مقالات

مكتبة “سامراء” العامة شاهد حضاري و ارث علمي

كانتْ وما زالت قبلة لأهل المدينة , يقصدها الطلبة والاساتذة والباحثون وهي نقطة لقاء لعشاق العلم والمعرفة والمطالعة , ضمت أمهات العلوم المعرفية من كل التصنيفات المعتبرة , وهي كما قيل : وخير جليس في الزمان كتابُ .

إنها المكتبة العامة بمدينة سامراء المقدسة, واحدة من الصروح العلمية المهمة والتي كان وما زال لها الدور الكبير في رفد الحركة العلمية ونهضتها ينهل منها ابناء المدينة العريقة لأبناء سامراء كنزٌ من الذكريات العطرة في هذه المكتبة يتناولونها في مسامراتهم , يتذاكرون ويذكرون فضل هذه المكتبة في تطوير حياتهم وتنورهم بعلومها على الرغم من تعرضها الى ابشع هجمة همجية في تاريخ المدينة المقدسة وما عانته هذه المكتبة من ويلات الاحتلال .

اتخذها الاحتلال الامريكي مقرا له في سنة 2004 وعاثوا فيها دمارا وتخريبا بعدها اصبحت المكتبة العامة مهملة جدا من قبل الحكومات المتعاقبة على حكم العراق ورغم ما عانته فقد صمدت وبقيت المكتبة العامة نشطة بطلبة العلم على كل مراحل دراستهم المختلفة , نهبت العديد من نفائس المكتبة على يد الاحتلال وأحرق القسم الاخر من الارشيف الخاص بالمكتبة من صحف ومجلات دورية علمية كما ضاعت الكثير من المخطوطات الموجودة آنذاك.

التقينا بأمين المكتبة السيد حافظ البدري وكان حديثنا عن المكتبة قائلا : كانت مكتبة سامراء العامة تضم أكثر من 10 آلاف كتاب ومخطوط ولكل العلوم من المصادر والمراجع عدا الصحف والمجلات الدورية من ضمنها المجلات العلمية المحكمة منها مجلة المجمع العلمي العراقي بكل اعدادها ومجلة سومر الخاصة بالدراسات الاثارية والتراثية ومجلة لغة العرب للأب انستانس مارلي الكرملي وقد تم تخصيص بناية للمكتبة العامة من قبل مجلس الاعمار بالعهد الملكي في سنة 1951 وتم بناؤها في حي الاعمار بالقرب من قائم مقامية سامراء وافتتحها جلالة الملك المغفور له المرحوم فيصل الثاني مع افتتاح سد سامراء في سنة 1956 .

تولى امانة المكتبة في هذه البناية الجديدة الاستاذ المرحوم عبد الرزاق شاكر البدري , وكانت المكتبة العامة بين الفترة 1956 والى 1990 عصر ازدهار وتقدم وفي قمة المؤسسات العلمية الراقية , بعد احداث الحرب الثانية (احداث الكويت – العراق) اصاب المكتبة خمول وأضرار من الناحية العلمية والثقافية حيث قلّت الحركة الفكرية والعلمية في المكتبة العامة بسبب الحصار الظالم حيث تعرضت الكثير من المؤسسات العلمية للدمار بسبب الحروب والسياسات الرعناء آنذاك التي أدت الى هذا المصير .

مع بدايات الاحتلال الامريكي للعراق تعرضت بناية المكتبة العامة الى أضرار كبيرة وجسيمة بسبب العمليات العسكرية للجيش الامريكي ضد المسلحين , وقد اتخذت من المكتبة العامة مقرا لها وسجنا للمعتقلين , إضافة الى تعرض المكتبة الى الفوضى والحرق والسرقة من قبل عناصر الجيش الامريكي والقوات المشتركة معه .

وكان امين المكتبة السابق الاستاذ حسن حبيب قد راجع مرات عديدة من اجل نقل ما تبقى من الكتب لكي يتم نقلها الى مكان آمن والحفاظ عليها ولعديد من المراجعات والمخاطبات الرسمية العقيمة مع قيادة الجيش الامريكي والقيادة المشتركة تم استحصال الموافقة ونقل ما تبقى من الكتب وتم نقلها الى بناية كلية الهندسة جامعة سامراء حاليا حيث تم تخصيص قاعة بسيطة تم جمع الكتب فيها , وتم تصنيف الكتب المنقولة وترتيبها وجردها في سجلات كلا حسب نوعها وترقيمها ونظمت على الرفوف وقد استغرقت هذه العملية مدة خمسة اشهر , ولم تتلق المكتبة اية مساعدات حكومية اطلاقا وانما كان كل هذا العمل ذاتيا من قبل موظفي المكتبة تم توفير الرفوف والصناديق المخصصة للخزن والمساطب وغيرها مما تحتاجه المكتبة العامة إضافة الى بعض الناس الاوفياء للمكتبة الذين بذلوا قصارى جهدهم من اجل احياء هذا الارث العلمي المهم .

وقد زارها فريق من منظمة اليونسكو وأطلعوا على الاضرار التي لحقت بالمكتبة العامة وموجوداتها والنقص الحاصل في المكتبة فتم تقييم الاضرار وجردها , فكانت مبادرة من هذه المنظمة ان تم تقديم بعض الاثاث من مناضد مخصصة للقراءة ومقاعد للجلوس ومكاتب للإدارة .

كما قدمت منظمة اليونسكو مشكورين. عددا من المصادر والمراجع التي تحتاجها المكتبة , كذلك استقبلنا بعض التبرعات البسيطة من بعض المثقفين وهذه التبرعات عبارة عن كتب تاريخية وعلمية تمت اضافتها الى المكتبة . . نعود الى سابق العهد كانت مكتبة سامراء العامة في الستينات من القرن الماضي تضم العديد من المكتبات الخاصة التي تبرع بها العديد من الشخصيات العراقية والعربية من مصر والعراق حيث كانت تضم اندر الكتب النفيسة , والحركة الطلابية في هذه المكتبة على اوجها الى بداية التسعينات حيث اصابتها الانتكاسات الواحدة تلو الاخرى بسبب الظروف التي مر بها البلد .

اظهر المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

This site is protected by wp-copyrightpro.com