مقالات

الموال السومري من ٢الى ٥ .

شبكة بيدر .

حول الموّال:

عبد الحميد برتو / باحث .

من المتفق عليه بين أغلب الباحثين والمهتمين، بأن الموّال: هو فن جديد من الفنون الشعريّة المستحدثة. ظهر بصفة خاصة بين الفئات الشعبيّة في بلاد المشرق العربي والإسلاميّ، ضمن إطار التجديد والتطوير في نظام القصيدة العربيّة، الذي يتسم بوحدة قافيتها. جاء ذلك بهدف تحقيق السهولة والسيرورة بين عامّة الناس المتذوقين لهذا الفن، تأليفاً وغناءً وسماعاً. يُغَنّى الموّالُ عادة بصحبة ناي أو ربابة.

أرى من الضروري أن يُبذل جهد مناسب، من قبل المتخصصين، من أجل رسم حدود ومضامين كلمة “ظَهَرَ أو ظهور” الموّال. هل تعني بداية تاريخ معين لفن الموّال، أو إن النشأة الأولى إرتبطت بمحاولات بارزة، لا تنافسها محاولات سابقة أخرى، مسجلة كانت أم مروية، للإستناد عليها. هذا الظهور في كل الأحوال لا يشمل العمق الزمني الفعلي للموّال. كما لا يضع نقطة بداية حاجة الإنسان الى الترنيم الذاتي. قبل أن يتبلور على هيئة واضحة المعالم، قاموساً وأوزاناً ومهاراتٍ إبداعية، لها: أنماط، قوالب، مسميات وقياسات. أميل الى القول بأن بذور الحاجة الى تذوق الفن من خواص الإنسان. هذا مع ضرورة الإقرار، بأن ملكة أو مستوى التذوق بين الناس على درجات متفاوتة. تنمو ملكة التذوق ضمن فوارق ذاتية في مستوى القدرات، ونوع الظروف المادية والروحية المحيطة.

برزت من الموّال عدة أنواع، هي: الرباعي، الخماسي، السداسي، والسبعاوي ـ البغدادي. كما توجد أنواع أخرى من المواويل كالثماني والتسعاوي والعشراوي، وغيرها. يُراعى في نظمها جميعها: الطباق، الجناس، الزخرفة اللفظية والفنون الجماليات الأخرى. كما إسْتَخْدَمَ الموّالُ في وقت لاحق اللهجة العراقية الدارجة. يرى الشاعر الشعبي خيرالله سعيد أن موّاله السومري، يمكن أن يُبوّب في خانة (الموّال القَصَـصي). هذا القولُ مبرر تماماً لأنه يحكي قصة شعب العراق خلال مائة عام.

يُعتبر الموّال من الفنون الملحونة. إزدهر بين عامة الناس من جهة، وبين الشعراء والظرفاء، على وجه التحديد، من الجهة الأخرى. شاع في أغلب البلاد العربية مرتكزاً على فن غنائي شعبي. ساعدته في ذلك قدراته على الإبداع والإبتكار الفني وإستثارة الدهشة والعواطف. ذاع وانتشر الموّال بفضل قدراته على السرد أو الغناء المنفردين. يقف في صدر قائمة المبدعين: ناظم الغزالي ـ العراق، صباح فخري ـ سوريا، وديع الصافي ـ لبنان ولطفي بوشناق ـ تونس.

أرى أن الموّال صِنو فن الرسم قديمٌ قدم الإنسان. يندرج ضمن فطرة الإنسان الأولى. وإن آلياته تتطور وتتغيّر. نرى الطفل في أشهر عمره الأولى يحلم ويبسم، فهذا المشهد أو التصرف يأتي ضمن بنائه التكويني. يهتم الإنسان بالفنون كفطرة بشرية، داخل مسلك تصاعدي للسمو بالنزعات البدائية. يساهم في تهذيب الروح، تطويع الغرائز، والإحتفاء بكل ما هو جميل ومبدع.

إن جَمْعَ المَوّالِ هو “مـوّالات” أو “مَوَاوِيلُ”. يأتي الموّالُ على وزن فعّال. يُطلق على لون محدّد من النظم والغناء. وهو أحد أشكال الشعر الشعبي في العراق. إختار الشاعر والباحث خيرالله سعيد تسمية (الموّال السومري) عنواناً لملحمة الشعرية الشعبية التي إجترحها، بل التي جادت بها قريحته الخصبة. هذا الإختيار يدفع من جانب آخر الى طرح السؤال التالي: هل جاء الإختيار أو التسمية لإعتبارات تخص الموقع الجغرافي أم غير ذلك؟ أقول: ربما لأن سومر كانت بداية الحضارة الإنسانية ككل، وموقعاً لشتى التناقضات. ربما لو جرى إعتماد التسمية الأقرب، وهي (الموّال الزهيري) لكان مثل هذا السؤال لا مبرر له. سوف نقف عند تبرير شاعرنا للتسمية.

يُفَسِرُ تَسميةَ المَوّالِ بالسومري، بأنّـه يتحدّث عن شعب سومر وبلاد الرافدين، وماعاناه هذا الشعب من ويلاتٍ مترادفة ومتلاحقة عبر العصور. يؤكد بأن التسمية تشمل كل الشعوب والقوميّات والإثنيّات التي يتكوّن منها الشعب العراقي. في كل الأحوال شاعرنا بعيد عن مودة العدمية الوطنية أو القوميه ونقيضها التعصب العرقي. يُلاحق تطورات عصرنا الراهن وحالات الضعف، التي تمر بها شعوبنا بجدية ووعي وحرص. يسعي للإقتراب الى شعبه في عمقه الحقيقي النبيل الغاطس والمغطى ببحور من الجهل والدجل والإعلام المدفوع الثمن. لا يتهرب من كل السلبيات المشينة الطافية على السطح، بل يعمل لمعالجتها بثبات الواثقين، عبر فنه وكتاباته وبكل ما يتوفر أمامه من إمكانات. لم تمر عليه عقدة الخواجه، ولم تضعف عوالمه الفكرية والسياسية والسلوكية أمامها.

يرى خيرالله سعيد في المـواليـا، بأنها الأرض التي نبت وتطور فيها ومن خلالها الموّال. وما زالت عمليات البحث عن جذور كل فن قائمة الى يومنا هذا. وستظل قائمة لِتَغتني موضوعةُ البحثِ بها. تكتسب إشارة العلامة إبن خلدون في مقدمته الشهيرة الى المـواليـا بعداً إجتماعياً. تنطوي الإشارة بذاتها على إعتراف بأهمية هذا الفن وأهمية بعده الإجتماعي. توسعت المقدمة كذلك بتضمين فصلٍ في صناعةِ الغناء، وفي أشعار العرب وأهل الأمصار، وفيما يخص الموشحات والأزجال الأندلسية.

عُرِفَ العراقيون في العصر الحديث بين أشقائهم العرب، بأنهم رواد الشعر العربي قريضاً وحراً وشعبياً. ربما للتاريخ في هذا الميدان تأثير وإمتداد. يوجد خيط متين يربط الألواح الطينيّة بالورق والطباعة ومكتبات بغداد التاريخية. أغنت عشرات القرون من الإبداع الشعري بكل صنوفه مكتبات وذاكرة عالمنا. كما أن الشعر ليس ملكاً للرجال فقط. كان ولا يزال للنساء سجلاً رائعاً فيه أيضاً. تذكر أرض الرافدين بناتها من إنهدوانا بنت الملك سرجون الأكدي الى نازك الملائكة. والخيط الشعري من زاويته التاريخية والإبداعية غير منقطع.

تظهر النزعة الإقتحامية للموّال السومري من خلال موضوعاته. هو محاولة جريئة لتسجيل أحداث قرن كامل. تحمل الكثير من الموضوعات الخلافية المعقدة للغاية. إن قسماً كبيراً من تلك الموضوعات والأحداث الجسام، مازال قيد الدراسة والتقويم عند أصحابه أنفسهم، كما عند خصومهم. تتجلى ضخامة المشروع بنوعية وكثافة وخطورة موضوعاته. ربما تكفي الإشارة الى القضايا قيد التناول، ليتضح الأمر من حيث جسامته وصعوبته وتعقيداته، وهي: التـــاريخ السياسي للعراق، الأحزاب السياسية العراقية، تــاريخ الحزب الشيوعي العراقي، حـزب البعـث العربي الإشتراكي، الأحزاب والحركات القومية الكردية، أحزاب الإسلام السياسي. ضم العمل الشعري ـ الموّال السومري، الذي يقف أمامنا نحو 30 موضوعاً.

تظل مسألة كتابة التاريخ شعراً معضلة كبيرة شاخصة. تقف على طريق تفهم دور الشعر، عندما يتولى كتابة التاريخ. هناك الكثير من نقاط القوة عند الشعراء ونقاط ضعف الموضوعية أيضاً. تهتز حقائق التاريخ عندما يُسجل الشعراءُ تطوراتِها. في هذا المقام نشير الى قضيتين هامتين فقط، هما: الصدق والعاطفة. يخدم الصدق الكتابة الشعرية للتاريخ من زاوية المصداقية. لأن الصدق نقطة قوة تمنح الشعر إعتباراً هاماً حتى على مستوى الصنعة. ولكن في هذا المجال توجد مسافة بين صدق الشعر ورؤية الحقيقة التاريخية. أما دور العاطفة بمعنى الإنفعال الشعري، يكون في الغالب على حساب الحدث التاريخي نفسه. هذه الحالة لا تماثل التزوير، إنما للعاطفة بعض الهوامش.

لم تفارق روح البحث العلمي شاعرنا في موّاله السومري. بدأ بوضع مقدمة منهجية. تناولت تعريف الموّال، صيغه، أوزانه، أنواعه، إشكاليات تسميته، الخلافات حول بداياته، والعلاقات المتبادلة بين الشعر الفصيح والشعبي. توقف عن أهم الباحثين الذين كتبوا حول الموّال. وعرض ما يشبه السيرة التاريخية للموّال، متتبعاً خط سيره ونموه من العصر العباسي الى يومنا هذا.

هذه السيرة التاريخية المدونة شعراً شعبياً تطرح سؤالاً يمتلك كل مبرراتِ الطرح: هل أقْدَمَ الدكتور خيرالله سعيد على مغامرةٍ في بحثه الشعري والثقافي والسوسيولوجي الجديد؟ الموسوم (موال سـومري: السـيرة الشـعبيـّـة لليسـار العراقي والقـوى السياسية الأخرى خلال قـرن من الزمـان 1920 ـ 2020 م). إن الشعر أحد مصادر كتابة التاريخ، ولكن حين يتولى المهمة كاملة تكون المغامرة. ولكن مما يحتوي الروع والقلق السؤال التالي: هل يمتلك الشاعر القدرة على ردع نفسه من إقتحام الطريق الوعر؟ من حيث الصدق: نعم.

قبل أن أبدأ تناول الكتاب ـ الديوان أجد في فاتحته، ما يشي بالكثير عن الشروط الروحية والفكرية والمنهجية، التي استند الكاتب عليها. حين أهدى جهده الى شاعرٍ من أرض الكنانة. جاء في (الإهداء: الى الخال عـبد الرحمن الأبنودي – (11 نيسان/ أبريل 1938 ـ 21 نيسان/ أبريل 2015) كنتُ وادّاً لو أنّك اطّلعت على هذا الموّال قبل الرحيل). أرى في هذا الإهداء حالة من التشارك في هموم الوطن، ومتطلبات الدفاع عنه وصيانته والتضحية في سبيله. والتشارك في موهبة التعبير بالشعر الشعبي المُغنى. وتلاحم حضارة وادي الرافدين مع حضارة النيل. وما يحمله ذلك الوصف من حميمية عذبة رقراقة كماء الفرات أو النيل، أو الإثنين معاً وأختهما دجلة الخير. والتواصل بين جنوب العراق المنبت الأكبر للشعر الشعبي وصعيد مصر. وكما طرب الخال عـبد الرحمن الأبنودي لأغاني السيرة الهلالية. إهتزت جَوانِحُ خيرالله سعيد للموّال السومري. غني عن البيان وصف خيرالله سعيد للأبنودي بالخال من دلالة على وحدة الأرحام.

يقوم الموّال على الوزن البسيط. إن البحر البسيط هو أحد بحور الشعر. سميَّ بسيطاً، لأنه إنبسط عن مدى الطويل. جاء وسطه فعلن وآخره فعلن. قيل: سُمِّيَ الْبَسِيْط بهذا الإسم لانبساط أسبابه، أي تواليها في مستهل تفعيلاته السباعية، وقيل: لانبساط الحركات في عَرُوْضه وضربه في حالة خبنهما؛ إذ تتوالى فيهما ثلاث حركات.

يعتبر الشعر العربي من أهم الفنون الأدبية وأقدمها على الإطلاق. نقل حوادث وتطورات التاريخ وقصصه. يحمل الشعر في بنائه الداخلي موسيقى وجمال تشد القارئ أو المستمع إليه. مع تعدد البحور الشعرية يظل البحر البسيط طاقة وهاجة خاصة ومميزة. لا تبخل البلاغة بفروعها المختلفة، في إغناء الحالات الوجدانية والفكرية المختلفة لتوطد أركان البناء الشعري، وتخدم تمرير الغاية المتوخاة.

أغنى التَجْنِيس الموّال السومري. إذ يعطي تشابه لفظين مع إختلافهما في المعنى مساحة أوسع للبيت الشعري. ومن المعلوم أن هناك عدة أنواع من الجناس: الجناس اللفظي أو الجناس التام، وهو أن يتفق اللفظان في أربعة أمور، هي: 1 ـ أنواع الحروف 2 ـ عددها 3 ـ هيئتها و4 ـ ترتيبها. أما الناقص فهو يختل أحد تلك الشروط الأربعة المذكورة. الجناس غير التام هو ما إختلف فيه اللفظان في واحد. يضم الجناس المعنوي جناس إضمار وجناس إشارة. يطلق على جناس الإضمار أحياناً تسمية التورية. يُعدّ الجناس في ميدان البلاغة من أكثر أنواع البديع عطاءً وتنويعاً.

إن إستخدام (الجناس) عوضاً عن القافية، هـو أمـرٌ في غـايـــة الأهمية والصعـــوبة. تتجسد أهميته في التأثير الجيد على السامع. تكمن صعوبته في أن (تعديات الجناس) لا تتجــاوز، في غالب، الثلاث معـاني أو أربعـة، وهذا شأن لا يتغلب عليه إلاّ من يمتلك مهارة فنية كبيرة وخيـالاً واسعاً. لا تكتمل الصورة دون تبيان أواصر العلاقات بين السجع والجناس. كلاهما يتطلبان مهارة فنية وذوقية عالية تحقق التوافق دون تكلف. وقد رصَّع شاعرنا موّاله السومري بمهارة جميلة بلؤلؤ السجع ترصعاً مستحباً يريح الذائقة.

إكتشف الشاعر خيرالله سعيد من خلال الممارسة الفعلية القدرة الفنية على التعبير شعرياً، ومن خلال لون شعري واحد، يفرض قانونيته من خلال الجناس والوزن “البسيط” ونظم كل العمل بموّالٍ واحدٍ، متعدد “البنود” والبند، هـو كل 3 أبيات في جناسٍ واحـدٍ، بمعنى آخر، أن الشاعر وضع نفسه في قانونية “لزوم ما لا يلزم” والتزم بهِ حتى النهاية، وهو الأمر الذي يظهر النَفَس الطويل عنده في البناء الشعري.

أما البند الشعري: فلا أتوسع هنا بصورة مفصلة بصدد كل ما ينضوي تحت كلمة “البند”، من معان ومفاهيم وإختلافات. تدور حول التعريف والمضمون والنشأة وموقعها الأول، في بغداد أو الحويزة أو واسط غيرها. بل ومَنْ أخترعه أصلاً. على الرغم من أهمية ما تقدم، ولكن ليس من المهمات المطلوبة هنا. إن المطلوب هو تحديد الملامح العامة والقيمة الكلية للبند.

يمكن القول: إن البند نوع من الشعر العربي. يحتوي البند موسيقى ونغم وسحر العبارة، بالإضافة إلى اتقاد الشعور والمخيلة أيضاً. هذه المواصفات أدت الى ظهور الموشحات في الأندلس كوسيلة للتعبير الشعري. يقوم على التعبير الحر الذي لا يتقيد بوزن واحد ولا قافية واحدة. وإن إتصف بالوزن والقافية في العديد الحالات أيضاً. للبند ميزة الغناء، حيث يغني في مجالس الأنس والطرب. إن الغناء هو السبب الأول في اختراع (الكان ما كان) و(القوما) و(الزجل) …الخ.

عَرَفَت كلمةُ بند عدة معان، منها: البحيرة، العلم الكبير، فصل من كتاب، الفقرة، القيد، والحيلة. إذا قيل فلان كثير البنود، فيعني أنه كثير الحيل. ومنها القول في اللهجة العراقية الدارجة (ضربت فلاناً بنداً) يعني أوقعته بحيلة. إن جمع بند بنود. يعني البند العقد والربط. وهو حلقة وسطى بين النظم والنثر. يرى بعض الباحثين بأن البند مهَّد لقصيدة النثر. وإن الشعر الحر إمتداد للبند.

نصل الى نقطة هامة في نتاج الشاعر الشعبي خيرالله سعيد. تفيد بأنه إرتقى الى (لزوم ما لا يلزم). أي إعتمد الشاعر قانونية لُزُوم مَا لا يَلْزَم بخطوطها العامة في شعره. أطلقها عَلى سجيّتِها. أي أن الشاعر ألزم نفسه في جوهر الأمر بما لا يلزمه بصدد نمط النظم الذي لم يكن عليه واجب الإلتزام به، أو بتعبير آخر مارس نظماً غير معهود.

ومن المعلوم أن اللزوميات فرضت نفسها في الشعر العربي كفن أدبي جميل. غني عن البيان ذكر نقائض جرير والفرزدق، خمريات أبي نواس، لزوميات المعري، حماسات عنترة، أهاجي الحطيئة، تألهات إبن عربي، وطنيات الرصافي، إنسانيات الجواهري، حزنيات السياب وغزليات قباني.

تتطلب قانونية لزوم ما لا يلزم قدرة شعرية حصيفة، وثروة لغويّة واسعة. كما إن هذا الفن لا يتوافق مع المبالغة والإِسراف فيه. ينبغي أن يأتي تلقائيّاً مُنْساباً على السجيّة المبدعة. والمماثلة في الأحرف تكون منسجة بلمسات فنية بارعة تعزف لحناً تستطيبه أذن السامع.

يتبع …

اظهر المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

This site is protected by wp-copyrightpro.com