أخبار

أرشيف البعثيين في متناول العراقيين .

شبكة بيدر / وكالات .

إعادة أرشيف حزب البعث إلى العراق تفتح الجراح القديمة

إعادة أرشيف حزب البعث إلى العراق تفتح الجراح القديمة

بغداد، (أ ف ب) – يهدّد أرشيف وثائق مهمة لحزب البعث إبان نظام صدام حسين أعيد مؤخراً سراً إلى العراق، بفتح جراح ماض مؤلم، لكنه يعيد الأمل لبعض العراقيين بمعرفة مصير مفقودين من أقاربهم منذ سنوات طويلة.بعد أشهر قليلة من الإطاحة بنظام صدام حسين عبر الغزو الذي قادته الولايات المتحدة في عام 2003 عثر على خمسة ملايين صفحة في مقر لحزب البعث غمرت المياه أجزاء من المبنى الذي يقع فيه في بغداد التي كانت تبحر دون شراع في ذلك الوقت.

واستعانت القوات الأميركية آنذاك بالمعارض القديم كنعان مكية والكاتب والناشط مصطفى الكاظمي الذي أصبح اليوم رئيس وزراء العراق، للاطلاع على محتويات تــــلك الوثائق.

اتصال هاتفي

ويتذكّر مكية في اتصال هاتفي من الولايات المتحدة مع وكالة فرانس برس، قائلا “دخلنا السرداب الذي كان مليئا بالمياه، مستعينين بمصابيح يدوية، لأن الكهرباء كانت مقطوعة”. ويضيف “كنّا نقرأ الوثائق وأدركنا بأننا أمام شيء كبير”.بين الوثائق، كانت هناك إضبارات لأعضاء في حزب البعث ورسائل مخاطبات بين الحزب ووزارات تتعلق بأمور أدارية، وتقارير كتبت من عراقيين يتهمهم جيرانهم بانتقاد صدام حسين، وأخرى تتحدث عن شكوك حول خيانة جنود عراقيين تعرضوا للأسر خلال الحرب العراقية الإيرانية (1980-1988). مع تصاعد العنف الطائفي في بغداد، اتفق مكية مع الأميركيين على نقل تلك الوثائق إلى الولايات المتحدة، في خطوة ما زالت مثاراً للجدل.

وتمّ ترقيمها وخزنها في معهد هوفر، وهو مركز أبحاث للسياسة العامة في جامعة ستانفورد في ولاية كاليفورنيا، ولم يطّلع عليها هناك سوى باحثين.لكن الوثائق التي يبلغ وزنها 48 طنا، أعيدت مجدداً في 31 آب إلى بغداد وخُزّنت على الفور في موقع مجهول، وفق ما أفاد مسؤول عراقي فرانس برس.ولم تعلن أي من الحكومتين، بغداد أو واشنطن، نقل الأرشيف الضخم.

وحسب المسؤول العراقي، لا توجد خطط لدى بغداد لفتح الأرشيف أمام العامة.

وقد يحمل هذا الأرشيف منافع شخصية لآلاف العائلات في العراق.ويقول أيوب الزيدي (31 عاما) الذي فُقد والده صابر بعد التحاقه بالخدمة العسكرية لدى غزو العراق بقيادة صدام حسين الكويت في عام 1991 صدام دمّر الشعب العراقي، لا يمكنك السكوت على مثل هذه” الأفعال.

وتقول والدته حسنية (51 عاما) “يمكن أن يكون أول الخيط بهذه الوثائق حتى نعرف إذا كان لا يزال على قيد الحياة”.وأمضت هذه السيدة سنوات تسعينات القرن الماضي، تتوسل نظام البعث من أجل الحصول على معلومات عن مصير زوجها، وليس لديها أمل أكبر مع الحكومة الحالية.

وتقول “سأموت قبل أن يكشفوه (الأرشيف) للعامة”.ويرى البعض أن هذا الأرشيف يمكن أن يساعد على تجنب إعادة التاريخ الى الوراء.

ويلفت المخرج العراقي مرتضى فيصل لفرانس برس الى أن “عددا كبيرا من الشباب اليوم يقولون إن +صدام كان زين (جيد)+”.

وكان مرتضى في الثانية عشرة من العمر عندما اعتقل والده في مدينة النجف الأشرف أيام الانتفاضة الشعبانية عام 1991 ولم يسمع أي شيء عنه منذ ذلك الحين.

ويسعى هذا المخرج لفتح الأرشيف لوضع حد للذكريات الوردية لحكم البعث مقارنة بالطبقة السياسية التي تقود البلاد اليوم، من دون أن تنجح في إخراجها من أزماتها الكثيرة.

ويوضح “يجب أن يدرك الناس أن عليهم ألا يصنعوا ديكتاتوراً آخر.

هذا ما يحدث بالفعل… لدينا العديد من الطغاة الصغار اليوم” في العراق.

ولكن انقسامات عميقة بين العراقيين حول مسيرة البعث نفسها.ويرى عضو سابق في الحزب رفض الكشف عن هويته أن “كشف الأرشيف للعامة سيثبت وطنية حزب البعث”.ويرى مدير “مبادرة العراقية في المجلس الأطلسي” عباس كاظم أن هذه الخلافات تجعل إعادة الأرشيف حركة “متهورة”. ويقول كاظم الذي اطلّع على الوثائق لكتابة مؤلفات أكاديمية حول تاريخ العراق ومجتمعه، إن “العراق غير جاهز. لم يبدأ عملية المصالحة التي تسمح لهذا الأرشيف بلعب دور” إيجابي.ويشير الى أن ما اطلع عليه يخصّ حتى بعض المسؤولين الحاليين.

كتابة رسالة

ويضيف “البعثيون وثقوا كل شيء من النكتة إلى الإعدام. (إذا كشف)، سيبدأ السياسيون وزعماء العشائر والناس في الشارع باستخدامه ضد بعضهم البعض”.

وتقول مارسين الشمري التي استخدمت هذا الأرشيف لكتابة رسالة دكتوراه، وهي عضو في معهد “بروكينغز” في الولايات المتحدة، إن “أقل ما نستطيع فعله هو إتاحته للباحثين العراقيين بالطريقة نفسها التي أتيح بها للباحثين الأميركيين”.

وتحتفظ الولايات المتحدة بسجلات أخرى تمّ الاستيلاء عليها بعد غزو العراق، بما في ذلك “ملفات حكومية أكثر خطورة”، حسب مسؤول عراقي آخر.رغم ذلك، يأمل مكية أن تطوي الأيام كل تلك الأحداث التي تحملها صفحات هذا الأرشيف ليصبح يوماً ما جزءا من ماضي العراق البعيد.

ويقول “لا نستطيع أن نتذكر أمجاد بلاد الرافدين والأمبراطورية العباسية، وننسى 35 عاما من الرعب الفعلي الذي عاشه العراق الحديث”، مشيرا الى أن “تلك المرحلة جزء مما يعني أن تكون عراقيا اليوم”.

اظهر المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

This site is protected by wp-copyrightpro.com