رأي

سائرون بين الجريمة والعقاب ؟

محمد السعدي

تحية .. وبعد . 

أعرف جيداً سوف تهمل رسالتي كعشرات الرسائل بل المئات التي أهملت عن عمد من رفاق وأصدقاء للحزب ومن محبي للشيوعية ، لكن المهم أن يصل صوتي والذي بات مبحوحاً من هول الصراخ وربما تحول في بعض المواقف الى نشاز وملامة ، لكنه يبقى نابعاً من القلب وبحرص وخوف شديدين على تاريخ التجربة وشهدائها ، لأنها ملك الجميع وليس ملكاً لأحد بعينه . عندما جيشت أمريكيا وحلفائها وعملائها جيوشها على أرض العراق الوطنية فهي حرب استعمارية بامتياز، قلعت البشر والحجر والشجر بجريرة تداعيات باطلة سرعان ما فضحت أهدافها المعلنة أمام آفات تدمير البلد والناس، وأنا ليس هنا بصدد مناقشة موقفكم من الحرب على ضوء المؤتمرات التي سبقت احتلال العراق، و أنما مشاركتكم بالعملية السياسية التي هي نتيجة الحرب العدوانية على العراق؟.

في اليوم الأول ، الذي أحتل به العراق زارني الى موقع عملي ( سيد عدي حمادي ) وكأي عراقي دفع الكثير من المعاناة من أجل خلاص شعبنا من الدكتاتورية والحروب ، وكان منتعشاً مع سرب من الأماني والامنيات ، أما أنا كنت حزيناً بهدر نضالات شعبنا وسرق تضحياته بأجندة الاحتلال ، وكانت لي أمنية واحدة فقط أن يعود الشيوعيين الى وطنهم بمعزل عن القوى الاخرى وأجندتها المشبوهة في تأسيس مقرات والقيام بنشاطات بعيداً عن أجندة العملية السياسية في طرح مشروع وطني تدغدغ به مشاعر الجماهير التواقة الى أخبار الشيوعيين مما تركوه من أرث نضالي ومناقب مؤثرة وقوافل من الشهداء طيلة مسيرتهم النضالية على ناصية الماركسية واليسار في معاداة الامبريالية والاستعمار والدكتاتورية والاحتلال والطائفية ، لكن الذي حدث هو عكس مما كنا نطمح ونتأمل وهذا حقنا الطبيعي ، حيث ذهبتم وشاركتم بعملية طائفية نصبها المحتل بعيداً عن أساسيات الفكر الماركسي في مثل هكذا منعطفات في تجارب حياة الشعوب مما نتج عن وضع صعب وضع في طريقكم عراقيل جمة في العلاقة مع قوى شعبنا الحية ، والتي أصيبت بالذهول والارتداد من خلال السيناريوهات التي عدت في التبرير الغير مبدئي في التعاون مع قوى الاحتلال ، مما سببتم ارباكاً في المفاهيم الماركسية في العلاقة مع الجماهير تجاه الوطن  . الماركسية ليس نظرية حزبية و انما نهج عمل . 

وفي سنوات مضت وتحديداً بعد فرط التحاف مع البعثيين في نهاية السبعينيات من القرن الماضي، أضطر الشيوعيين أن ينتقلوا الى خندق أخر من النضال، أتخذوا من المهجر نقطة انطلاق لهم صوب الوطن وفي مثل تلك الظروف لاشك في ابراز تداعيات خطيرة هزت جسم الحزب وأربكت العلاقة مع قوى شعبه وجماهيره وملاكاته . الحزب كان بحاجة شديدة بعد الاحتلال أن يعيد الثقة بالجماهير على أسس وطنية بعيداً عن الضغينة والتشهير السياسي، الذي نخر بناء جسم الحزب في المهجر . في النتيجة أدت به تلك السياسات الى التحالف مع سائرون والارباك في الموقف الوطني ؟. ما زالت أمامكم فرص تدعوكم الى أعادة النظر بمواقفكم بما يمليه عليكم حرصكم بترميم الوضع الداخلي الذي أنهكته السياسات الخاطئة وصعوبات المهجر بمد يد التسامح والاعتذار الى الالاف من الشيوعيين ، الذين همشوا وأبعدوا عن عمد نتيجة تلك السياسات الخاطئة طيلة عمر التجربة . عينة رفاقكم هم بعيداً عن العائدون والسياحيين ومن أهل الله ، كما شخصها الشاعر البهرزي أبراهيم .  

سائرون … ائتلاف انتخابي تم تشكيله لغرض خوض الانتخابات التشريعية والمحلية مكوناته الرئيسية هي حزب الاستقامة ( حسن العاقولي ) ، الذي تبخر هو وحزبه بعد انتخابات ٢٠١٨ وبرزت واجهة أخرى ، هي التي كانت خلف الكواليس مع الحزب الشيوعي العراقي وخمسة أحزاب أخرى لاتهش ولاتنش أنها مجرد أرقام باهتة .

من خلال قراءتي ومتابعتي لتحالفكم مع سائرون ( السيد مقتدى الصدر ) وصحبه الطائفيين ، لا أحد أن يكون سياسي يعترض على مبدأ التحالف ضمن سياقات المفاهيم الماركسية اللينينية ، لكن ضمن تجاربنا السابقة في سياسة التحالفات برهنت فشلها لسوء الأداء والعجز في أدارة الصراع داخل حلبة التحالفات ، وقالت عنها التجارب السابقة في عجز تكتيكها الخاطئ واستراتيجيته من الجبهة الوطنية مروراً بجوقد و انتهاء بجود حصيلة مجزرة بشتاشان . 

يا رفاق .. كل قوى شعبنا تدرك حتمية هذا التحالف سيؤدي الى الانهيار وتتبعه تبعات كبيرة قد تؤدي الى أراقة الدماء ، ومازالت الاصوات عالية من رفاق الحزب ومحبيه عبر عدة منابر إعلامية وناصيات المواقع الكترونية وقنوات حزبية تطالبكم بالتأني بل الغالب الاعظم منهم تمنى لكم أن لا تدوسوا على عتبة هذا التحالف ، لكنكم واجهتم تلك الاصوات بدل من أن تصغوا لها ذهبتم لتوجيه العقوبات والطرد والتهميش والتشهير . 

في جردة حساب بسيطة على عمر تحالفكم مع جماعة السيد مقتدى الصدر حفظه الله تحت يافطة ( سائرون ) . سائرون الى أين لا أحد يعرف ؟. والوطن زاد به الخراب والفساد ومنذ الاعلان عن تحالفكم  قبل انتخابات ٢٠١٨ ، لا بارقة أمل باتجاه عراق معافى من خلال مشروع وطني يتصدى للإرهاب والفساد والمحاصصة الطائفية . نقد أي تجربة هي في قيمتها وسر قوتها ، وتجربة سائرون بلا بوصلة ولا هدف قد تحقق في مطاليب شعبنا الى الاصلاح بل كانت هناك مؤشرات لتحولات نحو المدنية والقضاء على الفساد قد أحبطت في مكانها ومن باب التذكير وقفات ساحة التحرير كادت أن تتحول الى حراك مدني ديمقراطي رغم محدوديته ، لكن تحالف سائرون قضى عليها ، وهذه ليس محض صدفة وانما مدروسة ومقصودة بشكل جيد وواحدة من أجندة التحالف ، الذي تورطوا به  . 

سائرون وكما تعرفون وأبناء شعبنا على دراية قريبة مشارك فعال في فساد العملية السياسية من خلال تشكيلته في مجلس النواب والوزراء والمدراء العاميين في أجهزة الدولة عبر ميلشيات مسلحة ذات توجه طائفي . لقد حان الوقت لإعلان الانسحاب من هذا الائتلاف الطائفي والتوجه الى مصالح شعبنا الحقيقية في التوق الى أعادة البناء وترميم مؤسسات الدولة عبر التنمية وتعزيز أسس الديمقراطية في البناء والتطور للقضاء على الفساد ودحر الطائفية وأنتم الاجدر بها ، فلا تدعوا الفرصة تفوتكم وتخسروا جماهيركم والتي تتطلع لكم اليوم قبل غيره . مرت سنوات عجاف من عمر الاحتلال والطائفية وذقتم مرارته وعانى شعبنا من ويلاته . 

 وفي السياسة ممكن المناورة أذا اقتضت مصلحة الشعب والوطن والآن شعبنا بحاجة الى مواقف تجمعه نحو شاطئ الأمن والأمان ، تذكروا جيداً لقد مرت على عقد الجبهة مع البعثيين خمسة وأربعون عاماً واللوم والنقد يلاحقنا الى يومنا هذا . لابد الاستفادة من التاريخ وأخطائه حتى لا نفقد شعبيتنا للابد بين الناس . 

تقييم المستخدمون: 4.25 ( 1 أصوات)
اظهر المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

This site is protected by wp-copyrightpro.com