مقالات

حول صحيفة ( ليتيراتورنايا غازيتا ) الروسية

صورة بوشكين وغوركي على صفحتها الاولى دائما , جنبا لجنب مع تسميتها , وذلك لان بوشكين اقترح اصدارها آنذاك.

وصدرت فعلا عام 1830 وكان بوشكين محرر صفحة الشعر فيها , الا انها توقفت عن الصدور عام 1831 , أما غوركي فقد اقترح اعادة اصدارها عام 1929 في الاتحاد السوفيتي باعتبارها صحيفة ترتبط باسم بوشكين, وعادت فعلا للصدور حسب اقتراح غوركي, ولم تتوقف منذ ذلك الحين و لحد الوقت الحاضر . الحديث يدور هنا طبعا و حسب عنوان مقالتنا عن صحيفة ( ليتيراتورنايا غازيتا ) الروسية الاسبوعية , والتي يعرفها القارئ العربي جيدا الان , بحيث لم نعد نكتب له ترجمة تسميتها الى العربية – ( الجريدة او الصحيفة الادبية ) كما كنا نفعل سابقا , عندما نكتب عنها او نترجم من موادها الثقافية المتنوعة . وتعميقا لمعرفة القارئ العربي بهذه الصحيفة و تاريخها , نحاول هنا ان نقدّم بعض الملاحظات عنها , و التي نرى– من وجهة نظرنا – انها طريفة ومهمة اولا ,  و  نظن , ثانيا , ان القارئ العربيلا يعرفها عن هذه الصحيفة , ونعتقد بشكل عام , ان هذه الملاحظات تزيد من معرفة القارئ بالثقافة الروسية ومصادرها .  

ا نتوقف عند نقطة ترتبط بعدد النسخ التي تطبعها هذه الصحيفة , اذ توجد ارقام طريفة حول ذلك , وهذه الارقام هي مؤشّر لا يقبل الشك على نجاح او فشل تلك الصحيفة . كان العدد في عام 1930 هو 60 الف نسخة , و في عام 1962 اصبح 300 الف , وفي عام1973 ارتفع الى مليون و نصف مليون نسخة , وفي عام 1982 اصبح 3 ملايين , وفي عام 1989 اصبح 6 ملايين ونصف المليون, وفي عام 1991 انخفض الى مليون ونصف , وفي عام 1993 اصبح 2 مليون , وفي عام 2010 تراجع الى150 الف فقط , وفي عام 2013 اصبح 148 الف نسخة .

ان النظرة التحليلية البسيطة على هذه الارقام ترسم لنا صورة ناطقة ( ان صحّ التعبير) لهذه الصحيفة . لقد بدأت الصحيفة برقم معقول و متواضع بالنسبة لبلد مثل الاتحاد السوفيتي في الثلاثينات – (60) الف نسخة , وتحوله الى(300) الف نسخة في الستينات ايضا رقم منطقي ومفهوم , اذ اصبح الاتحاد السوفيتي اكثر استقرارا بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية والتغيرات المعروفة بعد وفاة ستالين والتي تسمى مرحلة ذوبان الجليد , ولكن هناك طفرة مدهشةوغريبة حدثت في السبعينات , عندما وصل الرقم الى ( مليون ونصف) نسخة , وتضاعف الرقم في الثمانينات – (3 ملايين) نسخة , وفي نهاية الثمانينات اصبح ( 6 ملايين ونصف) , وهي ارقام ضخمة وكبيرة جدا بالنسبة لصحيفة تعنى بالادب والفن , وتعتبر لسان حال اتحاد الادباء السوفييت ليس الا.صحيح ان الصحيفة اصبحت اوسع من الاهتمام بقضايا الادب فقط , وأخذت تتناول مواضيع حادة مطروحة امام المجتمع , بما فيها السياسة والاقتصاد , الا ان الاهم , هو ان ( ليتيراتورنايا غازيتا ) قد تحولت الى منبر للتعبير عن تطلعات المواطن السوفيتي نحو التعايش الفكري و الحضاري مع العالم المحيط به خارج مفاهيم الشعارات المعلبة والجاهزة , التي كانت (تخنقه!) , والتي ضجر منها حد القرف. اكرر الارقام مرة اخرى – في السبعينات مليون ونصف, في بداية الثمانينات 3 ملايين , في نهاية الثمانينات 6 ملايين ونصف , واذكّر القارئ , ان انهيار الاتحاد السوفيتي حدث عام 1991 . لقد استطاعت هذه الصحيفة ان تعكس كل تلك التغييرات الجذرية التي حدثت في المجتمع السوفيتي دون ان تتحول الى صحيفة سياسية تتابع الاحداث وتلهث خلفهاليس الا , وقد كنت شاهدا , عند زياراتي المتكررة اثناء العطل الصيفية فيالسبعينات والثمانينات الى روسيا , كيف كان القراء السوفييت يحصلون على اعداد تلك الصحيفة بصعوبة , وكيف يتجمعون عند اكشاك الصحف للحصول عليها قبل نفاذها, وقد اضطررت انا للاشتراك بها , اذ لم يكن بمقدوري ان اتنافس مع السوفييت للحصول عليها , وقد استفدت من ذلك الاشتراك بها كثيرا , لأني كنت اترجم مقالاتها اول باول في العراق , واختتم هذه الملاحظات عن الصحيفة بالاشارة الى بعض المقالات , التي لازلت اتذكر عناوينها , والتيترجمتها من تلك الصحيفة و نشرتها في صفحة (آفاق) بجريدة الجمهورية البغدادية عندما كان الصحافي العراقي الكبير محمد كامل عارف يديرها , ومنها – ( دالي يقول للحقيقة – كش ملك ) و ( نقاش مثل حبل طويل مع رسول حمزاتوف ) و ( حوار بين طبيب روسي وطبيب امريكي حول قول الحقيقة للمريض ) و ( الحرية – يا لها من كلمة حلوة ) ..الخ , وكنت حتى اعطي بعض تلك المقالات لزملائي كي يترجموها وينشروها باسمهم لأنه لم يكن باستطاعتي القيام بكل ذلك بمفردي . 

صحيفة ليتيراتورنايا غازيتا الان اصبحت واحدة من الصحف الروسية الاعتيادية , ولم تعد تطبع اعدادها بتلك النسخ الهائلة طبعا , ولكنها لازالت تمتلك بريقها العتيق ومجدها التليد …  

تقييم المستخدمون: كن أول المصوتون !
اظهر المزيد

أ.د ضياء نافع

مواليد بغداد 1941 • ماجستير في اللغة الروسية وآدابها 1965/ 1966 – الاتحاد السوفيتي ودكتوراه في الادب الروسي 1970 / 1971 – فرنسا. • رئيس فرع اللغة الروسية في كلية الآداب بجامعة بغداد من 1975 الى 1984 • رئيس قسم اللغة الروسية في كلية اللغات بجامعة بغداد 1989 – 1990 • معاون عميد كلية اللغات بجامعة بغداد 1993 الى 2003 • عميد كلية اللغات المنتخب 2003 – 2006 . • حاصل على درجة الاستاذية (بروفيسور) 1996. • مدير مركز الدراسات العراقية – الروسية في جامعة فارونش الحكومية الروسية 2006 – 2012. • عضو اتحاد الادباء والكتاب في العراق / عضو شرف في اتحاد ادباء روسيا. • رئيس مجلس ادارة دار نوّار للنشر في بغداد .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

This site is protected by wp-copyrightpro.com