مقالات

هل تحقق إنتفاضة تشرين التخلص من النفوذ الأجنبي؟

30 حزيران ذكرى ثورة العشرين الأولى

هل تحقق إنتفاضة تشرين التخلص من النفوذ الأجنبي؟

محسن حسين

من الاسماء التي تطلق على الانتفاضة الحالية في العراق (ثورة العشرين الثانية) اشارة الى ثورة العشرين التي قامت ضد الاحتلال البريطاني قبل 100 عام (في 1920).

تتشابه الثورتان انهما ليستا مثل بقية الثورات التي قام بها عسكريون او احزاب انما من ابناء الشعب دون قيادة موحدة وهذا ما اثر على نتائج ثورة العشرين الاولى.

قبل 100 عام اندلعت الثورة في انحاء العراق ضد الاحتلال البريطاني.

وهنا استعيد بعض احداث تلك الثورة وما انتهت اليه  اعتمادا على ما كتبه المؤرخون  وما سجله السياسيون والكتاب.

البدايات الاولى للثورة

ثورة العشرين الاولى اندلعت في البداية في شهر أيار1920 ضد الاحتلال البريطاني، وسياسة (تهنيد) العراق، تمهيدا لضمه إلى بريطانيا كما حصل للهند، وكانت واحدة من سلسلة من الانتفاضات التي حدثت في الوطن العربي، جراء عدم ايفاء دول الحلفاء بالوعود المقطوعة للعرب بنيل الاستقلال كدولة عربية واحدة. واتخذت الثورة في بادئ الأمر شكل مظاهرات من قبل أهالي بغداد انطلقت من تجمع في جامع الحيدرخانة الذي شهد بداية الثورة في بغداد، ثم المواجهات المسلحة وانتشرت في مناطق متعددة في العراق.

 وفي يوم 30 حزيران قامت الثورة في الرميثة ( احدى مدن محافظة المثنى حاليا) ففي ذلك هاجم المواطنون بالهجوم على المخفر البريطاني في الرميثة وقتلوا الحارس البريطاني واخرجوا الشيخ شعلان ابو الجون المعتقل في المخفر.و توالت الاحداث في معظم انحاء العراق ضد قوات الاحتلال البريطاني.

وكما حدث في عام 2003 حين عين الامريكيون حاكما للعراق فقد عينت بريطانيا يوم 1تموز (الميجر بولارد) حاكما عسكريا وسياسيا للعراق.

حوادث مهمة في  اب

في 17 اب اعدمت القوات البريطانية اربعة من الثوار اطلقوا النار على الكتيبة البريطانية  في الكرخ يوم  12 اب.

وفي 12 اب هاجمت قوات الاحتلال البريطاني دار السيد محمد الصدر  ودار الشيخ يوسف السويدي في الكرخ.

في اليوم نفسه 12 اب  قتل الكولونيل لجمان مع سائق سيارته في خان النقطة بين بغداد والفلوجة بهجوم شنه على القائد البريطاني الشيخ ضاري رئيس قبيلة زوبع وولداه سلمان وخميس واخرون من افراد القبيلة.

وفي 25 ايلول صدر الحكم باعدام (عبد المجيد كنه) الذي كان صلة الوصل بين الثوار في بغداد والثوار في كربلاء

الثورة في الجنوب

في يوم 12 تموز اعلن رؤساء العشائر في المشخاب بقيادة الشيخ عبد الواحد الحاج سكر إعلان الثورة وفي يوم 13 تموز قامت جموع العشائر (من آل فتلة، الغزالات ,آل شبل وآل إبراهيم) بمحاصرة مدينة أبو صخير حيث كانت هناك قوة بريطانية.

وفي يوم 14 من نفس الشهر أرسلت القوات البريطانية الباخرة فاير فلاي وزورقا يحمل عددا من الجنود وبعض مواد التموين وجرت معارك انتهت بقصف الباخرة بمدفع بريطاني كان الثوار قد استولوا عليه في معركة اخرى

في يوم 17 تموز عقد في مدينة الكوفة مؤتمرٌ لعقد هدنة ما بين الثوار في منطقتي الشامية والنجف والقوات  تنص على:

1- العفو العام عن جميع العراقيين بمن فيهم أهل الرميثة، الشامية والدغارة.

2 – توقف جميع الحركات العسكرية وإصلاح سكة الحديد ونقل القوات العسكرية من مكان إلى آخر.

3- إطلاق سراح جميع المعتقلين والمنفيين خصوصا ابن المرجع الشيعي الميرزا محمد تقي الشيرازي

4- تشكيل المؤتمر العراقي

في يوم 19 تموز خرق الثوار الهدنة بعد ان تعرضوا للنقد من بقية المواطنين.

في يوم 21 تموز قام الثوار ومن إنضم معهم بحصار الحامية البريطانية في الكوفة و كان عدد أفرادها 750 شخصا وقد استمر حصار الثوار للحامية البريطانية زهاء ثلاثة أشهر.

في يوم 22 تموز سقطت بلدة الكفل بأيدي المجاميع المسلحة من ثوار المنطقة.

وفي يوم 24 تموز حصلت معركة الرارنجية بالقرب من الكفل ما بين القوات البريطانية بقيادة الكولونيل لوكن وما بين المجاميع المسلحة من الثوار بقيادة عبد الواحد الحاج سكر وقد استمرت المعركة قرابة ست ساعات حقق الثوار نصرا كبير حيث غنموا ما يقرب 52 رشاشا وعددا لا يحصى من الأعتدة بينما قدر عدد خسائر البريطانيين في تلك المعركة حوالي 20 قتيلا و 60 جريحاً و318 مفقودا

وفي الوقت نفسه انطلقت الثورة شمال مدينة الديوانية عند تفرع نهر الدغارة عن نهر الفرات  حيث هاجم الثوار بلدة الدغارة وتمكنوا من الاستيلاء على مخفر البلدة

في يوم 30 تموز انسحبت القوات البريطانية من الديوانية  الى مدينة الحلة بواسطة القطار . وقد استغرقت رحلة القطار 11 يوما ويرجع السبب في ذلك إن الثوار في المناطق التي يمر بها القطار كانوا يقتلعون قضبان السكك الحديد قبل وصول القطار فيضطر القطار إلى التوقف ويقوم عماله بإصلاح القضبان المعطوبة. وفي أثناء فترة التصليح تهاجم العشائر القوات البريطانية فتنشب جراء ذلك معارك دامية.

الثورة في كل مكان

يوم 21 تموز أعلنت الثورة في مدينة النجف

في يوم 6 آب ظهرت أولى بوادر الثورة في ديالى

في يوم 14 آب قامت عشيرة بني تميم بالهجوم علي بلدة شهربان (المقدادية) ولكن السراي الحكومي الذي كان يقيم فيه البريطانيون ومن معهم من جنود الشبانة لم يستسلم للثوار وبعد ساعات من المواجهة  بين الطرفين تمكنوا من السيطرة على السراي الحكومي (القشلة) وقد قتل في المعركة هذه خمسة بريطانيين. وبعد السيطرة على البلدة قام الثوار بقطع خط سكة الحديد المار هناك.

وفي يوم 12 آب أعلنت الثورة  في لواء المنتفق (محافظة ذي قار حاليا) وقد وصل التوتر إلى أشده في بلدة الشطرة في يوم 25 اب حينها أدرك معاون الحاكم السياسي إن الوضع قد خرج من السيطرة، وفي يوم 28 آب هرب من البلدة بواسطة طائرتين أرسلتهما القوات البريطانية لغرض إخراجه من البلدة.

في يوم 28 آب اندلعت الثورة في مدينة سامراء  معلنين التمرد والعصيان على السلطات البريطانية. ولم تتمكن العشائر الثائرة من اقتحام المدينة لمتانة سورها . وقد قامت حينها العشائر الثائرة بضرب حصار على المدينة لكن القوات البريطانية استطاعت في يوم 30 آب فك الحصار حينما وصلت إلى سامراء مفرزة بريطانية وقامت طائرتان بريطانيتان بإلقاء القنابل على العشائر الثائرة حول المدينة فتم فك الحصار

نتائج ثورة العشرين الاولى

نتائج الثورة مقتل 6000 إلى 10.000 من العراقيين ونحو 500 من الجنود البريطانيين والهنود، وأسقطت الطائرات البريطانية 97 طنا من القنابل وأطلقت 183861 طلقة وخسائر القوات الجوية الملكية البريطانية (RAF) كانت مقتل تسعة رجال، وأصابة سبعة وتدمير11 طائرة. وتسببت الثورة بتغيير جذري لنظرة المسؤولين البريطانيين ولإعادة النظر في استراتيجيتهم بالعراق.

كلفت الثورة الحكومة البريطانية ما مقداره 40 مليون باوند، وهو ضعف مبلغ الميزانية السنوية المخصصة للعراق، وعاملا كبيرا في إعادة النظر باستراتيجيتهم بالعراق. وكلفت الثورة أكثر من مجمل تكلفة الثورة العربية الكبرى (الممولة من المملكة المتحدة) ضد الدولـــــــة العثمانية في 1917-1918م.

قرار تشرشل

وقرر وزير المستعمرات الجديد، ونستون تشرشل أن هناك حاجة إلى إدارة جديدة في العراق وكذلك في المستعمرات البريطانية بالشرق الأوسط، ونادى لعقد مؤتمر موسع بالقاهرة.

وعند انعقاد مؤتمر القاهرة في اذار 1921 ناقش المسؤولون البريطانيون مستقبل العراق. فأراد البريطانيون السيطرة على العراق من خلال وسائل غير مباشرة، وذلك عن طريق تثبيت مسؤولين سابقين ذوي علاقة ودية بالحكومة البريطانية. وقرروا في نهاية المطاف تثبيت الامير فيصل بن الحسين ملكا على العراق.

وكان فيصل قد عمل مع البريطانيين قبلاً في الثورة العربية خلال الحرب العالمية الأولى، وكان يحظى بعلاقات جيدة مع بعض المسؤولين المهمين. واعتقد المسؤولون البريطانيون أيضا أن تنصيب فيصل ملكا من شأنه أن يمنعه من قتال الفرنسيين في سورية والإضرار بالعلاقات البريطانية-الفرنسية.

 نجاح الثورة الثانية

واخيرا فان الثورة عنصر يؤكد وحدة العراق ويعزز الروح الوطنية العراقية.

وأظهرت الثورة الاولى تعاوناً غير مسبوق بين المسلمين السنة والشيعة على الرغم من أن هذا التعاون لم يستمر لفترة أطول بعد نهاية الثورة.لقد ادت ثورة العشرين الاولى الى تغيير شكل نظام الحكم لكنها لم تستطع التخلص من النفوذ الاجنبي.والامل كبير في نجاح ثورة العشرين الثانية في تحقيق اهدافها بالتخلص من النفوذ الاجنبي في العراق والقضاء على الفساد والمفسدين وتغيير نظام الحكم القائم على المحاصصة والطائفية واستعادة الاموال المنهوبة واجراء انتخابات عامة مبكر.

اظهر المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

This site is protected by wp-copyrightpro.com