مجتمع

بين القوانين … و الأشغال قطرة قطرة … منامة وما تمّت”

هيئة التحرير / مراسلة بيدر من تونس .

بين القوانين … و الأشغال قطرة قطرة … منامة وما تمّت”
بقلم: جيهان غديرة
بات امتلاك مسكن في تونس امر يؤرّق الطبقة الوسطى وما دون في ظل ارتفاع و تفاقم أزمة السكن ، حيث فشلت الحكومات المتعاقبة بعد أحداث 14 جانفي في حلّ الأزمة . رغم مبادرة وزارة التجهيز والإسكان سنة 2012 بعث البرنامج الخصوصي للسكن الاجتماعي ، كحلا لمعضلة السكن الذي لطالما أرق مضجع العائلات الفقيرة و محدودة الدخل ، لكنه وبفعل متغيرات عديدة، تحول هذا السكن، الذي كان يفترض أن ينهي الازمة، إلى منبع أزمات لا تحصى ولا تعد ، أساسها عدم توفر أراض لتنفيذ البرنامج الذى يتم بناءه على الأراضي ملك للدولة أو ملك لمجلس الولاية أو المجلس البلدي أو إحدى المؤسسات العقارية المكلفة أصلا ببناء هذا النوع من المساكن , إضافة إلى إجراءات إدارية أخرى, مما سبب بعض التأخر في إنجاز أكثر عدد ممكن من هذه المشاريع .
المنظمة القديمة عنوان للفشل … واختلال في العرض والطلب
يفوق عدد المساكن الذي يبلغ الـ3 ملايين وفقا لوزارة التجهيز والاسكان عدد الاسر التونسية الذي يقدر بـ2 مليون و800 أسرة طبقا للتعداد الاخير للسكان والسكنى … إحصاء عددي يكشف اختلال في معادلة ثنائية العرض والطلب، الذى يعود اساسا الى ارتفاع عدد المساكن الفخمة ذات الكلفة المرتفعة على حساب المساكن الاجتماعية والاقتصادية. مما انتج طبقة متوسطة تستوعب اغلب الاسر التونسية دون مساكن لأنها أصبحت بدخلها السنوي غير قادرة على الاستجابة الى شروط اقتناء هذا النوع من المنازل . وهنا يظهر فشل المنظومة الوطنية المعتمدة التي يفترض ان تكون قادرة على توفير منتج سكني اجتماعي يضمن توزيع متوازن للعقارات يكون عبر تدخلها في كافة مناطق البلاد و يكشف في اﻵن نفسه عجزها على الضغط على كلفة المساكن التي ارتفعت اسعارها بنسق سريع.
خصوصيات برنامج السكن الاجتماعي
في إطار سعي الحكومة الى خلق نوع من التوازن أقرت وزارة التجهيز و اﻹسكان برنامجا خصوصيا للسكن يقترن فيه البعد الاقتصادي بالبعد الاجتماعي و يهدف الى توفير 30 الف مسكنا اجتماعيا موزع على كافة ولايات الجمهورية. وانطلق هذا البرنامج سنة 2012 ليتواصل إلى سنة 2025 .
ووفقا لتصريحات رسمية فان هذا البرنامج يتضمن محورين ، الأول يتعلق بإزالة وتعويض المساكن البدائية بمساكن جديدة أو توسعة النواة الموجودة . والثاني يتمثل في إنجاز مساكن ومقاسم اجتماعية لفائدة العائلات محدودة الدخل التي لا يتجاوز دخلها الشهري الخام ثلاث مرات الأجر اﻷدنى المهني المضمون ، و يتم تمويل ثمنه وفق آلية الكراء المملّك أي بعد سدادا معلوم المسكن على 25 سنة بنسبة اقتطاع شهريا تتراوح بين 65 و110 دينار.
ويشار انه تم برمجة نحو 13500 مسكنا ومقسما اجتماعيا بكلفة 900 مليون دينار حيث يتم انجاز 8400 منها 1613 جاهزة للتسليم، وسيتم الانطلاق نهاية 2020 في انجاز 5100 مسكن ومقسم بتمويل من الصندوق السعودي للتنمية وبكلفة 350 مليون دينار.
و كان موضوع السكن الاجتماعي صلب الوعود الانتخابية التشريعية والرئاسية لسنة 2014 و تجدد مع برامج بعض الاحزاب السياسية سنة 2019 .فتفاعلت عديد العائلات مع هذه البرامج ومكنت اﻷحزاب من اصواتها على امل ان تترجم الوعود على ارض الواقع . ولكن مضت سنوات والوضعية على حالها ولم تنفذ تلك الوعود و بقيت حبرا على ورق وغاب نواب الشعب عن هموم المواطنين، لكن الغريب أن هؤلاء النواب يسجلون حضورهم أمام وسائل الإعلام و الاجتماعات خلف الأبواب المغلقة.
نتائج البرنامج الخصوصي هزيلة … المقاسم قليلة … والمواطن قليل الحيلة
مثل البرنامج الخصوصي للسكن الاجتماعي للعديد من العائلات حلما لم يتحقق و بنسب متفاوتة من ولاية الى اخرى ، سواء كان بالنسبة للصنف الأول المتمثل في إزالة المساكن البدائية أو الصّنف الثّاني المتمثّل في إحداث المساكن الاجتماعيّة الجديدة التي تتراوح مساحاتها بين 32م2 و50م2 لكنها لم تأت بعد طول انتظار. الوعود وهناك حالات متفاوتة من معتم
لقد بدت طريقة الري قطرة قطرة التي جربت فصحّت في المجال الزراعي قد ألهمت المسؤولين فقرروا استنساخها في كل المجالات … بدءا بالبرنامج الخصوصي للسكن الاجتماعي ـ أولا على صعيد الآجال الزمنية التي استغرقتها أشغال المقاولات التي تعهد لأطراف متداخلة في انجازه. ـثانيا على صعيد تحديد القائمات النهائية للمنتفعين بهذا البرنامج على غرار ولاية منوبة رغم ان نسق انجاز المساكن بلغ اشواطا متقدمة بنسبة 90 % بمنطقة الفجة من معتمدية المرناقية والبالغ عددها 1535 مسكنا، حسب تصريح والي الجهة فى بداية مارس 2019
” إنّ المشروع بلغ المرحلة النهائية من فرز الملفات وتحديد المنتفعين، وستعلق القائمة الأولية في نهاية مارس ” والمقصود مارس 2019 ولكن الى حد اليوم لم يتم تسليم هذه المساكن لمستحقيها و لم يتم تحديد القائمة النهائية للعائلات التي ستنتفع بالوحدات المذكورة ، رغم أنّ تأخر عمليات التسليم سيفرض على الوزارة توفير اعتمادات مالية لحماية المساكن وتأمينها وخلال زيارة اخرى للوالي الأسبوع الفارط للحي المنجز واطلاعه على حالة المساكن الاجتماعية التي بدت اغلبها مكتملة البناء والطلاء و الأنهج مكتملة التعبيد والترصيف بشكل لا ينقصه إلا التحاق السكان وبعث الحياة في ربوعها، جدد تأكده ان هذا الملف في مراحل إنهائه الأخيرة وانه لا يفصل وصول هذه المساكن الى اصحابها الا القليل من الوقت لإنهاء بعض الترتيبات بالتنسيق مع الأطراف ذات الصلة . و للاستفسار حول هذا الموضوع اتصلنا عديد المرات بالمسؤول عن البرنامج بالوزارة الذى يمكن ان يقدم الاضافة بخصوص هذا الموضوع لكن دون جدوى خاصة ان الامر نفسه ينطبق علي بقية الولايات تونس اريانة في اقليم تونس الكبرى .ما اثار حفيظة عديد الاسر لتباطئي اللجان بالولايات المعنية .
وهنا نحن نقول ألم يكن بالإمكان مضاعفة إمكانيات وأليات إنجاز الأشغال في آجال أقصر؟ ألم يكن من المستحسن ضبط رزنامة عمل مدروسة ودقيقة لتحديد قائمات المنتفعين بالسرعة المطلوبة بحيث يتم الإيفاء بالوعود؟ أم ان هذه العائلات محكوم عليها بالتهميش الدائم؟ لماذا تسير الأشغال على نسق السلحفاة وعلى طريقة قطرة.. قطرة.. فتلك الطريقة تصلح للفلاحة وللحقول ولا تصلح للبناء وللإسفلت !
إن عدد كبير من العائلات تعانى من عدم توفير السكن اللائق في وقت تشيد العمارات
و المساكن الفخمة بكل مكان من مناطق البلاد , وهو ما حز في نفوس هؤلاء الذين تفاعلوا مع الوعود الانتخابية على أمل ان تترجم إلى تنمية و الدفع بمشروع المساكن الاجتماعية لإنقاذ العائلات المحرومة وتمكينهم من قبر حياة ملائم حتى ولو كانت مساحته لن تتجاوز في أفضل الأحوال الـ50 مترا مربعا.

اظهر المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

This site is protected by wp-copyrightpro.com