مقالات

الدكتور كاظم حبيب

من استمع إلى رسالة عادل عبد المهدي الموجهة إلى الشعب العراقي أو سمع بها، التي أذيعت من أكثر من قناة عراقية بتاريخ 03/11/2019، يمكنه أن يسجل ثلاث فرضيات، وهي:

1) إما إن هذا الرجل دكتاتور صغير لا يأبه بالدم العراقي ولا بمطالب الشعب التي دعت إلى استقالته فوراً، بل يسعى جاهداً على كسب الوقت للإجهاز على المنتفضين بذريعة العنف ووجود خارجين على القانون!؛ 2) أو أن يكون الرجل معتوهاً وفاقداً لعقله بالتمام والكمال، ولم يعد يتذكر إن مئات الضحايا التي سقطت على أيدي أجهزة الأمن والميليشيات الطائفية المسلحة والحشد أللاشعبي والقوى الإيرانية التي وصلت إلى العراق خلال شهر تشرين الأول/أكتوبر 2019، إضافة إلى آلاف الجرحى والمعوقين وآلاف المعتقلين والمختطفين والمغيبين والمعذبين من بنات وأبناء الشعب المنتفض وبقرارات مباشرة منه. وأخر مختطفين هما سيف راضي، الذي وجد مقيداً ومعذباً ورمياً على قارعة الطريق ومغشياً عليه، والسيدة الناشطة المدنية والإسعافية صبا المهداوي، والتي لم تعد حتى الآن إلى عائلتها، وإن الشعب لا يمكن أن يغفر له وللنخبة السياسية الحاكمة ما فعلوه طيلة الأعوام الفائتة حتى الوقت الحاضر، حيث يمارسون قتل الناس وتعذيبهم بدم بارد، كما فعل أتباع الدكتاتور صدام حسين وأبشع؛ 3) أو أن يكون ابن المنتفگي محتجزاً ورهينة تفرض عليه القرارات وكتابة الرسال على وفق ما يقرره العميد العسكري وممثل ولي الفقيه علي خامنئي في المنطقة الخضراء وعموم العراق قاسم سليماني، الذي وصل العراق خصيصاً لدفن الانتفاضة الشعبية.

ويبدو إن قادة الدولة الإمعة أصبحوا يستجيبون لطلبات سليماني وسيده خامنئي دون عنوة، كما فعل كل من رئيس الجمهورية ورئيس الوزراء ورئيس مجلس النواب والسلطة القضائية التي لم تحقق حتى الآن مع من أصدر الأوامر بقتل المتظاهرين، ومع من طالب المنتفضون البواسل بمحاسبته وتقديمه للقضاء من حكام العراق منذ العام 2004 حتى الآن.

لقد وجه هذا الدكتاتور الصغير والبائس رسالة وقحة استخدم فيها، كما يقال “الجزرة والعصا”، فهو من جهة يتحدث عن تحقيق الإصلاحات، التي فات أوانها اصلاً، ومن جهة أخرى يهدد باتخاذ أقسى العقوبات لمن لا يلتزم بما تطلبه الحكومة من المتظاهرين وركز على الخارجين على القانون. وعادل عبد المهدي يدرك بأنه وحكومته العراقية ومجلس النواب وبقية الحكام هم الخارجون على الدستور وقوانين البلاد، وهم الذين داسوا على الدستور العراقي والقوانين المرعية وكرامة الإنسان العراقي امرأة كانت أم رجلاً، وهم الذين، مع بقية الأحزاب الإسلامية السياسية، نهبوا الدولة والمال العام والموارد الأولية، لاسيما النفط الخام، وهم الذين، مع أحزابهم الإسلامية السياسية الطائفية الفاسدة، زورا الانتخابات وشوهوا حياة الإنسان العراقي وسلموا الموصل ونينوى لعصابات داعش لتعيث فيها فسقاً وفساداً وقتلاً وتدميراً..

إن الحكومة العراقية يا عادل عبد المهدي الراهنة، والحكومات الأخرى قبلها، هي الخارجة على القانون وليس الشبيبة المتظاهرة، ولا الشعب المطالب بحقوقه (انزل ..أخذ حقي)، وهي التي تترسل بعض المرتزقة القادمين من إيران أو المنتمين للميليشيات الطائفية المسلحة التابعة لإيران وأحزاب إيرانية في العراق لإشعال الحرائق وخلق الفوضى في البلاد لتسهيل مهمة الهجوم على المنتفضين بدعوى الفوضى والخروج على القانون. هذه اساليبكم يا عادل عبد المهدي، أساليب الخامنئي وأتباعه في العراق وأتباع كل التشكيلات الإرهابية، سواء أكانت محلية أم عربية أم إسلامية أم دولية!

لا يستحق رئيس الوزراء الرد على رسالته وثرثرته الفارغة، إذ إنه يتحدث وكأنه يعيش في كوكب أخر. لقد كان عليه أن يقدم استقالته فوراً بعد مطالبته وقبل سقوط أول مجموعة من الشهداء في ساحات العراق، فالشعب هو مصدر السلطات وليس مجلس النواب الذي جاء في أغلبه بشراء المقاعد بالملايين من الدولارات وبموافقة القوى الطائفية الفاسدة والمتحكمة بالمفوضية غير المستقلة للانتخابات التي ساهمت بحيوية بالغة في تزوير وتشويه الانتخابات. إن المثل الشعبي العراقي القائل ” عرب وين طنبورة وين” يعبر بصدق عن رسالة الهبل عادل عبد المهدي الموجهة للشعب العراقي، هذا الفلاح المهموم بسبب نزاع وقتلى من عشيرته، الذي قال عن زوجته الطرشة والخرسة ذلك القول المأثور، وهي التي اعتقلت إن إشارته المهمومة تعني أنه يريد منها شيئاً آخر!!! والشعب يرى في رسالة رئيس الوزراء إنه “الطنبورة”، الأخرس، والأطرش، والأعمى أيضاً!!!

سيبقى المنتفضون في الساحات العامة والشوارع وسيعلنون الإضراب العام في أنحاء البلاد وسيتخذون قرار إعلان العصيان المدني ليس لإسقاط الحكومة ومجلس النواب فحسب، بل والنظام السياسي الطائفي الفاسد وكل العملية السياسية المشوهة والمزيفة والمتحكم بها علي خامنئي وطغمته في إيران وأتباعه الأوباش في العراق. سيبقى المنتفضون المناضلون صامدين بوجه إرهاب الدولة ومن معها حتى تحقيق النصر للشعب على الحكام الطغاة الفاسدين والظالمين…

اظهر المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

This site is protected by wp-copyrightpro.com