قصة

الكابوس…

عبد الجبار الحمدي

عقرب الثواني على عجل يتسلق جدران عقارب الساعات، هكذا هو الوقت عندما تسلقوه من أمسكوا بي وأنا مستلقي على أريكتي البالية التي بالكاد تحملني، لم أشعر إلا وضجة، بلبة وصياح… جُرجِرت عنوة وبعنف أدخلوني الى حيث لا أدري غير أني سمعت صوتا يصيح… أمسِكوا به قبل أن يفر إنه هو.. هو المجنون الذي لا زالت ثيابه ملطخة بالدم والذي رأيته يولي هاربا من غرفة السيدة ميرلين حين فاجأته وهو فوقها وهي ملقاة على وجهها والخنجر مغروز في رقبتها، لم أعي نفسي إلا وتراشق من اللطمات على وجهي أسقطتني أرضا وأيد أخرى تعمل على وضع قميص ذو أكمام طويلة، ألصقوه علي بشدة بعد ربطه حتى كاد يخنقني لولا صراخي بسؤال بحشرجة من أنتم؟؟ ما الذي يحدث هنا؟

أفقت بعدها فإذا بي مكبل بالأصفاد وامامي رجل محشو بالترهل أصلع الرأس إلا من جانبيه، ذو شوارب رفيعة ينضح عرقا لا يكاد يمسح وجهه أو رقبته حتى يعود الى فعلته مرة أخرى… لم أعي إلا صوته الذي خالف شكله مما جعلني أضحك.. فقال:

تضحك ها؟… حقا أنك مجنون بالتأكيد! فتصرفك هذا يثبت أنك لا تعي عواقب فعلتك والجريمة التي قمت بها، لكن كما يبدو لي أنك من الأشخاص الذين يرغبون بالممطالة بعدم الاعتراف، خاصة أن هناك شاهد عيان على رؤيتك وانت تقتلها…

لحظتها توقفت عن النظر إليه وركزت على حركاته حين أخذ يمسح وجهه وفمه فأنتهزتها فرصة فقلت:

ببرود عذرا للمقاطعة… أرجو ان تفسح لي مجالا للحديث لتبيان الأمر إن سمحت لي.. فأنا الى الآن لا اعرف ما هو سبب جلبي وتقييدي بهذا الأصفاد؟ لكن بالتأكيد أنتم مشتبهون بي، إن وجهي وملامحي يحملها الكثير من الناس.. ألم يقول المثل يخلق من الشبه أربعين، لم افعل شيئا يذكر لقد كنت في الايام الماضية أعاني من كوابيس أثارت الرعب والهلع في نفسي بعد ان اجدني محاط ببركة من الدم يدفعني ذلك الى الصراخ كالمجنون، أظن ذاك ما أزعج من جيراني من الناس، كانوا قد حذروني بالشكوى، الغريب!! أني لا أعرف هل هو كابوس أم هلوسة؟ و انها بركة دم إلا بعد أن أفتح الباب الموصد بشدة ومحكم الأغلاق؟! غير أني تمكنت من فتحه لكي أخرج الى عالم النور الذي كشف لي أني مغطى بالدماء من رأسي حتى اخمص قدمي، حاولت لكن شيء ما يمسك بي يمنعني فتراجعت الى الوراء مغلقا الباب فإذا بخيال شخص يتوقف قرب الباب ويد تمتد الى جارور، هذا ما اعتقدته كان مجاور للباب الذي اقبع خلفه! لا أعلم كيف لمحت أنها وضعت شيئا ما!؟ لقد كان خيال إمرأة، أعدت مجددا المحاولة لكني لا استطيع إخراج سوى نصف جسمي أما النصف الآخر كأن احدا ما يمسك به يمنعه من اللحاق بِرَكب نصفي الآخر… شعرت بالخوف والاستغراب!! ثارني ذلك فغضبت دفعت الباب بقدمي التي في الخارج لكني انزلقت مما أتاح لي الفرصة كي اتوقف عن صراعي في محاولة الخروج منصتا الى الحديث الذي يجري بعد أن وصل مسامعي… لقد كان بين أثنين لم أتبين أهما رجل وإمرأة ام إمرأتان، غير أن ذات الصوت الرفيع متشنجة بعصبية تقول: إنك السبب في جعله يفقد عقله ويتصرف بجنون دون ان يحسب للخطوات او الخطة التي وضعناها كي ينفذها دون وعي منه بعد ان سيطرنا على عقله الباطن بالتنويم المغناطيسي، لكنه الآن يثير الجلبلة والشبهة لنا حتى بعد ان ألقينا به في بركة من دم الحيونات كي يظن أنها بركة دم الضحية..

حتى تلك اللحظة لم أعرف أأنا من كانت تعنيه أم شخصا آخر؟ لكن عند سماع حديث الصوت الثاني تبينت أني أنا المعني بعد أن رد قائلا: لا عليك لن يدرك او يعلم او حتى يفكر بالذي أقدم عليه، إنه يعيش عالمه الذي أحطناه به، لا تنسين أنه يعتبر مريض نفسيا، فبعد حادثة موت أبنته الوحيدة التي إإتمنتها زوجته قبل وفاتها فقدها أثناء قيادته للسيارة، لا زال يلقي اللوم على نفسه بموتها عندما يستفيق يصرخ أنا القاتل.. أنا قتلتها ذاك ما شجعني على ان أتخذه شخصا مناسبا لما خططنا له..

تقييم المستخدمون: كن أول المصوتون !
اظهر المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

This site is protected by wp-copyrightpro.com