مجتمع

في تاريخ قريتي (ق2) .

في تاريخ قريتي (ق2)

ذكر خضير العزاوي في كتابه لواء ديالى (ص73) أنّ الهويدر قرية قديمة وعريقة ومهمة تقع شمال مدينة بعقوبة بمسافة خمسة كيلومترات بطريق مبلط وقد أنشأت هذه القرية على ما يظن سنة 929هـ ـ 1510م ، واسمها فارسي مأخوذ من هوادار، أي مجمع الهواء ، وقيل أنّ اسمها تركي جاء من الهواء العذب . وهذه القرية من متروكات نهر ديالى بعد أن تغيّر مجراه . وكرّر قول العزاوي المحامي جمال بابان في كتابه أصول أسماء المدن والمواقع العراقية في الجزء الثالث منه (ص79) إلاّ أنّه أهمل التسمية الفارسية ، ونسب الفقرة الأخيرة إلى كتاب العراق الشمالي لمؤلفه الدكتور شاكر خصباك (ص51) في الهامش .

يبدو أنّ المحامي جمال بابان اعتمد فيما سطره عن الهويدر على ما ذكره الأستاذ خضير العزاوي في كتابه لواء ديالى لصدور كتاب لواء ديالى عام 1969م طباعة الإدارة المحلية لبعقوبة ، وأنّ العزاوي بنى هذه المعلومة على ما ذكر في فرمان صدر الدين رضي الدين ابن الصدر شرف الدين الشيباني رحمه الله الذي ذكره الأستاذ عماد عبدالسلام رؤوف بمقاله المنشور في مجلة البلاغ الغرّاء العدد الثاني للسنة السادسة بعنوان (قرية القاطع المندثرة في ديالى) ، وقد ردّ على هذا المقال الدكتور رضا محسن القريشي ، والذي قال في ردّه : أنني من خرنابات وأعرف المنطقة شبراً شبراً ، وبستاني التي ورثتها عن والدي محسن حمود الراضي القريشي تقع على القاطع ، وأنّ قرية القاطع المندثرة في ديالى ، فليس لها وجود قطعاً ، وأنّ الوثيقة التي بين يدي الأستاذ عماد عبدالسلام تشير صراحة إلى بساتين النقيب التي تعود إلى صفاء الدين عبدالرحمن الكيلاني والد السيد منصور الكيلاني .

وأنا أعلق على كل ذلك فأقول :

  1. إنّ ما نسبه الأستاذ خضير العزاوي من أنّ اسم الهويدر مأخوذ من التسمية الفارسية (هوادار) أي مجمع الهوى ، أو أنّه تركي جاء من (هواء ايدر) . لا دليل عليه ؛ لأنّ الهويدر وخرنابات كلاهما يقعان في امتداد واحد بالقرب من نهر ديالى ، وخريسان ، فلماذا اختصت الهويدر من دون خرنابات بتلك التسمية ؟ ولماذا عذب هواءها من دون غيره من القرى ؟.
  2. إنّ ما ذكره المحامي جمال بابان من أنّ : قرية الهويدر من متروكات نهر ديالى بعد أن تغيّر مجراه ، ونسب ذلك للدكتور شاكر خصباك في كتابه العراق الشمالي دراسة لنواحيه الطبيعية والبشرية ، والمنشور بمساعدة جامعة بغداد عام 1973م بمطبعة شفيق ، وهو نادر نسبياً . بيد أنني أمتلك نسخة منه ولم أجد لما قاله بابان من أثر يذكر ! . وهذا ليس غريباً ، فالأمانة العلمية تتلاشى كلما تقادم الزمان ، حتى لدى المؤسسة الأكاديمية ، والشواهد على ذلك كثيرة .
  3. قال الدكتور سهيل صابان في المعجم الموسوعي للمصطلحات العثمانية (ص 164) عند تعريفه للفرمان : الأمر السلطاني الرسمي المكتوب الصادر في قضية من القضايا . يماثله في المعنى : ببي ، وحكم ، ومثال ، وتوقيع ، ويارلغي ، ونيشان ، وبرات ، ومنشور . كان يتم تدوينه بالخط الديواني في الديوان الهمايوني ، ويسجّل ملخّصه في سجل الديوان ، ويشتمل عادة على طغراء السلطان ونوع الفرمان ، والسبب الذي أدى إلى إصداره ، والغرض منه بعبارة صريحة والتاريخ ، وكان يصادف في بعض الأحيان تعليق بخط السلطان على الفرمان . وتعريف الطغراء (ص149) هو : الشعار الذي اتخذه سلطان من السلاطين العثمانيين علامة له وتوقيعاً . كان يدون به المعاهدات والفرمانات والخطوط الهمايونية وغيرها من الوثائق ، يقوم بكتابته في أعلى وسط الوثيقة نشانجي المسمى توقيعي أيضاً (نسبة إلى التوقيع) .

ولا ندري ، هل أنّ الفرمان الذي اعتمده من أرّخ للهويدر يشتمل على المواصفات التي ذكرها الدكتور سهيل صابان في تعريفه ؟ . وأرى أنّ الهويدر أسبق مما أرّخ لها فيما لو رجّحنا ما ذكر من أنّها قرية من قرى بغداد كما مرّ بنا سابقاً .

 

 

 

 

 

 

د عبدالحسين أحمد الخفاجي

اظهر المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

This site is protected by wp-copyrightpro.com