أبحاث

المتعاونون مع العدو/ فيدكون كويسلينغ

الدكتور ضرغام عبد الله الدباغ

فيدكون كويسلينغ ضابط وسياسي نرويجي ولد في تموز / 1887 وتوفي في 24 / تشرين الأول/ 1945،  تولى منذ 1931 وحتى 1933 منصب وزير الدفاع، ومن ثم تولى من عام 1933 وحتى 1945 زعامة الحزب الذي تولى بنفسه تأسيسه، ” حزب التجمع الوطني الفاشيستي “، بعد أن غادرت حكومة الحزب الاشتراكي الديمقراطي المنتخبة البلاد إلى المهجر بسبب قيام ألمانيا النازية باحتلال النرويج. لذلك قاد كويسلينغ الحكومة منذ 1942 وحتى 1945 كرئيساً للوزراء، والتي اعتبرت حكومة دمية بيد قوات الاحتلال الألمانية.

وحتى يومنا هذا يعتبر أسم كويسلينغ كرمز لمصطلح التعاون مع العدو Collaborationوللخيانة، بهذه اللفظة في عدة لغات بجانب اللغة النرويجية، في الإنكليزية والألمانية، واللغة السويدية، وقد أسندت إليه هذه التهمة أبتدأ صحيفة التايمز اللندنية (The Times) في نيسان عام 1940 .

ولد فيكون كويسلينغ  كأبن لقس بروتستانتي، المعروف بذكاءه، والرجل وزوجته وعائلته تعتبر من الأسر القديمة والمشهورة في محافظة تيليمارك. وبد أن أنهى كويسلينغ دراسته في أكاديمية الحرب، بنتائج ممتازة، أرتقى بعد بضعة سنوات إلى رتبة مقدم.

ومسيرته السياسية أبتدأ منذ عام 1922 عندما عمل بمعية فريدتيوف ناسنس في الاتحاد السوفيتي خلال فترة المجاعة من عام 1927 وحتى عام 1929 كان دبلوماسياً في موسكو. وفي أعوام ال 1930 بدأ بالتقرب من الأفكار الفاشية. وفي عام 1931 أصبح وزيراً للدفاع، ولكنه غادر الوزارة عام 1933.

وفي 13/ أيار ــ مايو / 1933 أسس كويسنغ  ومدع عام الدولة برنارد هايورت الحزب الفاشستي الذي أطلقوا عليه ” التجمع الوطني” الوحدة الوطنية ، وكانت حركة معادية للديمقراطية مصممة حسب مبادئ ” الزعيم ” (هتلر)، وكويسينغ كان ” زعيم الحزب تشبهاً بزعيم الحزب النازي أدولف هتلر.

وتمكن الحزب من تحقيق أنتصاراً حاسماً في انتخابات عام 1933، بعد 4 شهور من تأسيس الحزب،  وتمكن من حصد 27,000 صوت، وهو ما يمثل 2% وبفض مساعدة ” الفلاحين النرويجيين ” الذين كانوا على صلة حسنة بكويسينغ منذ أن كان وزيراً للدفاع.

واعتباراً من 1935 وعندما أبتعد الحزب عن توجهاته الدينية، بأتجاه سياسية تؤيد ألمانيا الهتلرية، وتراجع الدعم من الكنائس، ففي انتخابات عام 1936 حصل حزب كويسلينع على عدد أقل من الأصوات التي حصل عليها في الانتخابات السابقة عام 1933، ولكن الحزب واصل التصلب في مواقف الفاشية مما أدى إلى تراجع التأييد الشعبي له. وفي بداية الغزو الألماني للنرويج أنخفض عدد أعضاء الحزب إلى 2000 عضو فقط، ولكن تصاعد فيما بعد إلى 45,000 عضو ممن قبلوا أن يكونوا متعاونين مع المحتل الألماني.

خلال الغزو الألماني للنرويج منذ 9 / نيسان ــ ابريل / 1940 حدث للمرة الأولى في تاريخ تحول في استلام السلطة في الدولة حين إعلان عن انقلاب عند إذاعة نشرة الأخبار، وفي خضم الاضطرابات التي أشاعها الغزو، طلب كويسلينغ إلى تشكيل حكومة مؤقتة. وكان كويسلينغ قبل عام من ذلك قد قام بزيارة إلى ألمانيا قابل فيها هتلر ولكنه لم يحز على تقديره والتعاطف معه وقد أعتبر هتلر كويسلينغ لا يحوز على شعبية كافية في أوساط الشعب النرويجي، وبالتالي أعتبره عديم الفائدة لأنه لا يتمتع بتأييد ودعم كافيين من السكان النرويجيين. ولم تصمد حكومة كويسلينغ سوى بضعة أيام. ففي 15/ نيسان ــ أبريل / 1940 قامت سلطة الإدارة بحلها. وكانت سلطة الإدارة ضرباً من مؤسسة نرويجية مؤلفة من خبراء وعناصر تكنوقراط،  أشبه بحكومة إنقاذ أو حكومة طوارئ.

وفي 24 / نيسان ــ ابريل / 1940حل في العاصمة النرويجية أوسلو حوزيف تيربوفين كوزير في حكومة الرايخ الألماني، كأعلى مؤسسة وقريبة من هتلر. وفي أيلول تم حظر نشاط وعمل كافة الأحزاب السياسية ومنظمات الشباب،  وصودرت ممتلكاتها. وبتاريخ 23 / آذار ــ مارس / 1941 قام مندوب الرايخ الألماني جوزف تيربوفين باعلان بيان أن من يقوم بجمع الأخبار أو يحاول ذلك في محاولة لدعم العدو سيحكم عليه بالموت. وهدد بسجن كل من يروج شفهياً أو تحريرياً عن مزاعم غير صحيحة أو مشوهة، عن الشعب الألماني والجيش الألماني “، وكذلك وجه التحذير لمن يقوم بتأسيس منظمات غير شرعية سواء كأعضاء أو داعمين لها.

وفي خريف 1941، منع الاستماع للراديو، وصودرت أجهزة اللاسلكي،  وابتدأ ذلك في سكان السواحل وشمال النرويج، وفيما بعد في سائر أرجاء النرويج. عدا الأعضاء في حزب كويسلينغ التجمع الوطني سمح لهم بأقتناء أجهزة الراديو.

(كوسلينغ يستقبل وزير الدعاية للألماني غوبلز)

وعلى الرغم من أن العلاقة بين كويسلينغ  وتيربوفين كانت تعتبر متوترة، عرض نيربوفين على كويسلينغ عام 1942 منصب رئيس الوزراء، ويفترض أن ذلك كان يمثل لكوسلينغ ميزة أن يسمح لشخصية نرويجية سلطة كبيرة  وربما كان في ذلك استعادة الهدوء والقبول بين أوساط الشعب النرويجي. وأستلم كويسلينغ هذا المنصب ابتداء من 1 / شباط ــ فبراير / 1942.

وبقي فيدكون كويسلينغ في منصبه حتى اعتقاله بتاريخ 9 / أيار ــ مايو / 1945 في مقره في أوسلو، في قصر منحه أسماً اقتبسه من الأساطير ، هذا القصر أصبح فيما بعد مركزاً ومعهداً لدراسات جرائم الإبادة والاعتقال والأقليات.

زوجة كويسلينغ الروسية ماريا فاسليفنا عاشت حتى وفاتها في أوسلو عام 1980 وحيدة، إذ لم يرزق الزوجان بأطفال.

المحاكمة

عن محاكمة فيدكون كويسلينغ كتبت الكاتبة السويدية استريد ليندغيرن،  التي منها بوصفها من بلد جار ومحايد نستدل سياسته. ومعلومات جمعت ونشرت التي استنسخت ونشرت كتقارير يومية صحفية عام 2015 بوقت طويل بعد وفاتهما (كويسلينغ وزوجته).في إطار مذكراتهما  لسنوات 1939ــ 1945.

قدم كويسلينغ مع إثنين من أقطار حزبه (البرت هاغلينو راغنر سكانكي)، للمحاكمة وأدينوا بتهمة الخيانة العظمى، وحكم عليهم بالإعدام رمياً بالرصاص، وتم تنفيذ الحكم بتاريخ 24 / تشرين الأول ــ اكتوبر / 1945 في  قلعة (حصن) أكرسهوس. والحكم بالإعدام في القضاء النرويجي مختلف عليه ومثير للجدل، لأن الحكومة النرويجية لم تعيد العمل بالحكم بالإعدام إلا عندما كانت في المنفى، ونفذت لمرة واحدة.  

تقييم المستخدمون: كن أول المصوتون !
اظهر المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

This site is protected by wp-copyrightpro.com