مقالات

للعراق . . “تاريخان”

للعراقيين تاريخان أحدهما ديني والآخر وطني وفي مرات يتغلب الديني على الوطني فيحوله إلى كارثة وعندما يسود التاريخ الوطني على الديني تستقر الحياة وتعرض المساحة للتأمل العميق. . !

في دول الجوار كإيران وتركيا وهما دولتان غير عربيتين ثمة تاريخان أيضا أحدهما ديني والآخر قومي وترى أهل إيران يعتزون بتراثهم القومي ويعطونه أهمية قصوى تتقدم على كل الأغطية والأغلفة الحقيقية أو المزيفة، فالإيراني كائن قومي قبل أي انتماء آخر وإذا خير الإيراني بين ديانته ومذهبه ووطنه لاختار في الحال الوطن لا الدين ولا المذهب وكذا الحال مع التركي الذي يرى أن إطاره الوطني أكبر من أي إطار آخر . . !

وصراعات الإيرانيين والترك عبر 450 سنة ماضية في الساحة العراقية مجرد طموحات قومية وأطماع وطنية لا علاقة للعراقيين بها لا من قريب ولا من بعيد وكل منهما زعم وادعى وأفاض في دعواه ومزاعمه حول الدين والمذهب .

من الأمور المبكية . . المضحكة في العراق أن الشباب والرجال من العرب الشيعة والسنة العراقيين ما زالوا حتى اليوم يدفعون ثمن (سقيفة بني ساعدة) وكان أهل العراق جيلاً بعد آخر هو المسؤول عن صفقة سياسية ويتحمل نتائجها التي وقعت قبل 1400 سنة وأن يستمر العراقي  . . لا الشامي ولا المصري ولا الحجازي ولا النجدي ولا أهل اليمن السعيد , بدفع ثمن بيعة السقيفة جيلاً بعد آخر والدفع عادة ما يتم حسب تطور الحال بالقامات والمدي والسكاكين والدريلات أو الرصاص الحي أو الشنق أو الخنق .

مِن المعلوم أن (سقيفة بني ساعدة) تقع في المدينة المنورة وليست في مدينة الثورة أو الكرادة أو الشعلة أو حي الجامعة والعامرية ونحن أهل العراق لا ناقة لنا ولا جمل بما حصل داخل السقيفة ولا توجد إشارة واحدة عن مشاركة عراقي واحد في بيعة السقيفة فهي عقدت بين أهل المدينة لكن هؤلاء نقلوا كارثتهم وحربهم واقتتالهم إلى العراق واختاروا العراق لا المدينة المنورة ولا مكة مكاناً للصراع و حز الرؤوس وقطع الرقاب وهم وحدهم بدون استشارة أهل العراق , اختاروا الحرب والصراع والاقتتال والذبح على أرضنا .

ومنذ ذلك التاريخ ابتلى أهل العراق بأخطاء أهل المدينة المنورة , وأصبحنا نحن القتلة والملعونين وهم الصالحون والمبشرون بالجنة , وبسببهم لعن أجدادنا وآباؤنا وقتل أولادنا وهم في قصر منيف لا يمسهم قر ولا حر , واليوم في ( عيد الغدير ) نعثر على تاريخين لهذا اليوم . . !
تاريخ حقيقي وآخر من صنع السياسة والأطماع والمصالح .

تاريخ للفتنة وآخر للوحدة . . والعراقيون هم الضحية في كل زمان . . ؟

لكي ننجو بجلودنا من أخطاء رجال المدينة المنورة ونتائج السقيفة يجب أن نهمل كل ما هو له صلة بتاريخنا من تاريخ الآخرين . . نقلوا نزاعاتهم وحروبهم واقتتالهم ومذابحهم من المدينة إلى العراق من دون أي وجه حق واغرقوا الكوفة والبصرة بسيول من دمائهم .

المطلوب صحوة تاريخية شجاعة وجريئة تعمل على فصل الشوائب عن تاريخنا وتبرئة العراقيين مما وقع عليهم من حيف واتهام وظلم , لنستثمر يوم الغدير لإجراء مراجعة شجاعة لصفحات تاريخنا من دون أي تشنج وانحياز بالباطل بل من خلال رؤية علمية منصفة وثاقبة .

ما زلنا منذ 14 قرناً ننوء نحن أهل العراق بأخطاء جيراننا العرب وغير العرب ولنرمي هذا الحمل الثقيل عن ظهورنا ونتحرر منه إلى الأبد .

بقلم الكاتب

شامل عبد القادر

اظهر المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

This site is protected by wp-copyrightpro.com