مقالات

عزيز محمد شيوعيـة بـلا جنـاح: الاستعبار والاستبصار. الحلقة الحادية عشر .

بيدر ميديا .

عزيز محمد

شيوعيـة بـلا جنـاح: الاستعبار والاستبصار

 

عبد الحسين شعبان

الحلقة الحادية عشر

 

“ليت لي رقبة كرقبة البعير كي أزن الكلام قبل النطق به”

الإمام علي

مع ملا علي وكريم أحمد

عشية المؤتمر الرابع

 

يحار المرء كيف تتحوّل علاقات تاريخية وصداقية ومصيرية بين رفاق الأمس إلى بغضاء وكراهية وحقد وانتقام وثأر، وذلك بسبب اختلاف الرأي ، وقد احتدم الجدل والنقاش عالياً بتطورات الحرب العراقية – الإيرانية وقضايا الاستراتيجية والتكتيك، خصوصاً وأن القوات الإيرانية كانت تهدد باحتلال العراق وفرض نظام موال لها، وذلك بعد معركة المحمّرة وانسحاب الجيش العراقي من الأراضي الإيرانية في العام 1982، وبغض النظر عن أن النظام العراقي بدأ الحرب وأن إيران واصلتها طيلة السنوات الست الأخيرة، فإنها لم تخدم سوى الإمبريالية والصهيونية وألحقت ضرراً بليغاً بالشعبين والدولتين الجارتين. وكان الموقف من الحرب والمشروع الحربي والسياسي الإيراني أحد عناصر الاختلاف بين المجموعتين الحزبيتين، حيث أخذت شقة الخلاف تتسع والمسافة تتباعد.

وإذا كانت الأصوات المعترضة قد بدأت بتحرك عربي بتوقيع مذكرات وبيانات وكتابة مقالات متمايزة عن الموقف الحزبوي رسمياً، فإنها أخذت تزداد بانضمام زكي خيري وفيما بعد عامر عبدالله وباقر ابراهيم وحسين سلطان، وشبكة واسعة من الكادر كانت تثير نقاشات داخل التنظيم، وقد جرت اتصالات ولقاءات بين العديد من الرفاق تمخّضت عن صدور وثيقة في 15/11/1984 تحت عنوان : “من وحي اليوبيل الذهبي الخمسين للحزب الشيوعي العراقي: حديث صريح في الهموم والآمال “،  وقد أعادت المنبر نشرها بعنوان : ” معالم الأزمة في حزبنا الشيوعي العراقي: آراء ومواقف، كانون الأول (ديسمبر) 1987 .

وجاء في التقديم الذي خطّه كاتب السطور باسم هيئة تحرير المنبر ” وتتوخى المنبر تقديم رؤيتها الجديدة للعملية الثورية التي تواجه الحركة الشيوعية والعمالية العالمية بما ينسجم مع التطورات والمتغيّرات التي أفرزتها الحياة، سواء على الصعد العراقية أم العربية أم الإقليمية أم الأممية ، وهي بذلك تدخل حلبة الصراع المحتدم منذ سنوات كتيار شيوعي متميز يسعى من خلال الحوار والجدل وإثارة النقاش إلى خلق رؤية جديدة متطورة”

وكانت الوثيقة الأصلية قد صدرت بتوافق بين نوري عبد الرزاق ومهدي الحافظ ومجموعة واسعة من الكادر، وأعدّ صياغتها النهائية مهدي الحافظ، وجاء فيها أن الاجتماع الأخير للجنة المركزية (حزيران/يونيو/1984) ” سجّل بدايات انفجار التناقضات الداخلية وظهور الأزمة إلى السطح مما ينبئ بتطورات خطيرة على صعيد الوحدة التنظيمية والمسار السياسي والفكري للحركة الشيوعية العراقية، فبدلاً من اعتماد مبدأ صراع الآراء وتفاعلها وإتاحة  الفرصة لحوار ديمقراطي موضوعي وبنّاء جرى اللجوء إلى اتخاذ قرارات بيروقراطية وغير شرعية ضد جمهرة من أعضاء بارزين في المكتب السياسي واللجنة المركزية وكوادر متقدمة في عدّة منظمات حزبية وإشاعة جو من التهديد بالطرد والعقوبات التعسفية إزاء أي مظهر من مظاهر النقر والاعتراض على الأوضاع الداخلية الشاذة”.

وتناولت الوثيقة بالنقد، السياسة العملية للحزب وشعاره المركزي ” إسقاط الدكتاتورية وإقامة حكومة ائتلاف وطني ديمقراطي “  وتجربة الكفاح المسلح والخسائر المؤلمة والقاسية، خصوصاً ما حصل في بشتاشان، وردود الفعل إزاء الهجوم الغادر لقوات “أوك” 1983، والموقف من تطورات الحرب العراقية- الإيرانية، بعد تحرير إيران لأراضيها، وإصرار النظام الإيراني على مواصلة الحرب داخل العراق، بتغيير طابع الحرب، بعد أن تحوّلت إلى حرب استنزاف خطيرة لطاقات البلدين، وتوقفت عند الموقف المرتبك للقيادة الرسمية من اجتياح القوات الإيرانية للأراضي العراقية، كما انتقدتها من تعويم الموقف من قضايا النضال الفلسطيني .

واختتمت الوثيقة بفقرة خاصة حول “أزمة القيادة وسيادة البيروقراطية” ، جاء فيها: الواقع أن أزمة القيادة تمثل السمة الرئيسية للوضع الشاذ في الحزب وتتّخذ مظاهر صارخة على صعيد كفاءتها وأسلوب عملها، فبالنسبة للكفاءة ، أصبحت هذه النقطة الجوهرية، موضع نقد مر وشكوى أليمة على نطاق واسع، وانعكس ضعف الكفاءة في العجز عن تأدية المهمات القيادية بنجاح وفعالية، وفي الوقوع في سلسلة من الأخطاء والانحرافات، وتكبيد الحزب وجماهير الشعب خسائر وتضحيات متوالية وغالية.

وأضافت الوثيقة : أن أزمة إدارة الحزب تمثّلت أيضاً في الجمود والفوضى وضعف المبادرة وبتدني عطائها الفكري والسياسي وبضحالة المعالجات المطروحة لمشكلات البلاد والمنطقة، فبدلاً من إجهاد النفس والتصدي الواعي والمدروس لهذه المشكلات، جرى الركون إلى حلول ومواقف مبسطة وعامة، وبذلك أصبح العجز والاتكالية سمة مميزة للوضع القيادي وأسفر عن قناعات وممارسات ضارة وخاطئة لا تمت بصلة للنظرية الماركسية، ولا لمعطيات الواقع الموضوعي، ولا تسهم في دفع الحركة الثورية وتطويرها إلى الأمام.

وأضافت: ومن حيث أسلوب العمل، فالقيادة سواء المكتب السياسي أو اللجنة المركزية ، لا تعمل كوحدة متجانسة ومتكاتفة، بسبب سوء التوجيه والفوضى والتباعد، وتجاوز مبدأ القيادة الجماعية وحصر العمل القيادي الحقيقي في بضعة أفراد، بحجة سرية العمل ومقتضيات الظروف الصعبة التي يمر بها الحزب، وترتّب على ذلك شلّ الفعل الموجه والموحّد للقيادة وبروز تناقضات في مواقف الحزب وأدبياته في أحيان كثيرة، ومن ناحية أخرى ، فالعلاقات بين أعضائها باتت مثقلة بالعقد والمشاكل الشخصية والنفسية، مما غذّى النزعات الوصولية وأشاع جواً من المداهنة والتآمر والمكائد بين الكوادر .

والخلاصة لا يمكن أن يعزى ذلك كله ، لصعوبات النضال والظروف القاسية والمعقدة الراهنة فقط، بل وإلى مكامن وأوجه الخلل في قوام قيادته وأهليته، التي أثبتت تجربة الإخفاقات والانتكاسات العميقة والمتوالية منذ الاجتماع الموسع للجنة المركزية في تموز 1959 (وخاصة بعد الغياب المفجع للقيادة الأممية الباسلة للرفيقين سلام عادل وجمال الحيدري) إنها المسؤولة وبشخص أبرز وجوهها الحاليين عن جميع الانحرافات “اليمينية” و” اليسارية” التي وقع الحزب فيها، وأنها الواقفة بعناد وبطرق مختلفة في وجه أي تجديد لتركيب الهيئات القيادية، ولاسيّما المكتب السياسي، وضد إشاعة الديمقراطية والشرعية في الحياة الداخلية، بالإضافة إلى مقاومتها أي تطوير لأساليب عمل الحزب بما ينسجم وروح العصر والتطورات الحاصلة في الحركة الشيوعية العالمية وبما يكفل تعزيز طاقات وإمكانات الحزب لتحقيق رسالته التاريخية وأهداف الطبقة العاملة والجماهير الشعبية.

ولفتت الوثيقة النظر إلى بعض المؤشرات المقلقة والظواهر المحزنة التي برزت للعيان منذ الاجتماع الأخير للجنة المركزية وبهدف أخذها بالتدبّر والحسبان من جانب كل الحريصين على وحدة الحزب ومستقبل نضاله والعاملين  لإنهاضه من كبوته واستعادة دوره الكبير في النضال ضد الدكتاتورية والرجعية ومن أجل مستقبل سعيد ووضاء لوطننا وشعبنا.

إدارة الحزب والهجرة

أود الاعتذار للقارئ لهذه الاقتباسات المطوّلة، إلّا أنها تعطي فكرة واضحة ورؤية شاملة لوجهات النظر السائدة آنذاك وما آلت إليه الأمور لاحقاً، علماً بأن هذه الوثيقة شكّلت خلفية تقويمية لحركة المنبر، لاسيّما صدور البيان باسم الرفاق الستة بعد اعتذار عامر عبدالله وباقر ابراهيم وتأجيل موقفهما انتظاراً إلى ما ستتمخض عليه لقاءاتهما مع الرفيق عزيز محمد، لكن التنظيم الرسمي بإدارة عزيز محمد، بدأ بشن حملة ضد باقر ابراهيم وعامر عبدالله، حيث طالب فخري كريم قبل ذلك بتجميد عضويتهما في إدارة الحزب، كما يذكر باقر ابراهيم في مذكراته، وبعد فصل باقر ابراهيم في العام 1989، حوسب عامر عبدالله من جانب 3 رفاق آخرين باسم “إدارة الحزب” التي وزّعت محضراً لذلك اللقاء، وكان أحدهم يضع المحضر بجيبه ليطلع بعض الرفاق عليه، ممن يعنيهم الأمر ومن لا يعنيهم. واعتبر العديد من الرفاق توزيع المحضر بمثابة إنذار أخير بالفصل أو ربما الفصل صمتاً لعامر عبدالله، أي الإبقاء عليه معلقاً كي لا يتخذ موقفاً كرد فعل حاد ، مثلما فعل باقر ابراهيم بعد فصله الذي اندفع بإعلان وجهات نظره بشكل واضح وصريح، وخصوصاً بعد فشل جميع رهاناته على إصلاح الأوضاع، علماً بأن علاقات عامر عبدالله وتأثيره العربي والدولي كان أوسع وأكثر تنوّعاً من علاقات باقر ابراهيم الذي اختص بالتنظيم ويكاد يعرف الغالبية الساحقة من كوادر الحزب وقواه الأساسية.

ومع كل ما حصل للرفيق باقر ابراهيم من إساءات واتهامات وتشكيك، فإن الرفيق عزيز محمد استمر في لقائه لأكثر من مرّة وعلى الأقل الاتصال به تلفونياً بعد أن استقر باقر ابراهيم في السويد (هيلسنبورغ)، وكانت إدارات الحزب قد اتجهت إلى الحصول على اللجوء عشية وبُعيد غزو الكويت، فحتى السكرتير العام عزيز محمد حاول الحصول على إقامة في السويد للحاق بعائلته التي لجأت إليها، ولكي تكتمل صورة المشهد يمكن قراءة تضاريس الخريطة الجغرافية التي توزّعت عليها إدارة الحزب.

فاستمر كاظم حبيب في عيشه بألمانيا والتحق به حميد مجيد موسى وعمر علي الشيخ وسليم اسماعيل في لمّ الشمل مع عوائلهم في ألمانيا وكذلك الدكتورة نزيهة الدليمي، أما عبد الرزاق الصافي  فقد قدّم للجوء السياسي في لندن وكذلك عامر عبدالله ورحيم عجينة وبشرى برتو وعادل حبه وعدنان عباس، في حين استمرّ وآرا خاجادور للعيش  في براغ، واتجه جاسم الحلوائي من صوفيا إلى  كوبنهاغن، ولجأ أحمد باني خيلاني وفاتح رسول إلى السويد واستمر نوري عبد الرزاق في محل إقامته بالقاهرة، ومهدي الحافظ في فيينا وفخري كريم في دمشق، واضطر بعض إداريي  الحزب العودة إلى العراق مثل حسين سلطان وناصر عبود وماجد عبد الرضا وعبد الوهاب طاهر، وكان تلك الاصطفافات عشية عملية غزو الكويت 1990 وبُعيدها، لكن الصراعات لم تهدأ بين أطرافها، وكانت حركة المنبر قد أعلنت أن الصراع استنفذ أغراضه ولا بدّ من رؤية جديدة تأخذ بنظر الاعتبار التطورات الجديدة خارج دائرة الحساسية الحزبية، وذلك في ربيع العام 1991 بعد لقاء القاهرة بدعوة من منظمة التضامن الآفرو- آسيوي لشخصيات عراقية.

باقر ابراهيم وأمانة التنظيم

كان باقر ابراهيم أميناً للتنظيم الحزبي لنحو ربع قرن من الزمان وذلك منذ العام 1961 ولغاية العام 1984، وعلى العموم وحسبما نعرف كان مسالماً وهادئاً ومعتدلاً، وفي الغالب فهو يسمع ويصغي أكثر مما يتحدث ويصرّح، وقد لعب دوراً كبيراً على رأس منطقة الفرات الأوسط في العام 1963، لاسيّما في ريف النجف والكوفة والشامية والحلّة، وكان معه زكي خيري المعاقب حينها بشأن اتهامه مع كتلة الأربعة وعدنان عباس وآخرين.

وخلال ما تعرّض له الحزب من هجوم في العام 1970، كان على رأس التنظيم في بغداد، وحين تعرّض الحزب إلى عملية إلغاء وملاحقة ومطاردة من جانب الأجهزة الأمنية  في نهاية السبعينات (1978-1979) بعد انفراط عقد الجبهة الوطنية مع حزب البعث، بقي الرفيق باقر ابراهيم في بغداد، بعد أن أمّن سفر غالبية أعضاء إدارة الحزب، ومعه جاسم الحلوائي الذي نحيّ هو الآخر في المؤتمر الرابع ، لكنه لم يفضل الالتحاق بمجموعة باقر ابراهيم، وانتدب إلى صوفيا ليمثّل الحزب.

لم يتخذ باقر ابراهيم يوماً موقفاً سياسياً متشدّداً أو موقفاً حزبياً متعصّباً، وكان يعمل بالصمت وبعيداً عن الأضواء باستثناء فترة الجبهة الوطنية التي قضاها بمقر اللجنة المركزية في ساحة عقبة بن نافع، وحضور بعض المؤتمرات الدولية، ومنها مؤتمر الحزب الشيوعي الفرنسي، وحتى في فترة وجوده بالشام وقبل إبعاده ثم فصله من الحزب لم يكن يلتقي سوى عدد قليل من الرفاق وفي الغالب لمهمات حزبية،  إلّا أنه بعد تعرّضه لمساءلات واشتداد دائرة المضايقة عليه والتأليب ضده في الشام حاول أن يلتقي عدداً من الرفاق ليشرح وجهة نظره وفي محاولة لاستمالتهم إلى جانبه.

وقد حاول بُعيد المؤتمر الرابع أن يبدأ تحرّكاً  محدوداً جداً وبتردّد في الكثير من الأحيان، فأقام علاقات مع بعض الرفاق وتدريجياً مع بعض قيادات المقاومة الفلسطينية وزار مقراتها والتقى بعض القيادات البعثية في القيادة القومية في الشام  مثل: فاضل الأنصاري وفوزي الراوي وقبل ذلك عبد الجبار الكبيسي، كما التقى منذز المطلك السفير العراقي في براغ حين وصلها بالترتيب مع عامر عبدالله وحسين سلطان وعدنان عباس فيما بعد،  ثم انضم بعد ذلك إلى المؤتمر القومي العربي في أوائل التسعينات وسافر إلى ليبيا على رأس وفد ضم بعض الرفاق، وكتب بعض البيانات أو النداءات ووقع على مذكرات لرفع الحصار وإدانة احتلال العراق (قبله وبعده).

ومع ذلك لحقته اتهامات ما أنزل الله بها من سلطان وهي أقرب إلى افتراءات رخيصة قسمها الأعظم إن لم تكن جميعها أكاذيب وتحويرات هدفها الإساءة المسبقة كجزء من وسائل الحرب الناعمة ومحاولة التأثير النفسي على الرفاق، ولو تم فحص حقيقة ما يُقال لتم اكتشاف الأباطيل والدعاية السوداء دون عناء كبير، فالمواقف معلنة والحقائق ناصعة، بالصواب والخطأ في الاجتهادات، ومثل تلك الأساليب لا تخرج سوى من ضعفاء النفوس ومن الساعين للتغطية على بعض مواقفهم الذليلة ولا تؤخذ شهادة حاقد أو حانق، فما بالك حين يكون كذوباً وجباناً، ولعلّ من الشجاعة مقارعة الفكرة بالفكرة والرأي بالرأي والحجة بالحجة.

ازدواجية السلوك

لم أكن على اتفاق أو توافق طيلة عملي بالحزب وما بعده مع باقر ابراهيم، مع أنه كان على صلة بالتنظيم الجديد الذي أقمناه العام 1963، وذلك عن طريق عدنان الخزرجي، وانقطعت هذه الصلة بعد اعتقال الأخير، لكن علاقتي كانت وطيدة جداً وصداقية جداً ومتكافئة جداً معه في كل السنوات التي عرفته فيها عن قرب، وأتذكّر من كان يزوره في ناوزنك (نوكان) في خيمته أو في بشتاشان من رفاق في غرفته وبعضهم تحوّل من الإعجاب والمديح إلى التنديد والذم،  فما إن يخرج واحد ليدخل آخر يكون بالانتظار، ويستمر الأمر من الصباح وحتى العصر، وكان أبو محمد الفلاحي يتندر بقوله : عيادة طبيب، يخرج منها مريض ليدخلها آخر، علماً بأن غرفتي كانت ملاصقة لغرفته التي كان يسكنها مع الرفيقة أم خولة، وكنا نسكن في غرفة واحدة عبد الرزاق الصافي ومهدي عبدالكريم وكاتب السطور، وهي غرف طينية بناها الرفاق ، حيث كنّا نعيش في فصيل الإعلام المركزي ، بما فيه جهاز الإذاعة ” المتحرّك”.

ولم أدخل غرفة الرفيق أبو خولة سوى مرّة واحدة طيلة الفترة التي انتقلنا بها إلى بشتاشان حتى مغادرتنا لها إثر هجوم “أوك”، وكانت الرفيقة عزيزة “أم خولة” (وقد عشت معاناتها في بشتاشان التي سأذكرها في شهادتي قيد الإنجاز) تجهّز لي “اللبن الرائب” لنحو أربعة أشهر بسبب قرحة في الاثنا عشري كنت أعاني منها واشتدت خلال وجودي في بشتاشان، لكنني أقول بثقة أن إحدى مزايا باقر ابراهيم أنه أخلاقي بامتياز ومهذب بامتياز وفمه معطّر دائماً، ولا يستغيب أحداً، وهو نموذج صادق ويتمتع بروح رفاقية عالية وثقة بالنفس وهدوء داخلي، على الرغم من أن الكيمياء السياسية لم تكن متوافقة بيننا.

وخلال عملنا المشترك لفترة في الشام ، سواء بتكليفي لإعادة نشاط اللجنة الوطنية للسلم والتضامن أو بعض المهمات الخاصة بالعلاقات، أو حين طلبت منه قراءة الكراس الذي نشرته بعنوان ” النزاع العراقي – الإيراني” بعد أن كان قد أبدى إعجاباً بما كتبته في صحيفة تشرين الدمشقية (1980)، فكتب تعليقاً وضعته في غلاف الكتاب، أو فيما بعد لفترة قصيرة بُعيد المؤتمر الرابع، وحتى بعد عدم اتفاقنا على أسلوب العمل، فقد ظلّ باقر ابراهيم ودوداً ومتوازناً في المسؤولية وخارجها، وكم تألّمت حين علمت أن مجموعة من الرفاق في السويد كتبت إلى السلطات السويدية تتهمه بالعلاقة بالمخابرات العراقية، الأمر الذي يعني وصول الخلاف إلى هذه الدرجة من اللّاأخلاقية، فما الذي يتبقى من المبادئ والقيم والأخلاق التي تربينا عليها؟ هكذا بجرّة قلم يتحوّل الرفيق الذي بنى التنظيم وحاول المحافظة عليه إلى مجرد “مخبر صغير” فأي استحقار هذا للعقل وأي امتهان للمنطق وأي ابتذال للأخلاق؟

وكما يقول الجواهري الكبير:

تُريكَ العراقَّي في الحالتينِ … يُسرِفُ في شُحّهِ والنَّدى

ألم يكن  جديراً بعزيز محمد أن ينتقد مثل ذلك السلوك المهين بحق رفاق عمره، دع عنك الرفاق الآخرين، بل يضع حداً له ،وهو يعرف ما يجري من تداخلات وتخارجات في مثل تلك الصراعات، سواء كان سكرتيراً للحزب أم خارج الإدارة رسمياً، لأنه يدرك ما يمكن أن تتركه  مثل تلك الممارسات من ندوب وجروح شخصية، التي كان هو من ضحاياها أيام راية الشغيلة، فضلاً عن تسميم الحياة الحزبية والعلاقات الرفاقية، وفي الكثير من الأحيان ظلّت مثل تلك التركة الثقيلة والمعقّدة وراء الكثير من القرارات بشكل مباشر أو غير مباشر، وتستحضر من العقل الباطني لتتحكم بالمصائر والمستقبل أم أنه نسي ذلك بعد أن تمتع بامتيازات إدارة الحزب؟

لا أقصد عند حديثي عن أي رفيق بما فيهم الرفيق باقر ابراهيم “أبو خولة” أنه خال من النواقص أو الأخطاء أو المواقف السلبية، فذلك أمر غير ممكن ، بما فيه لكاتب السطور الذي كرر ذلك علناً ولأكثر من مرّة، وهو يعتز بأخطائه، لأنها اجتهادات صميمية لم تزكي الحياة بعضها أو أن الزمن  تجاوزها وهو يعتزّ باجتهاداته، ومن لا يعمل لا يخطئ، والأمر ينطبق على باقر ابراهيم والآخرين.

تقييم شخصي

حين نشرت الحلقة العاشرة سألني أكثر من رفيق وصديق كيف تقيمون عزيز محمد بعد كل ما حصل؟ فقلت له: شخصياً لا أحمل أي ضغينة ضد عزيز محمد وإذا تركنا الاجتهاد السياسي جانباً على ما فيه من أخطاء وعيوب وضيق أفق، فليس هو وحده من يتحمل المسؤولية، فالعيب في نظام الإدارة الخاطئ والقواعد الناظمة له، بما فيه ما ورد في كتاب لينين : ما العمل الذي أصدره في العام 1903، والذي اعتمد المركزية الديمقراطية ، أي جمع نقيضين لا يجتمعان، تلك التي أفرزت تجارب مشوّهة ولا إنسانية في جميع التجارب الشيوعية، سواء في السلطة أم خارجها، وفي العمل السري أم في العمل العلني،  وفي بلدان الأصل والفرع كما يُقال ، الأمر الذي يحتاج إلى معالجته برؤية جديدة، فما كان صالحاً لبدايات القرن العشرين لم يعد صالحاً لربعه الأخير، فما بالك للقرن الحادي والعشرين، خصوصاً ونحن اليوم على مشارف العقد الثالث منه، حيث بدأ على نحو متسارع الطور الخامس من الثورة الصناعية والذكاء الاصطناعي.

ولم تكن تلك القواعد التنظيمية حكراً على الأحزاب الشيوعية فقد اقتبستها بتقليد ميكافيلي واستنساخ آلي الغالبية الساحقة من الأحزاب القومية والدينية الإسلامية وجميع الأحزاب الشمولية ، التي اقتنعت بالوصفة اللينينية وطبعتها الستالينية ، فأنتجت دكتاتوريات سافرة وأنظمة استبداد خارقة، خصوصاً في ظروف العالم الثالث، حيث التخلف والجهل والفقر، فزاد الأمر استلاباً لحقوق العضو الحزبي واقترب من العبودية أحياناً، لاسيّما حين قفزت الأحزاب إلى السلطة وأصبحت حاكمة، فبضربة واحدة أطاح صدام حسين بثلث قيادته القطرية وأرسله إلى المقابر، ومعه نحو 20 كادراً قيادياً، إضافة إلى نحو 33 كادراً قيادياً آخر حكموا بأحكام غليظة، خرج منهم بعد أربع سنوت 17 شخصاً فقط، أما الآخرين فقد فارقوا الحياة في ظروف معروفة، كل ذلك ليثبت أن ثمة مؤامرة خطيرة أرادت الإطاحة بالحزب والثورة والمنجزات.

لكن ذلك لا يعفي عزيز محمد من المسؤولية الخطيرة التي تقع على عاتقه، مع أنني حاولت أن أتفهم ظروفه والعاملين معه والطاقم القيادي الذي شاركه في الظروف شبه الطبيعية في العراق، في حين اختلف الأمر في الخارج، فكان عليه تقديم استقالته إنْ لم يكن قادراً على مواجهة الصقور أو العمل على استخدام صلاحياته ونفوذه لوقف عملية تدهور أوضاع الحزب في ظل إدارته، وإلّا فإن ترك الحبل على الغارب وعدم تحريك ساكن، كان خطيئة لا تغتفر يتحملّها هو بالذات، ومع ذلك ينبغي أن ننقي قلوبنا من الأحقاد والضغائن، وأن نبتعد عن الثأر والانتقام لأن ذلك نقيض للقيم الإنسانية التي نزعم الدفاع عنها، فالوسيلة جزء من الغاية، بل إنها تمثل شرف الغاية، ولذلك كانت نبرة النقد الذاتي عالية للأخطاء والنواقص والعيوب ؛

استعادات

أستعيد هنا ثلاث مواقف للاستعبار ، خصوصاً وأن شهودها أحياء :

الأول –  ما ذكره الرفيق مهدي السعيد بكتابه  الجذور- من أزقة الكرخ إلى براغ ولندن ودمشق، الصادر عن دار الفارابي، بيروت ، 2017 ، وهي تتعلّق بالتنكيل بأحد الكوادر الحزبية بطريقة غادرة وتجميعية ولا تخلو من محاولة الإساءة الشخصية، وحتى لو كانت مواقفنا مختلفة ، فالأمر له علاقة بالوجدان والضمير، وليس بالارتياحات الشخصية، وأترك الكلام لمهدي السعيد في تقييم الموقف : ” كانت وقائع الاجتماع صدمة كبيرة لم أفق منها إلا بعد حين، واستطيع القول أن الصدمة قد شملت الجميع دون استثناء، ولكنها ربما لم تكن مفاجئة بالنسبة للرفيق عبد الحسين شعبان الذي كان في اللجنة القيادية الذي تحدث بعد انتهاء (الرفيق عادل حبه) “أبو سلام” من عرضه للقضية.

كان شعبان قد أمسك بتفاصيل المشكلة وبشجاعة كبيرة وقف قائلاً : هذا القرار اتخذ  انتقاماً من الرفيق … وقال أيضاً أنني استنكر هذا الإجراء وأطالب بإعادة النظر فيه ومعالجة القضية بصورة طبيعية ، كما قال أن القرار مخالف للنظام الداخلي. وأضاف السعيد : “أعجبني موقفه الشجاع ، واتضح أن المشكلة لا تستحق كل هذا التحشيد …، ولكن كما تبيّن فقد أريد إطاحة الرفيق من خلال هذه المشكلة وتجميع مشاكل أخرى، لكي يكتمل سيناريو التشدد وزرع الخوف بين الرفاق تنفيذاً لأوامر القيادي المسؤول ولفرض نوع من الدكتاتورية، وكان ” أبو ياسر” أول من احتجّ على هذا الأسلوب وناقش بكل ما يملك من وسائل ، وسط صمت يكاد يكون جماعياً.

                والثاني – في إحدى المرّات أعطاني الرفيق نوري عبد الرزاق بياناً ذّيّل باسم مجموعة من الرفاق الأنصار، وذلك عشية وصولي إلى لندن، وقال أن  كامران قرداغي أو محمد كامل عارف أوصله له وكان قد جاء بالبريد إلى جريدة الحياة من دمشق، وهو موجّه ضد أحد الرفاق الذين خاصمناهم علناً، لكنني استنكرت ما ورد فيه، لأنه يمثل لا أخلاقية حين يتعرّض لجوانب شخصية وعائلية حسّاسة، ينبغي أن نربأ بأنفسنا من الانزلاق  إليها وهو ما كان موقف نوري عبد الرزاق الأخلاقي أيضاً.

والثالث-  بشأن الخلاف بين خالد حسين سلطان  وجاسم الحلوائي، فقد كتبت رسالة إلى الرفيق خالد رجوته الكف عن التناول الشخصي لأي من الرفاق والعائلات، لأن ذلك يمسّ الجميع، فهم عوائلنا جميعاً وعلينا أن نبتعد عن ذلك، حتى وإن اختلفنا بالسياسة والمواقف، وحين زرت كوبنهاغن أطلعت الرفيق جاسم الحلوائي على نص رسالتي الذي يتعلق مضمونها بما حصل من خلاف بين الإثنين، ومثل هذا الكلام موجه للجميع، فعلينا التركيز على ما هو فكري وسياسي، والابتعاد عما هو شخصي وذاتي والأمثلة كثيرة، سواء كنّا في الحزب أم في خارجه،  وأنقل هنا فقرة من رسالتي الموجهة إلى خالد حسين سلطان بتاريخ 26/10/2013 :

“نقل لي عدد من الأخوة والأصدقاء المحبين والمخلصين للراحل حسين سلطان وذكراه العطرة ولسمعة الحزب الشيوعي وتاريخه، أن تراشقاً قد حصل بينك وبين الرفيق جاسم الحلوائي على صفحات الانترنيت والفيس بوك، ولعلّ ذلك تجاوز المألوف من الحوار والخلاف والتعارض بالرأي، وحتى لو بدر رأي خاص من الأخ أبو شروق بشأن حسين سلطان الذي هو ليس والدك وحدك، بل هو رفيق كبير وأخ عزيز لجمهرة واسعة من الشيوعيين، ولا سيّما الأصدقاء القدامى، فإن الأمر لا يتعدّى وجهة النظر السياسية أو التقويمية لعمل أو آداء، أو موقف أو تقدير معين، فيمكن الردّ عليه بمثله، وانتقاده عليها.

أما وأن الأمر تجاوز النقد السياسي والفكري والتنظيمي، واتجه لما هو شخصي وتجريحي، فأعتقد أن ذلك يهمّنا جميعاً، وعائلة حسين سلطان وعائلة جاسم الحلوائي أو الحكيم  أو عوائلنا كذلك، هي واحدة ومتداخلة ومتخالطة، وكل منا يعرف عن الآخر ما لا يعرفه كثيرون، ولهذا أرجو منك رجاءً حاراً وأخوياً وصادقاً ومنزّهاً عن كل غرض، الابتعاد عن كل ما من شأنه تناول القضايا الشخصية والعائلية، وتحت أي سبب كان، لأن نتائج ذلك تعود بالسلب على الجميع دون استثناء .

ولكنني في الوقت نفسه أدعوك لتناول الجوانب الفكرية والمواقف السياسية والاختلافات التنظيمية، سواءً ما لحق حسين سلطان بسببها من أذى أو ما يتعلق بمواقف أبو شروق ذاته أو غيره من إدارة الحزب، في السابق والحاضر ولا سيّما في المواقف الوطنية الحساسة. ولا بدّ من أجواء صحية وسليمة للحوار والجدل، وهذه الرسالة ليست سوى دعوة لترزين الخلاف وتوقير الصراع، والابتعاد عن كل ما من شأنه التجريح أو الإساءة أو تعيير الآخرين، خارج نطاق النقاش السياسي.

أرجوك رجاءً  حاراً ومخلصاً أن تعيد النظر، وأسمح لنفسي بمخاطبتك بالعلاقة التي تربطني بالراحل الكبير، وكذلك بوالدتك العزيزة، وأنت والآخرون تعرفون ذلك …”

ليس الغرض من استعادة هذه المواقف ادعاء الاستقامة أو النزاهة ، فنحن نخطأ ونصيب أيضاً، والبشر خطّاؤون وحسب فولتير ” فكلّنا بشر ضعفاء ومعرضون للخطأ، وعلينا أن نأخذ بعضنا بعضاً بالتسامح”، أقول ذلك من باب الاستبصار والاستعبار .

الحقبة الستالينية وتنشيط الذاكرة

وبشأن العقوبات الغليظة وحملات التشهير فعلينا تذكّر أن تلك الممارسة هي جزء من تاريخ الحقبة الستالينية السوداء، وسبق لي أن ذكرت في إحدى حلقات هذه المطالعة ما حصل بين راية الشغيلة والقاعدة وإلى حدود غير قليلة بين اللجنة المركزية والقيادة المركزية وقد انتقدت ما حصل بين إدارة الحزب والمجموعات المنشقة عنه في الثمانينات وهو نقد موجه للجميع دون استثناء ولكل الفترات.

سأتوقف من باب تنشيط الذاكرة وتنوير الإدارات الجديدة للاستبصار والاستعبار فأذكر ما حصل للرفيق فرج الله الحلو ” سالم” القائد الشيوعي اللبناني الذي أبدى تحفظاً على قرار التقسيم العام 1947  وانتقد موقف الاتحاد السوفييتي فاتخذت عقوبة ضده، ثم نحي من جميع مسؤولياته (1951) بسبب بعض انتقاداته لإدارة الحزب في سوريا ولبنان، وعيّن بدلاً عنه نيقولا شاوي أميناً للحزب (اللبناني) بإشراف وتدبير من خالد بكداش كما يذكر كريم مروّة ، حيث تم التآمر عليه بإرساله إلى باريس ولندن في مهمة خاصة ، وأجبر الحلو على تقديم نقد ذاتي مذل وهو “إدانة نفسه وسلوكه البرجوازي الصغير  وغرقه في حمأة الانتهازية … وموقفه المخزي إزاء الاتحاد السوفييتي من قرار التقسيم ” كما جاء بالنص الذي نشره يوسف فيصل في كتابه الموسوم “مواقف وذكريات”، دار التكوين ، دمشق، 2007، (وهو نص يقترب من رسالة زكي خيري والشهيد محمد حسين أبو العيس 1962) وبعد خمس سنوات بدأ فرج الله الحلو يستعيد موقعه تدريجياً في سلّم القيادة إلى أن اعتقل في دمشق وذوّب جسده بحامض الكبرتيك لإخفاء معالم الجريمة أيام لوحدة المصرية – السورية (1959).

والأمر شمل سكرتير الحزب في سوريا رشاد عيسى الذي ظلّ رافضاً لقرار التقسيم حيث تمت محاسبته واتخذ القرار بفصله لمدة عام لحين تقديم نقد ذاتي (مذل) لكنه امتنع عن ذلك، فنُشر قرار الفصل في الجريدة مع التشهير، وهو ما ذكره كريم مروّة في كتاب بعنوان “الشيوعيون الأربعة الكبار في تاريخ لبنان الحديث” بيروت، 2008،           كما تم رد الاعتبار إلى نجاة حسن قصاب والياس مرقص بعد حملة تشويهية ضدهما، علماً بأن الأخير سبقنا بأكثر من عقدين من الزمان في مراجعاته للماركسية ، ولمواقف الأحزاب الشيوعية العربية.

والشيء بالشيء يذكر فقد حدثني أبو كاطع – شمران الياسري ، الروائي والصحافي الشيوعي الساخر، الذي اضطرّ للهجرة إلى براغ كلاجئ غير سياسي على حد تعبيره في العام 1976 وعانى من البيروقراطية الحزبية كثيراً، إن أول مقالة كتبها كانت في العام 1948 وقد أرسلها إلى إحدى الصحف العراقية تنتقد موقف الحزب الشيوعي من قرار  تقسيم فلسطين، وقال  أنه كاد أن يكفر بكل شيء، مع أنه يحسب نفسه على ملاك الشيوعيين أو من أصدقائهم، وبسبب ذلك تأخر انضمامه إلى الحزب حتى العام 1955، وحصل على العضوية العام 1956 خلال عمله في بغداد، وهو ما دوّنته في كتابي ” أبو كاطع – على ضفاف السخرية الحزينة”، دار الكتاب العربي، لندن، 1998، و ط2، دار الفارابي ، بيروت، 2017.

وبغض النظر عن التقييم لعزيز محمد، فقد كان جزءًا من تاريخ الحزب الشيوعي بإيجابياته وسلبياته ولا يمكن كتابة تاريخ الحزب بمعزل عن فترة إدارته التي قاربت من 3 عقود، بما لها وما عليها، والتاريخ مضى ولا يمكن إعادته، سواء كان ماكراً ومخادعاً كما يقول هيغل أم مأساة كما حصلت في المرّة الأولى، وستكون في المرّة الثانية ملهاة كما ورد على لسان ماركس.

 

 

مع عزيز محمد

اظهر المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

This site is protected by wp-copyrightpro.com