مقالات

موقف اليسار العالمي من النظام الايراني .

وكالات .

نائب وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي (يمين) والمتحدث باسم الوكالة الذرية الإيرانية بهروز كمالوندي (يسار) والمتحدث باسم الحكومة الإيرانية علي ربيعي (وسط) خلال مؤتمر صحافي سابق في طهران (رويترز)

يطرح مراقبون شرق أوسطيون وعرب أسئلة كثيرة حول موقف اليسار في الغرب عامةً وفي أميركا خاصةً من النظام الإيراني ويتساءلون حول دعم التقدميين الغربيين الحديثين لهذا النظام وعملهم الدؤوب لإنجاز الاتفاق النووي.
هذا التساؤل في محله إذ إن سياسيين كثراً ومراكز الدراسات والإعلام الأميركي وقفوا بشراسة مع المشروع الإيراني في المنطقة وللمفارقة ضد التقدميين التقليديين، كما دعموا الشراكة التي حاول الرئيس السابق باراك أوباما أن يبنيها عبر الاتفاق النووي مع إيران في مواجهة العرب.
والسؤال المطروح هنا، كيف يعقل أن يقوم تحالف بين النظام الخميني من ناحية واليسار الليبرالي الاشتراكي في الغرب من ناحية أخرى، بينما في بداية الثورة الإيرانية حصلت حرب ضروس بين اتباع الخميني ومجموعات اليسار في إيران والمنطقة.

لمحة تاريخية

البداية في عام 1979 عندما قام تحالف واسع داخل إيران لإسقاط حكم الشاه. هذا التحالف بقيادة “روح الله الخميني” الذي كان موجوداً في المنفى الفرنسي، جمع وللمرة الأولى في الشرق الأوسط قوىً سياسية متناقضة عقائدياً من أقصى اليسار مثل الحزبين الشيوعي والاشتراكي إلى اليمين الديني المتمثل برجال الدين في قم، وكل ما هو في الوسط من ليبراليين وديمقراطيين ومحافظين وعلمانيين ورجال أعمال أي العاملين في البازار وغيرهم. هذا التحالف الواسع كان شيئاً جديداً في الشرق الأوسط، إذ إنه وخلال الحرب الباردة لم تكن هناك جبهات تجمع اليمين مع اليسار أو المحافظين مع الاشتراكيين، ففي معظم دول الشرق الأوسط كان الانقسام على أساس الأيديولوجيات الاجتماعية والاقتصادية وعلى أساس التحالفات مع “حلف وارسو” أو “حلف شمال الأطلسي” (الناتو).

 ائتلاف غير مألوف

هذه الجبهة العريضة التي ضمت الإسلاميين الخمينيين الشيعة مع الحزب الشيوعي المعروف باسم “توده”، واليساريين الإسلاميين “مجاهدي خلق”، أمّنت النجاح لمواجهة حكم الشاه المدعوم أميركياً. وتكمن المفارقة هنا في أن الإدارة الأميركية حينها إبان حكم الرئيس السابق جيمي كارتر، قررت دعم الانتفاضة ضد حليفها السابق، لأن تلك الجبهة جمعت الإسلاميين واليساريين.
إلا أن التحالف الإسلاموي-اليساري في إيران لم يدم طويلاً، إذ استعمل الخمينيون، اليساريين لكي يعطلوا تدخل السوفيات ويسقِطوا الشاه، واستخدموا الليبراليين لكي يقولوا للعالم الغربي إن هذا التحالف يضم علمانيين وتقدميين. غير أن سرعان ما نظم الملالي قواعدهم على النمط الإخواني في العالم السني، وأول ضحية لهم كانت أحزاب اليسار الإيراني فركزوا على تدمير حزب “توده” الشيوعي وقتل عشرات الآلاف من أعضائه، وبعد ذلك انقضّوا على حليفهم الأقرب منظمة “مجاهدي خلق” التي كانت فعلاً في مقدمة الانتفاضة ضد الشاه وهي مجموعة خطّت لنفسها عقيدة إسلامية-اشتراكية، ما ساعدها على كسب تعاطف الشباب والطلاب.
وعندما شعر الخمينيون أن القواعد الشبابية باتت تفضل “مجاهدي خلق” عليهم وجهوا لهم ضربةً قاصمة، أبادوا خلالها الآلاف من عناصرها، واعتُقل وهرب كثيرون منهم إلى العراق ودول الغرب.

اظهر المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

This site is protected by wp-copyrightpro.com