فن

إطلاق اسم أم كلثوم على أحد شوارع حيفا لزيارتها لها قبل النكبة والعودة منها بلقب «كوكب الشرق»

صحافة .

إطلاق اسم أم كلثوم على أحد شوارع حيفا لزيارتها لها قبل النكبة والعودة منها بلقب «كوكب الشرق»

 

الناصرة ـ «القدس العربي»: بطلب من ناخبين عرب فيها أعلنت بلدية حيفا داخل أراضي 48 أمس، أن لجنة التسميات التابعة لها أقرت في جلستها الأخيرة إطلاق اسم «أم كلثوم» على أحد شوارع المدينة، وتحديدا في البلدة القديمة قريبا من المواقع التي كانت فيها قاعات وصالات استقبلت سيدة الغناء العربي في ثلاثينيات القرن الماضي.

وأثارت هذه الخطوة غضب قطاع من اليمين الاسرائيلي المتطرف في المدينة ومن خارجها، باعتبارها خطوة تعزيز لمكانة «العدو» في الوقت الذي تنتظر فيه عشرات بل مئات الأسماء اليهودية والصهيونية دورها لتخلّد على لوحات شوارع وطرقات وأزقة ومؤسسات في حيفا وسواها من المدن والبلدات.

وردا على سؤال «القدس العربي» يؤكد المؤرخ الدكتور جوني منصور ابن مدينة حيفا، أن الخطوة بحد ذاتها إيجابية وتعكس نوعا من الانفتاح على احتياجات المجتمع العربي الفلسطيني في حيفا وغيرها من المدن المشتركة.
من جهة أخرى يوضح منصور أنه لا يمكن التغافل مطلقا عن أن لسيدة الغناء العربي الكبيرة مكانة مرموقة بين أبناء الشعب الفلسطيني منذ ان ظهرت بطلتها الأولى فنيًّا، ومنذ أن حلت ضيفة على فلسطين.
وتابع «زارت السيدة ام كلثوم فلسطين ثلاث مرات، حيث أحيت حفلات لها في حيفا ويافا والقدس جذبت إليها آلاف المغرمين والعاشقين لفنها الراقي».
ويستذكر أن الزيارة الأولى تمت عام 1929، والثانية في عام 1931 بعد جولة غنائية في لبنان وسوريا، أما الثالثة فتمت في عام 1935 ، لافتا لبعض الإعلانات في الصحف الفلسطينية قبل النكبة عن حفلاتها.
كما أشار جوني منصور إلى أن أم كلثوم عرضت أفلامها الستة في صالات العروض في المدن الفلسطينية المختلفة، وأبرزها في سينما الحمرا في يافا.
ويقول منصور الخبير بالتاريخ الفلسطيني الحديث إن أم كلثوم حملت الهم المصري والعربي والفلسطيني في عدد من أغانيها وأناشيدها، ومن أبرزها نشيد: «والله زمن يا سلاحي»، الذي كتبه الشاعر والفنان صلاح جاهين ولحنه كمال الطويل واعتمدته مصر نشيدها الوطني بين 1961 و1971 ، إلى أن ألغاه الرئيس السادات كجزء من عملية تشويه وإلغاء تراث الرئيس الراحل جمال عبد الناصر. ويتابع «كذلك اعتمده العراق نشيدا وطنيا حتى عام 1981».
وكذلك غنت أم كلثوم الأغنية الخاصة بـ فلسطين «أصبح عندي الآن بندقية، إلى فلسطين خذوني معكم» من كلمات نزار قباني والحان محمد عبد الوهاب، وغيرها من الأغاني التي لا يزال صداها مسموعا إلى أيامنا هذه.
يشار إلى أن أم كلثوم دأبت على زيارة فلسطين قبل نكبتها، وأحيت حفلات في مدنها ومنها حيفا، وقد قدِمت بلقب «بلبلة الشرق» لتعود منها بلقب جديد «كوكب الشرق».
ويقول مثقفون فلسطينيون منهم الكاتب حنا أبو حنا إن ذلك حصل في حفلة حيفا التي نظمها نادي الرابطة الأدبي عندما غنت أم كلثوم «أفديه إن حفظ الهوى»، فصرخت سيدة حيفاوية يبدو انها كانت عاشقة للطرب وتدعى أم فؤاد وهي تقول: «أم كلثوم أنت كوكب الشرق»، ومن وقتها لازمها اللقب الجديد.
ويقول الأديب حنا أبو حنا إن أم فؤاد سيدة من طيرة الكرمل وهجرت لسوريا عام 48 ورحلت في مخيم اليرموك قبل 20 عاما.
وفي حيفا، استقبل رئيس البلدية حسن بيك شكري ووجهاء المدينة أم كلثوم فأحيت حفلة داخل سينما «عين دور».
ويقر سليم نسيب كاتب سيرة أم كلثوم بأنها حظيت باللقب في مدينة حيفا، لكنه لا يقدم تفاصيل ذلك.
وتصف صحيفة «الكرمل» لمحرّريها نجيب نصار وزوجته ساذج نصار حالة انفعال ألمت بحيفا عند زيارة أم كلثوم لها، إذ قالت إن أحد المواطنين باع حمولة من الطحين اقتناها لبيته كي يتمكن من المشاركة في الحفلة.
ويستدل من مراجعة بعض أعداد صحيفة «فلسطين» في أرشيف جامعة حيفا أن يافا استعدت طيلة أسبوع لاستقبال كوكب الشرق، وأن نقابة البحارين هي التي نظمت زيارتها مقابل مائتي ليرة عن كل حفلة.
واستنادا إلى الأرشيف، نشرت صحف فلسطينية في فترة الانتداب إعلانا احتفاليا بعنوان «أعياد الطرب والسرور في مدن فلسطين العامرة بتشريف المطربة الفنانة بلبلة الشرق والأقطار العربية».
وجاءت زيارات أم كلثوم ليافا في سياق زيارات الكثير من الفنانين والمثقفين المصريين والعرب أمثال طه حسين ومحمد الجواهري ويوسف وهبي ومحمد عبد الوهاب بصفتها مركزا ثقافيا في المنطقة قبل ان يضربها زلزال الصهيونية التي زعم قادتها أنها كانت خرابا وقفارا قبل إعمارها.
يشار أيضا إلى أن بلدية الرملة أقرت قبل أسبوعين إطلاق اسم أم كلثوم ومحمد عبد الوهاب على شارعين في المدينة، وفي هذه الحالة ايضا تعالت الأصوات الإسرائيلية المعارضة لهذه الخطوة. وعن ذلك يقول جوني منصور «برأينا أن اقدام البلديتين على تبني الاسمين ليس منّة منهما بقدر ما هو اعتراف بحضور الفن الراقي وتقبله في وسط رافض لكل ما هو عربي وفلسطيني، بالإضافة إلى أن عشرات آلاف اليهود الشرقيين لا يستمعون إلا إلى أم كلثوم وعبد الوهاب وفريد الأطرش وأسمهان يوميا في بيوتهم ومصالحهم وحفلاتهم وسهراتهم». معتبرا أن هذا أيضا ما يؤكد بقاء وديمومة التراث العربي الذي حاولت المؤسسة الاسرائيلية الغربية الحاكمة حرمانهم منه وبترهم عن محيطهم العربي حضاريا ولغويا وفنيا.
ويخلص للقول «في المحصلة، وبعد أكثر من سبعين عاما تعود أم كلثوم إلى حيفا التي احبّت وحيت حفلاتها فيها، ويُقال إنها كسبت لقبها «كوكب الشرق» في هذه المدينة».

اظهر المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

This site is protected by wp-copyrightpro.com