مقالات

الوعود الانتخابية.. أحلام لا يحاسب عليها القانون

مراسلة بيدر/جيهان غديرة

من يقول انتخابات يقول حتما وعودا، ولا تشذ أية ديمقراطية عن هذه القاعدة، ولم تحد حملة الانتخابات الرئاسية المبكرة في تونس والمقررة في 15 سبتمبر/ أيلول الحالي من فرش الطريق بالنوايا الحسنة. فحين حدّ  دستور 2014  من صلاحيات رئيس الدولة و لخصها في ضبطه السياسات العامة في مجالات الدفاع والعلاقات الخارجية والأمن القومي ، بعد استشارة رئيس الحكومة .

فبمجرد الإعلان عن تنظيم الانتخابات الرئاسية ، ملأت أسماء  المرشحين  وبرامجهم الانتخابية الحالمة و المثالية  الشوارع  و الأسواق و الأزقة ، لكن كالعادة ، عندما تنتهي الانتخابات، تبدأ البرامج الحالمة بالاختفاء، ويبدو التلكؤ في التنفيذ واضح ، و لكن يبقى التساؤل مطروحا حول مدى جدية هذه الوعود ؟ ومدى التزم المرشح  الذي حصل على تأييد وثقة الناخبين بتنفيذ ما جاء في برنامجه الانتخابي؟

وعود خياليةشرط الدعم البرلماني

المتابع لجملة الوعود التي قدمها المرشحون الستة والعشرون يلاحظ أننا ابتعدنا ،إلى حد ما ، عن العروض الفلكلورية التي رافقت بعض المرشحين لانتخابات 2011 و2014 ولكننا لم نصل بعد ، إلى الوعود القائمة على دراسة دقيقة لإمكانيات البلاد ولإمكانيات التنفيذ فالأغلبية الساحقة من المتنافسين على كرسي الرئاسة في تونس، يطلقون العنان لوعود سياسية واقتصادية واجتماعية وثقافية يعرفون أنها لن تتحقق، وأنها مجرد أوهام يراد لها أن تعشش في عقل المتلقي عسى أن تكون الوقود الحيوي الذي يدفع بصاحبه لانتخاب هذا المرشح أو ذاك.

ولم تخلو الحملة الانتخابية الرئاسية من شتى أنواع الوعود … التي تعد بتونس « أفضل » و« أقوى » وبغد مشرق وبدولة عادلة تحارب الفساد والمفسدين والإرهاب والمهربين وبطي صفحات خيبات السنوات الثماني الماضية و بالتصدي للفقر والتهميش، فيما يعد آخر بتحسين الاقتصاد، بل ويذهب اخر إلى التلويح بأنه لو وصل إلى قصر قرطاج فإنه سيلغي جملة من قوانين يرى فيها مسّا بالحريات الفردية .    من المرشحين للانتخابات أيضا وصل به الأمر إلى إطلاق وعود بإعادة الحياة إلى الاتحاد ألمغاربي وبتنفيذ مشاريع مع دول كالجزائر وليبيا، مثل مناطق حرة مشتركة والاكتفاء ببطاقة الهوية الوطنية للتنقل، وكأن  بيده قرار الحكم في تلك الدول . كل ذلك  أملا في اصطياد ناخب يعول على انه عاطفي سريع النسيان … كذلك لم تخل الحملة من الوعود «المجنونة» و«الفلكلورية» من قبيل « اقامة حكم محلي . »

و فى هذا السياق  يرى الكاتب السياسي، وليد حدوق، أن القول بأن المرشحين وعدوا بما لا يملكون لا يكتسي وجاهته من ضيق نطاق الصلاحيات فحسب، إذ قد يتحجج البعض، حسب رأيه، بأن الصلاحيات ممارسة قبل أن تكون نصوصاً قانونية.  ويضيف ، إن الأمر يتعلق بكل الصلاحيات الممكنة، أي برئيس ورئيس حكومة متوافقين وينتميان للحزب ذاته، لتحرك أو تحقيق أي مكسب ممكن .

ولفت  حدوق ، في تصريح للموقع ، إلى أن أغلب المرشحين ركزوا على إمكانية أن يقدم رئيس الدولة مبادرات تشريعية وهي صلاحية يتيحها له الدستور. لكنّه استدرك قائلاً إن المرشحين يوهمون الرأي العام بأن تلك الصلاحية تمنحهم ” أداة مباشرة للتشريع “، منبها إلى أن ” الأمر يتطلب أن يكون للرئيس أغلبية تدعمه في مجلس النواب”.

الكرة  …  في ملعب الناخب

ساعات قليلة وتفتح مراكز الاقتراع أمام ناخب يحاول الكل مغازلته أيّا كانت السبل ويعول البعض على عزوفه ولا مبالاته ويذهب البعض الآخر إلى حد تخويفه … ساعات ويقرر الناخب الذي أغرقوه بالوعود طيلة الأسبوع و بالخيبات طيلة ثماني سنوات ليقول كلمته فمن سيحكمه … ساعات قليلة ويكون التونسي أمام الاختبار الحقيقي المؤجل منذ سنوات والذي لن يقرر فقط مصير الخمس سنوات القادمة بل ربّما مصير مسار بأكمله، فإمّا استعادة تونس القوية وإما مصير مجهول مخيف.
في الختام يقر الخبراء باستحالة تنفيذ جانب هام من الوعود الانتخابية  خاصة أن القانون الانتخابي يتحدث  عن تنظيم الحملة الانتخابية ووقتها، إلا أنه لا يوجد نص واضح وصريح يتعلق بحق المواطن في المقاضاة والمساءلة في حال عدم تحقيق للكتلة المرشحة لوعودها الانتخابية، فبنود قانون الانتخاب تنتهي عند فرز الأصوات إعلان النتائج النهائية دون أن تصل إلى أبعد من ذلك. ٕ

تقييم المستخدمون: كن أول المصوتون !
اظهر المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

This site is protected by wp-copyrightpro.com