الذي سماه محبوب الحزب قبل وفاته عام ١٩٢٤ . لينين الذي تعرض الى محاولة الاغتيال عام ١٩١٨ بعد أقل من عام على نجاح ثورة أكتوبر الاشتراكية من قبل  ” فانيا كابلان ؛ التي تنتمي الى أحدى أحزاب المعارضة فأصابته بثلاثة طلقات أحداها أستقرت في رئتيه ، لكن الموت لم يدركه مما تعرض بعدها الى سلسلة من الجلطات القلبية أقعدته عن مهامه الحزبية وأدت به الى الموت . الرفيق نيكولاي بوخارين يعد من أقرب رفاق لينين الى قلبه وفكره كما رفيقهم ليون تروتسكي . لينين كان شديد الحرص على سمعة رفاقه وحثهم على العمل والنضال في البناء الاشتراكي قبل وبعد ثورة أكتوبر ، والذين رافقوه سنوات طويلة من النضال والنفي .

 

 

في الأسبوع الأول من أنتصار ثورة أكتوبر ١٩١٧ . الايام التي هزت العالم في يوميات الصحافي الامريكي جون ريد خلال مشاهداته الحية في شوارع موسكو . عادوا الرفاق الى أرض روسيا الجديدة ( السوفييت ) قادمين من الولايات المتحدة الامريكية الرفاق نيكولاي بوخارين عبر اليابان وسيبريا وليون تروتسكي ليأخذوا دورهم المعهود لهم في أدارة الحزب والدولة في حمى صراع محتدم بين عدة أتجاهات وتوجهات . فعهد الرفيق لينين الى الرفيق بوخارين عضوية المكتب السياسي واللجنة المركزية ورئيس تحرير جريدة البرافدا وقائد للاممية العالمية ( الكومترن ) ، بما يتمتع به من مزايا فكرية ونظرية وتاريخ سياسي ورفقة طويلة في المهجر والمعاناة .

 

تفرد بوخارين بعمق مقالاته السياسية حول الفلسفة الماركسية وأدارة الدولة . وفي عمر عشرين عاماً كان ضمن لجنة موسكو الحزبية ، لكنها كانت مخترقة من الشرطة السرية مما عرضته الى المطاردة والاعتقال والنفي ، فهرب من السجن متنقلاً بين ( المانيا ، بولونيا ، السويد ، النرويج  ) ، ليستقر به المطاف في أمريكيا بعد نشاط سياسي دؤوب مع رفاقه خارج روسيا . فالتقى لاول مره برفيقه لينين في النمسا عام ١٩١١ ليواصلا النضال معاً ضد القيصر وسياسته . وبعتبر بوخارين من الشيوعيين البلشفيين المتشددين تجاه النظرية والفكر ، وقد وقف ضد رفيقه لينين من معاهدة بريست مع الالمان بل سعى الى مواصلة الحرب وسماه حرب ثورية ضد أعدائهم الطبقيين التاريخيين .

 

في عام ١٩٢٤ رحل قائده الاعلى ونموذجه السياسي ورفيقه لينين بعد معاناة طويلة من النكسات الصحية وتبوأ الرفيق ستالين على أدارة الحزب والدولة وآلية أدارتها ، وكان بوخارين من داعمي لهذه المسؤولية التاريخية الكبيرة ، بعد فترة زمنية لم تعد طويلة وأمتداداً لمواقف لينين من أدارة أمور الحزب والدولة على النهج الماركسي في بناء مؤسسات الدولة وتقويم بناء الحزب وفي تعزيزها بمباديء اللينينية . وبعد موت لينين واصل بوخارين  في دعم السياسة الاقتصادية الجديدة لستالين وفي دعمه لوحدة الحزب الداخلية وتحزيب مؤسسات الدولة تحت راية الشيوعية ، مما عرضه هذا الموقف المؤيد والمتشدد لسياسة ستالين أن يخسر من شعبيته وحضوره بين الرفاق المعارضة لسياسة الأب ستالين ، لكن سياسة ستالين الشديدة والدموية تجاه رفاقه تروتسكي ، زينوفييف ، كامينيف . دعاه أن يغير رأيه وموقفه مما عرضه هذا الموقف والاصطفاف الجديد الى السجن والاعدام بعد أن جرده الأب ستالين من كل مسؤولياته الحزبية والرسمية بعد أن سرب له معلومة لقائه برفيقه كامينيف غاضباً من ستالين وسياسته حيث وصفه جنكيزخان آخر وسيدمرنا جميعاً .

 

بعد محاكمة وأعدام رفاقه الشيوعيين القادة زينوفييف ، وكامييف ، في العام ١٩٣٦ أعطي ستالين أوامره الى جهاز أمنه الخاص في القاء القبض على بوخارين ، واليكسي ريكوف ، وأتهموا بالخيانة الوطنية في التأمر لقلب نظام الدولة السوفيتية . وقد حوكم بوخارين في محكمة موسكو مع ثلة من رفاقه المعارضين لسياسة ستالين ، وكان بوخارين المتهم الرئيسي في المحكمة ، وقد وجهت اليه عدة أتهامات منها التأمر للاطاحة بالرفيق والأب ستالين ، والجاسوسية لحساب الدول الكبرى لغرض تمزيق وحدة وأراضي الاتحاد السوفيتي ، ومحاولة أغتيال الرفيق لينين العام ١٩١٨ ، وتسميم مكسيم غوركي أبو رواية الأم الشهيرة  . أما المراقبين والحاضرين في جلسات المحكمة ، كانوا موقفهم آخر أعلنوا في التضامن مع موقف بوخارين في الدفاع عن نفسه وعن رفاقه وأن الاتهامات الموجهه له مبالغ بها ومحبوكه ضده ، وقد حاول الرفيق بوخارين أن يتماشى مع بعض فقرات جلسات المحاكمة في الاعتراف ببعض الاتهامات من أجل أنقاذ عائلته وتحديداً أنقاذ حياة أبنه ، والذي أعدم معه رمياً بالرصاص ، وقد أعتبره بعض المؤرخين خسارة كبيرة للبلد والحزب والتنكيل بزوجته حيث أرسلت الى معسكرات العمل الشاق . وقد عانت طويلا من ظروف صعبة حياتية وسياسية ، ففي العام ١٩٨٨ تم أعادة الاعتبار له من الدولة السوفيتية باعتباره رمزاً من رموز الاتحاد السوفيتي . والذي يعتبر من المفكرين الشيوعيين المميزين في العطاء والفكر .

 

يقول ستالين … ( كلما تعمق البناء الاشتراكي زاد الصراع الطبقي ). حيث أتخذ هذا تبريراً للتنكيل برفاقه وأساليب التصفيات بحق رفاقه باسم الوطن والشيوعية .

 

ولد بوخارين في موسكو عام ١٨٨٨ لأبوين يعملان في مجالات التعليم ، فبدأ حياته السياسية في سن مبكر ، كان عمره ١٦ عاماً وفي العام ١٩٠٥ أنضم الى حزب العمال الاشتراكي الديمقراطي الروسي وبعد سنة من هذا الانخراط أصبح عضواً فعالاً ومهماً في الفصيل البلشفي ، وعندما بلغ العشرين من العمر كان عضواً في لجنة موسكو الحزبية .

صدرت له مئات المؤلفات من الكتب والاراء والفلسفة ، وكان اهمها . ألف باء الشيوعية . حول البناء الشيوعي للشعوب وقاعدته الاقتصادية والبشرية .

محمد السعدي

مالمو/ أكتوبر٢٠٢٠

اظهر المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

This site is protected by wp-copyrightpro.com