مقالات

الدولة والصحافة المستقلة.. سوء الفهم.

هيئة التحرير / المغرب.

الدولة والصحافة المستقلة.. سوء الفهم

@  سعد الكنس

 

أدى اختلاف رؤى كل من الدولة والصحافة إلى سوء فهم كبير بينهما، انتهى في أحيان كثيرة إلى تصادم بينهما، فيما هدفهما الواحد والأوحد هو خدمة الوطن والمواطن. فإذا كانت الدولة بكل أجهزتها ومؤسساتها تسهر على خدمة الوطن والمواطن وإنجاز المشاريع وتنزيل الديمقراطية على أرض الواقع، وتنفيذ مشروع الجهوية وغير ذلك، فإن الصحافة المستقلة رفيقة درب الدولة في إنجازاتها هذه، بالنظر إلى الدور الكبير الذي تلعبه الصحافة والصحافي في تنوير الرأي العام والرقي بالأفكار والمخيلة والتوعية في شتى المجالات العلمية والصحية والفكرية.

ستجد مؤسسات الدولة نفسها تلتقي مع اهتمامات الصحيفة والصحافي. فالصحافي لا يكون بالضرورة معارضا السلطة، لكنه يحاول النهوض بدوره كملاحظ، ويسعى إلى أن يعطي أفضل ما عنده للوطن والمواطن. فهو لا ينتقد من أجل النقد، بل إن وجوده يكتسي حيوية في الدورة السياسية والاقتصادية للبلاد. والخدمات الجليلة التي تؤديها وسائل الإعلام، بمختلف أشكالها، والصحافة بصورة خاصة، في مجالات تعزيز الإحساس بالأمن وسيادة القانون، تحتم أن تكون علاقة الدولة بوسائل الإعلام قائمة على الثقة المتبادلة وتحاشي الأفكار المغلوطة، وفتح المزيد من مجالات التعاون الوثيق بين الطرفين من أجل خلق رأي عام مستنير وواع بما يحدث حوله، وتعزيز الجهود الرامية إلى احترام القانون؛ ومن جهة أخرى، مكافحة الفساد المالي والإداري.

فالصحافي عندما ينتقد، فهو لا يتوجه بنقده إلى الأشخاص، وإنما إلى عملهم، إن كان به خلل لإصلاحه. وهذا من مصلحة الدولة والمواطن. وإن كشف جريمة اختلاس، فهو لا يهمه المختلس، بل يهمه مال الدولة والمواطن. وهذا أيضا من مصلحة الدولة والمواطن. والصحافي إن حاول لفت الانتباه إلى مشروع قانون، فهو ينور الرأي العام، ليدلي برأيه. وبذلك نكون جميعا فعلا دولة سائرة في طريق الديمقراطية. وهنا أيضا تلتقي الدولة والصحافي في خدمة الوطن والمواطنين. فلماذا، إذن، هذا الاصطدام وسوء الفهم مادام هدفهما واحدا؟

يمكننا هنا ذكر بعض أسباب هذا الصدام، منها مثلا أن بعض رجال الدولة ينقصهم الوعي برسالة وسائل الإعلام والصحافة وطبيعة عملها وأولوياتها. كما يميل بعض رجال الدولة إلى فرض رقابة على الأنباء، متناسين حق الجمهور في معرفة الحقائق. وغالبا ما يضيق بعض رجال الدولة ذرعاً بالنقد، ولا يطيقون تناول الصحافة ووسائل الإعلام لنواحي القصور والخلل المنسوب إليهم.

يمكن أن نتساءل عن المتضرر من هذا التضييق. بالطبع، لا يوجد مستفيد من هذا التصادم. ويبقى المتضرر هو الوطن طبعا. هكذا، تتضرر الديمقراطية مع سوء الفهم هذا القائم بين الدولة والصحافة المستقلة. من هنا، ينبغي أن تطوي الدولة صفحة هذا التصادم مع كل تجربة إعلامية تسعى بحسن نية إلى معالجة القضايا الجوهرية للوطن، وإن كان ذلك عن طريق النقد. ستكون أولى خطوات هذا التصالح الإفراج عن معتقلي الرأي والتعبير، وإبراؤهم من التهم التي ألصقت بهم، وتمتيع الصحافة بحقوقها كاملة في الحصول على المعلومة والتعبير عنها بكل حرية. 6

اظهر المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

This site is protected by wp-copyrightpro.com