اقتصاد

( تونس ) تسير نحو الافلاس

أصدر البنك المركزي التونسي وثيقة تحليليّة حول المبادلات التجارية أطلق فيها صيحة فزع حول ما وصل إليه الميزان التجاري من عجز وحلّل فيها أسباب ذلك , مبرزا انّ العجز التجاري تفاقم بنسبة 24.9% خلال النصف الأوّل من سنة 2017، وبلغت قيمته 7.5 مليار دينار.

و حوصل البنك الأسباب في ارتفاع الواردات من المواد الغذائية والتي قُدّرت نسبتها بـ 29.8% وتتمثّل في المواد الغذائية الأساسية مثل القمح اللين والزيوت النباتية والسكر والقهوة . . وارتفاع واردات المواد الاستهلاكية والتي بلغت نسبتها 13.1% مثل واردات الأدوية بنسبة 15.7% وارتفاع العجز في الميزان التجاري في المبادلات الطاقية.


وقد صدرت هذه الوثيقة بعد صدور تقارير سابقة تؤكّد تراجع رصيد الدولة التونسية من احتياطي العملة الصّعبة، الذي أصبح يغطي واردات 90 يومًا فقط ، وهو أضعف مستوى خلال ثلاثة عقود.

وقال البنك أنّ الاحتياطي تراجع إلى مستوى 11.597 مليار دينار (4.80 مليار دولار) في 15 أوت 2017، بعد أن كان يغطي واردات 118 يوما قبل عام.  


وتُـثبت هذه المؤشرات أنّ خزينة الدّولـة على حافة الإفلاس رغم محاولات الطّمأنة الصادرة عن بعض المسؤولين، وهذا المستوى يهدّد بعجز في المستقبل على تسديد الدّيـون المتراكمة وفـوائضها , وهذه المؤشرات على المستوى الاقتصادي والمالي تؤكّدها الأوضاع الاقتصادية والاجتماعيّة البائسة التي يعيشها الكادحون .


ولا تتوانى الدّولـة في التلويح بسياسة الزّيادة في الأسعار من ذلك تصريحات وزير الفلاحـة التي قال فيها انه سيتم الترفيع في سعر الماء مهددا بتقنين توزيعه على السكان، ويندرج ذلك ضمن تنفيذ شروط المؤسسات الماليّة العالميّة النهّـابة وخصوصا صندوق النقد الدّولي الذي لا يتوانى عن تقديم القرض تلو القرض لاغراق تونس في الدين وخدمات الدين ، وهي قروض سيدفع فاتورتها الكادحون الذين يزدادون فقرا بينما يزداد الأثرياء ثراءً .


وهذه السياسة لن تحلّ الأزمة الاقتصادية بل ستعمّقها وستكون لها المزيد من الأضرار على الصعيد الاجتماعي مما سيفاقم الاحتجاجات الاجتماعيّة و ينضاف إلى ذلك كله الأزمة السياسيّة التي تعيشها الحكومة الحـاليّة القائمة رئسيا على توافق مغشوش بين اليمينين الليبرالي والديني والمتجلية في شغور بعض الوزارات وتعطل التحوير الوزاري وسط انقسام متزايد في صفوف سلطة التوافق من جهة وبينها وبين الاتحاد العام التونسي للشغل من جهة ثانية حيث يعلو الجدل حول سد الشغورات في الحكومة او تغيير جزئي يشمل بعض الوزارات “السيادية ” فضلا عن المطالبة بإعادة هيكلة الحكومة نفسها، و تتسرّب أنبـاء عن اعتزام الحكومة اعادة توزير مسؤولين سابقين عملوا في حكومات بن على والمعروفة بانتمائها إلى حزبه التجمّع الدستوري على غرار وزير التربية حاتم بن سالم .


لقد بين مجرى الأوضاع في تونس غداة تهريب بن على أن الحكومات المتعاقبة عاجزة عن حل الأزمة التى فجرت انتفاضة 17 ديسمبر ويعود ذلك الى محافظتها على جوهر سياساته ، ولم تنفع لا الترويكا ووعودها الزائفة التى انتهت الى استعمال ” الرش ” لقمع الاحتجاجات الاجتماعية ولا التوافق الذى أغلق نهائيا باب التشغيل استعمل سيرات البوليس لدهس المحتجين مثلما لم ينفع توزير أسماء قريبة من اتحاد الشغل أو من التجمع الدستوري في شئ بل ان الأزمة ازدادت حدة , وبات جليا أنه ينبغي البحث عن ذلك الحل في التغيير الجوهري للنظام نفسه بما يسمح باعتماد توجهات جديدة في السياسة والاقتصاد والاجتماع والثقافة وغيرها تكون في مصلحة الشعب .

 

المصدر : الحوار المتمدن

اظهر المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

This site is protected by wp-copyrightpro.com